أُقفل باب التنازل رسمياً، أمس، على انسحاب 44 مرشحاً من السباق الانتخابي لمجلس أمة 2024، ليتراجع عدد المنافسين على مقاعده إلى 200 مرشح، بعد شطب 14 آخرين.
وكانت الدائرة الرابعة الأكثر من حيث عدد المتنازلين، بواقع 16، تلتها «الثانية» بـ 14 متنازلاً، ثم «الخامسة» بـ 7، فـ «الأولى» بـ 4 متنازلين، في وقت جاءت الدائرة الثالثة الأقل، حيث تنازل فيها 3 فقط.
وبموجب حالات التنازل والشطب، سيتنافس على مقاعد الدائرة الأولى 41 مرشحاً، و«الثانية» 39، و«الثالثة» 32، و«الرابعة» 48، و«الخامسة» 40.
وفي تفاصيل الخبر:
في الوقت الذي تصل انتخابات مجلس الأمة الى أيامها الأخيرة لانعقادها في شهر رمضان المبارك، وجّه المرشحون في كل الدوائر الانتخابية جلّ اهتمامهم نحو استخدام سلاح الفضاء الرحب (الإنترنت) وما صاحبه من تطور إعلامي وتسويقي كبير وغير مسبوق، أشبه بثورة تكنولوجية على صدر صفحاته المتعددة، وعلى سبيل المثال، منصة إكس، وإنستغرام، وفيسبوك، ويوتيوب، وسناب شات، وواتساب، وغيرها من الصفحات العنكبوتية الأخرى من أجل الوصول إلى أكبر شريحة من الناخبين والناخبات، إذ يعي المرشحون جيدا أن امتلاك هذا السلاح والتركيز عليه مهم للغاية، لكونه يجمع كل الفئات والأطراف المعنيين بالمجتمع الانتخابي في هاتف ذكي واحد.
تغييرات متسارعة
وفي حين يشـهد العـالم المعاصر مجموعـة مـن التغـيرات المتسـارعة في مجـال الاتصال وتقنيـة المعلومـات، مما جعـل العالم قرية كونية تنتقل فيها المعلومات إلى جميع أنحاء الكرة الأرضية في أجزاء من الثانية أصبحت لهذه التغييرات تأثيرهـا المباشـر علـى الأفـراد والمؤسسـات المكونـة للمجتمعـات، وهو ما دفـع المجتمعـات إلى قبـول هـذه المستحدثات والتكيّف معها لتحقيق الاستفادة مما تقدمه من مزايا في جميع المجالات.
وتمثّل الشبكات الاجتماعية مجموعة من مواقع التواصل التي تتيح التفاعل بين الأفراد داخل بنية مجتمع افتراضي، تجمع بين أفراده اهتمامات مشتركة، وتجلّى ذلك في وجود المجتمع الانتخابي في الكويت خلال انتخابات «أمة 2024» من خلال مواقع التواصل عبر الإنترنت، وأفرزت هذه التكنولوجيا صُنّاعا للمحتوى الرقمي لمخاطبة جماهيرهم بصورة سهلة وبسيطة وميسرة.
وأصبحت وسائل التواصل الاجتماعي في انتخابات أمة 2024 أهم وسائل الاتصال الجماهيري بين الناخب والمرشح عبر تصريحات وندوات ولقاءات وتغريدات وجولات وبودكاست وبث مباشر وغيرها من الوسائل الإعلامية الأخرى التي يبتغي المرشح من ورائها أن ينال الخير من الناخب المتمثل في كسب تأييده والحصول على صوته، فربما رسالة واتساب أو تغريدة أو سنابة أو بوست يوصل المرشح إلى ناخب معين، ويميل الى التصويت اليه في 4 أبريل المقبل.
وباتت مواقع التواصل الاجتماعي رافدا إعلاميا إلكترونيا مهما في أمة 2024، إذ يسعى المرشح من خلالها إلى التأثير في الرأي العام والحشد عبر المجموعات أو الصفحات.
تأثيرات
وأحدثت وسائل التواصل الاجتماعي تأثيرا واسعا في مسار الانتخابات بمجالس الأمة الأخيرة المتعاقبة، واليوم تصل إلى ذروتها من تطور الوسائل وصناعة المحتوى والاستعانة بمشاهير السوشيال ميديا، من أجل الترويج الانتخابي للمرشحين، محاولين التأثير في جمهورهم وحشده لتأييد مشاريعهم وآرائهم وصولا إلى البحث عن أسمائهم في ورقة الاقتراح وتدوين علامة صح أمامها.
