«أمة 2024»... هل تشهد انتخاباته طفرة في التصويت؟
الحضور الأكبر في المجلس التأسيسي 1962 ومجلس 1981 بنسبة وصلت إلى 90%
لم يغب مجلس الامة عن سماء الديموقراطية في دولة الكويت منذ نشأة الدستور وقيام المجلس التأسيسي عام 1962 وحتى 2024 الا مرتين في 1976 و1986 عندما تم وقف العمل بالدستور وشكل المجلس الوطني الذي كان خليطا بين الأعضاء المنتخبين والمعينين، ففي يوليو 1986 أصدر أمير البلاد آنذاك، الشيخ جابر الأحمد، مرسوماً أميرياً بحل مجلس الأمة وتعطيل العمل ببعض نصوص الدستور.
وكان ذلك نتيجة اشتعال الصراع بين الحكومة والمجلس على السلطة في البلاد مما أدى إلى تأزم العلاقة بينهما، خاصة بعد طلب المجلس مناقشة قضايا حساسة تتعلق بالمال العام، وطلب سحب الثقة من 4 وزراء بالحكومة، وعزا ذلك أيضاً إلى الحفاظ على الوحدة الوطنية في ظل ظروف إقليمية حرجة تمثلت في الحرب العراقية - الايرانية، التي كانت مصدراً لتهديدات سياسية وأمنية لدولة الكويت، وأعقب ذلك إعلان أمير البلاد في أبريل 1990م تشكيل المجلس الوطني، ليحل محل مجلس الأمة، وكان يضم في عضويته 50 عضواً منتخباً، إضافة إلى 25 عضواً معيناً، على أن تكون لهذا المجلس اختصاصات استشارية لا صلاحيات تشريعية، ثم جاء غزو الكويت ليغير واقع الحال في الكويت تماماً وتعود الحياة البرلمانية من جديد في مجلس أمة 1992، وكان اول مجلس أمة بعد الغزو العراقي الغاشم على دولة الكويت الذي دام 7 اشهر.
200 مرشح في الدوائر الخمس يتنافسون على مقاعد البرلمان وأصوات 834733 ناخباً
وطوال 60 سنة ديموقراطية في الحياة السياسية بالكويت، أي منذ المجلس التأسيسي عام 1962، وانطلاق الفصل التشريعي الأول لمجلس الأمة عام 1963، وصولا الى استمرار الحياة الديموقراطية وتوقّفها بعد عامي 1976و1986 وحتى عودة الحياة البرلمانية عقب الغزو الغاشم، وانطلاقها مجددا عام 1992، وامتدادا للفصل التشريعي السابع عشر 2023، شهدت الحياة الديموقراطية في الكويت نسباً متفاوتة لمشاركة الناخبين، وفقا للنظام الانتخابي وتعديلاته والدوائر التي مرّت بعدد من المنعطفات طوال الحياة البرلمانية، بدءا من الدائرة الواحدة، وصولا الى الـ 25 دائرة، وانتهاء بالدوائر الخمس ونظام الصوت الواحد.
المشاركة الأكبر
وكانت النسبة الأكبر في المشاركة البرلمانية من جهة الناخبين في المجلس التأسيسي 1962 ومجلس 1981 بنسبة وصلت الى 90 بالمئة، بينما كانت النسبة الأقل في انتخابات مجلس الامة في الفصل التشريعي الرابع عشر (المجلس المبطل الثاني) عام 2012، من خلال مشاركة 52 بالمئة من الناخبين، والذي شهد أول انتخابات وفق نظام الصوت الواحد.
وكان التفاوت كبيرا في نسب المشاركة التي أثرت فيها كثير من الظروف السياسية والاقتصادية والاجتماعية، ولعل أبرزها تغيير نظام الدوائر الانتخابية في جانب، والغزو العراقي في الجانب الآخر، فضلا عن حلّ وإبطال عدد من المجالس بلغ 3 مجالس نيابية في دولة الكويت كان آخرها مجلس 2022، وكل ذلك خلق عدم الاستقرار السياسي في البلاد، مما انعكس سلبا أو إيجابا على نسب المشاركة في الانتخابات.
وبالعودة الى مشاركة ونسبة الناخبين طوال الحياة البرلمانية منذ 1962 حتى مجلس 2020، نجد أن نسب المشاركة كانت كالتالي:
في المجلس التأسيسي عام 1962، بلغت نسبة مشاركة الناخبين والتصويت 90 بالمئة، في حين بلغت في الفصل التشريعي الأول عام 1963 حوالي 85 بالمئة، وهنا بدأ أول تراجع في نسب التصويت، واستمر هذا التراجع أيضا في الفصل التشريعي الثاني عام 1967، عندما بلغت نسبة مشاركة الناخبين في تلك الانتخابات 67 بالمئة.