ويتم استخدام مواقع التواصل في العملية الانتخابية من خلال شقّين، الأول مخاطبة المرشحين لجمهورهم وممارسة الإعلام الانتخابي، والثاني باستخدام مواقع التواصل في الدعاية والإعلان الانتخابيين، ويستخدم المرشحون هذه المواقع للتواصل مع جماهيرهم وعرض برامجهم وطروحاتهم بهدف التجييش ورفع نسبة الأصوات المؤيدة، لكن لا بد من الإشارة إلى أن هذه العملية يجب أن تبقى ضمن ما تفرضه أخلاقيات التخاطب مع الجمهور والابتعاد عن الإساءة للمرشحين الآخرين، بحيث يكون ذلك تحت المسوؤلية الاخلاقية، فحرية المرشح يجب أن تقف عند المساس بحريات الآخرين كي لا يصل الامر الى طائلة القانون.
تكافؤ الفرص
إن مواقع التواصل الاجتماعي باتت ترسخ قاعدة تكافؤ الفرص بين المرشحين ومناصريهم لناحية الإعلام الانتخابي، فهي تمكن كل مرشح من خلق بيئة إلكترونية للتواصل مع الجمهور عبر الفضاء الإلكتروني، وهنا بإمكان الناخب من خلال سماع أو رؤية برنامج أو محتوى المرشح أن يقرر ما إذا كان هذا المرشح مناسبا أن يمثله في مجلس الأمة أولا، لذلك فهي طريقة سهلة وصعبة في نفس الوقت، وتعتبر سلاحا ذا حدين، وباتت السمة العليا في انتخابات مجلس الأمة لهذا العام.
وأصبح هناك تأثير كبير للحملات الانتخابية التي تدار عبر مواقع التواصل الاجتماعي على اتجاهات الرأي العام وقدرتها على تغيير آراء الناخبين أو المقترعين، وشكلت فرصة أمام المرشحين لعرض برامجهم الانتخابية والتواصل مع ناخبيهم، حيث بات بإمكان وسائل التواصل الاجتماعي عبر ما تتضمنه من حملات واقتراحات التأثير على الناس وتشكيل الرأي العام في المجتمع الانتخابي بالكويت في الدوائر الانتخابية الخمس، فهذه الوسائل تؤدي دورا مهما ومحوريا في خدمة المرشحين لاسيما أنها قليلة الكلفة ولا تحتاج الى ميزانيات طائلة، فكل مرشح بات يملك حسابات شخصية بإمكانه التواصل مع المجتمع الانتخابي من خلال منصات الإنترنت ووسائل التواصل التي أصبحت أمام مرأى ومشاهدة كل أفراد المجتمع الانتخابي رجالا ونساء.
النشر الذكي
ويعتبر تواجد المرشحين وبرامجهم الانتخابية في صفحات التواصل الاجتماعي أحد أنواع النشر الذكي، على اعتبار أنها من أقوى الطرق التسويقية للخدمات والمنتجات وأكثرها فاعلية، وتوفر للمرشحين طريقة سهلة للوصول إلى الناخبين، كما أنها توفر لهم تقارير تفصيلية عن حملاتهم.
وفي الآونة الأخيرة ركزت الحملات الانتخابية في الدوائر الخمس كثيرا على مواقع التواصل الاجتماعي التي تؤدي دورا كبيرا في تشكيل الرأي العام، عبر الترويج الانتخابي، حيث تعمل تلك الوسائل على تعريف الناخبين بالمرشحين والتواصل معهم مباشرة والحصول على معلومات خاصة عن حياتهم، من خلال مواقعهم الإلكترونية، وفي المقابل تفاعل المرشحين مع الناخبين والتأثير فيهم وتشكيل تكتلات عبر المواقع التواصلية والمعلوماتية لحشد الرأي العام تجاه المرشح.
وباتت وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل الاجتماعي تلعب دورا كبيرا في التسويق لمرشحي مجلس الأمة المقررة، مما دفع بعض المرشحين إلى الاستغناء عن فكرة افتتاح المقار الانتخابية الفعلية.
ورغم ما توفره وسائل الإعلام الحديثة ومواقع التواصل للمرشحين والقائمين على حملاتهم الانتخابية من إمكانية الوصول الأسهل للناخبين للتسويق لحملاتهم، فإن طبيعة المجتمع وتأثير الحاضنة الاجتماعية على الناخبين قد يؤديان إلى تقليص هذا الدور بعض الشيء، فحملات الإعلام التسويقية للمرشحين تعمل على محاولة تشكيل الرأي العام وإقناع الناخبين بمواقف سياسية معينة من خلال حملة دعائية خاصة بكل مرشح ويمكن للحملة التي يتم تنفيذها بذكاء أن تسهم في تغيير آراء الناخبين وقناعاتهم، كما تشجع هذه الحملات الناخبين على حضور التجمعات الانتخابية والذهاب إلى مقار التصويت.
ومن هذا المنطلق تلعب مواقع التواصل دورا كبيرا في الدعاية الانتخابية لأنها تسمح بالوصول السهل والسريع إلى المعلومات، إذ يمكن للناخبين متابعة حسابات المرشحين والاطلاع على تاريخ وتحديثات المواقف السياسية المختلفة وكذلك تتيح للناخبين فرصة التفاعل المباشر مع المرشحين وأعضاء الحملات الإعلامية، كما يمكن للحملات الانتخابية الالكترونية نشر الأخبار والإعلانات والمواقف السياسية بشكل فوري ومباشر عبر منصات التواصل وجمع البيانات حول اتجاهات الناخبين وتفضيلاتهم وهذا يساعد الحملات على توزيع رسائلها بشكل موجه وأكثر فعالية، الامر الذي يؤكد ان لمنصات التواصل تأثيرا على توجهات الناخبين ومسار الانتخابات بشكل كبير وواضح، وبات من المؤكد أن وجود المرشح في وسائل التواصل يمنح الناخب مجالا للتقييم عندما يطلع على برامج المرشحين ويفاضل بينها، كما أن المرشحين يسوقون من خلال هذه الوسائل لإظهار إنجازاتهم السابقة، وهنا يمكن للناخب استغلال هذه الأساليب الحديثة لتقييم المرشحين واتخاذ قراره.
صناعة المحتوى
وأصبحت الدعاية الانتخابية عبر وسائل التواصل تؤثر بشكل كبير على الناخبين الذين لا يملكون قناعات انتخابية ثابتة، أما بالنسبة إلى الملتزمين بأيديولوجية سياسية معينة فالأمر قد يكون صعبا، لكن من المؤكد ان الوسائل الإعلامية الالكترونية باتت تؤدي دورًا مهمًا في المجتمع، ولكن هذا الدور يرتبط بالنظام الاجتماعي السياسـي العام، وبنسبة الوعي لدى الناس.
وتتمثل صناعة المحتوى في مواقع التواصل بتقديم مادة إعلامية اجتماعية تناسب وتحفز الجمهور للوصول إليها والتفاعل معها، وفي هذه الانتخابات تطورت صناعة المحتوى كثيرا في سياسة دعم المرشحين وعرض برامجهم الانتخابية كل على حسب طريقته والاستعانة بالمسوقين المحترفين والمشاهير الذين يتعاملون معهم من أجل صناعة محتوى هادف يكون رافداً مهماً لاستراتيجية المرشح الإعلامية، بما يساهم في وصول رسالته وصوته للناخبين والتأثير على الرأي العام لمصلحته.
تزداد أهمية صناعة المحتوى في مواقع التواصل الاجتماعي خلال «أمة 2024» مع زيادة التطور التكنولوجي وارتفاع أعداد متابعي مواقع التواصل الاجتماعي خلال السنوات الماضية واتساع مساحة حرية التعبير عن الرأي عبر تلك المنصات، اذ باتت فكرة صناعة المحتوى في هذه المواقع أمراً مهماً لتوصيل رسالة ناجحة من قبل المرشحين للناخبين في المجتمع الانتخابي.
اتجاهات
وفي الأيام الاخيرة قبيل الانتخابات النيابية، بات جليا أن من يعرف التعامل مع وسائل التكنولوجيا الحديثة ووسائل التواصل الاجتماعي ويقدم حملة انتخابية متطورة صوتا وصورة ويجيد فيها قواعد اللعبة الانتخابية فإنه سيحدد اتجاهات الناخبين في الدوائر الانتخابية الخمس لاسيما مع قصر فترة الانتخابات ومصادفتها شهر الصيام، الامر الذي يعزز دور النشر الذكي في توجيه الرأي العام وتحديد اتجاهات الناخبين واكتساب اقتناعهم بالمرشح الذي يناسب توجهاتهم وأفكارهم من عدمه، فمن يملك سلاح الشبكات الاجتماعية سيكون الأوفر حظا للوصول الى اكبر شريحة من المجتمع الانتخابي والفوز بحصة كبيرة على طريق المنافسة بالحصول على مركز متقدم.