وشهد الفصل التشريعي الثالث لمجلس الأمة أيضا تراجعا كبيرا، عندما انخفضت نسبة التصويت والمشاركة الى 56 بالمئة، وكان ذلك عام 1971.
الحياة البرلمانية لم تتوقف منذ صدور الدستور حتى 2024 إلا مرتين في 1976 و1986... وفي عام 1990 تشكل المجلس الوطني
وعادت نسبة المشاركة الى الارتفاع، فكانت عام 1976، وتحديدا الفصل التشريعي الرابع عندما بلغت النسبة 60 بالمئة، لترتفع بشكل كبير وملحوظ في الفصل التشريعي الخامس عام 1981، لتصل نسبة المشاركة الى 90 بالمئة، ولتعود من جديد إلى التراجع في الفصل التشريعي السادس 1985، عندما بلغت 85 بالمئة، وهذا كان آخر مجلس أمة قبل توقّف الحياة البرلمانية في البلاد، وانتخاب المجلس الوطني، ليحدث بعدها الغزو الغاشم عام 1990وتتوقف الحياة البرلمانية بسبب الحدث الاكبر في تاريح الكويت.
بعد تحرير الكويت، عادت الحياة البرلمانية من جديد، وكان ذلك في الفصل التشريعي السابع عام 1992، حيث بلغت نسبة المشاركة 83 بالمئة، بينما بلغت في الفصل التشريعي الثامن عشر 1996 نحو 82 بالمئة. وفي عام 1999، وتحديدا الفصل التشريعي التاسع، بلغت مشاركة الناخبين 81 بالمئة، وفي الفصل العاشر بلغت 80 بالمئة، وكان ذلك عام 2003 لتتراجع بعدها مشاركة الناخبين في الفصل التشريعي الحادي عشر الى 77 بالمئة عام 2006، ثم لتتراجع بشكل أكبر في الفصل التشريعي الثاني عشر 2008، عندما بلغت 60 بالمئة.
أما الفصل التشريعي الثالث عشر، فكان التراجع فيه كبيرا، إذ بلغت نسبة المشاركة 58 بالمئة، وكان ذلك عام 2009، وتراجعت بشكل أكبر في الفصل الرابع عشر عام 2012 عندما بلغت النسبة 52 بالمئة، وهي النسبة الأقل منذ انطلاق الحياة البرلمانية في الكويت، لتعود بعدها إلى الارتفاع الطفيف عام 2016، في الفصل التشريعي الخامس عشر، عندما بلغت 68 بالمئة، وفي الفصل التشريعي السادس عشر عام 2020، بلغت النسبة 68 بالمئة. وفي المجلس المبطل الثالث بلغت نسبة مشاركة الناخبين 59 بالمئة.
واتجهت الانظار إلى مجلس أمة 2023 الذي جاء تحت عنوان «تصحيح المسار بحسن الاختيار»، ليحقق نسبة كبيرة من المشاركة، لاسيما أنه يأتي بعد حل لمجلس 2020 وإبطال لمجلس 2022 ثم عودة الى مجلس 2020 ثم حله من جديد، لكن ذلك لم يتحقق ولم تتجاوز نسبة المشاركة 51.14 بالمئة كأقل نسبة مشاركة في الحياة الديموقراطية بمجلس الأمة طوال اكثر من 60 عاما من الممارسة الديموقراطية ودولة الدستور. وفي انتخابات 2023 كان حجم مشاركة الناخبين 59 بالمئة.
ويشارك في الانتخابات الحالية 200 مرشح في الدوائر الخمس كافة في ظل إجمالي الناخبين البالغ عددهم 834733 ناخبا، حيث تتصدر الدائرة الخامسة بعدد ناخبين يبلغ 270768 ناخبا ثم الرابعة بـ 220932 ناخبا وصولا الى الثالثة بـ 143693 ناخبا فالاولى بـ 104038 ناخبا واخيرا اقل الدوائر الانتخابية الثانية بعدد ناخبين يبلغ 95302 ناخب،
فهل ستكسر انتخابات امة 2024 «مسار يتجدد» تدني مشاركات الناخبين في انتخابات مجالس الامة الاخيرة بعد مسلسل الأبطال والحل، لاسيما أن الانتخابات ستعقد في شهر رمضان المبارك، وتحديدا خلال العشر الأواخر؟ فالجميع بانتظار ما ستحمله صناديق الاقتراع من مفاجآت في الرابع من أبريل المقبل.