قال الناقد والأكاديمي والناشر د. أحمد الظفيري حول واقع ومستقبل الرواية الكويتية في الوطن العربي: «أنا لا أجامل، فأنا ناقد وسأقول الحقيقة، هناك أسماء كويتية أخذت حيزاً على الساحة الأدبية العربية، وهم الروائيون طالب الرفاعي، وبثينة العيسى، وسعود السنعوسي. للأسف تفوقهم غطى على غيرهم من الأدباء والأسماء، كما غطى المتنبي على مئات الشعراء».

وأضاف الظفيري، في ندوة أخيرة بمعرض الكويت الدولي للكتاب، أدارتها مي الشراد، بحضور مدير المعرض سعد العنزي، أنه فيما عدا هؤلاء الثلاثة لا توجد أسماء لافتة للنظر يجب أن يتوقف عندها القارئ، وإن كان هناك من هم أفضل من غيرهم في زحام الروايات الهائلة، لكن بطبيعة الحال حين يوجد الأقوى فهم يغطون على غيرهم.

تحكيم عشوائي
Ad


وأشار إلى أن هذه الإشكالية تعود أيضاً إلى سبب آخر، وهو أن بعض الكُتاب أصبحوا يكتبون من أجل الجوائز، بل إن بعضهم أصبحوا صائدي جوائز، ضارباً مثالاً بأحد الكُتاب، الذي حصد 9 جوائز في فنون أدبية مختلفة، كالشعر والرواية وأدب الطفل خلال بضع سنوات، لأنهم يعملون على اتباع شروط ومعايير المسابقات أكثر من اهتمامهم بتقديم عمل أدبي حقيقي، وهو ما أسهم في ضعف المستوى الأدبي للأعمال المنتوجة، خصوصاً أن أعضاء لجنة التحكيم في معظم المسابقات يلجأون إلى تحكيم عشوائي، وليس حقيقياً.

واستطرد الظفيري: «الروائي العربي يواجه تحديات، منها أنه لا يوجد كاتب متفرغ ببلادنا العربية، فأغلب أو كل الروائيين يعملون في وظائف مختلفة، وربما تكون بعيدة جداً عن عملهم الإبداعي، وهو ما يزيد من الضغوط عليهم، وبالتالي على إنتاجاتهم، وبالمقابل هناك دول أجنبية تمنح الكاتب دعماً مادياً لكي يستطيع التفرغ لبضعة أشهر من أجل إنتاج رواية جيدة، وهو دعم توفره الجامعات والمراكز البحثية في صورة منحة للكاتب المتفرغ».

نجيب محفوظ

وحول سؤال أحد الحاضرين بخصوص كتابة الروائي لمذكراته، أجاب بأنه لا داعي للروائي لكتابة مذكراته، وإلا تكون نهاية مشواره الأدبي، معللاً ذلك بأن الروائي يتجلى في أعماله وشخوصه ورواياته، فهو موزع بين أبطاله وشخوصه؛ نفسياً وأدبياً، حتى إنه يتحايل أحياناً على القارئ بأن يضع نفسه في امرأة، حتى لا يكشف نفسه أو العكس. وضرب الظفيري مثالاً على ذلك بالكاتب الكبير نجيب محفوظ، الذي كان يواجه أسئلة الكثيرين حول مكان وجوده في أعماله، وأبرزها الثلاثية، فكانوا يسألونه: «من أنت، في قصر الشوق أو بين القصرين مثلاً؟»، فكان يجيب أنه موجود في شخص أحد الأبطال، لكن دون الإفصاح والتحديد بشكل واضح، مطالباً قراءه بالبحث عنه للمزيد من الترويج والدعاية لأعماله.

ولفت إلى أن الروائي يتماهى في أعماله، ويعطيها من روحه، حتى يتحرك أبطاله، ويتحولون إلى شخوص يتحركون داخل العمل، لذلك فالروائي هو منتج وخالق لشخوص أعماله.

البطل الواحد انتهى

وحول رواية البطل الواحد، قال الظفيري إنها انتهت، وإن البطل الواحد انتهى مع انتهاء الملاحم والبطولات الشعبية، حيث أصبح العمل يقوم على عدة شخوص، وإن كان بينها شخصية رئيسة اقتباساً من الفن المسرحي، وحوله شخوص أقل دوراً.

وأكد أن انتهاء البطل الواحد لا يعيق كتابة الرواية، لأن تعدد الأصوات أمر داخل الإنسان نفسه، ولا يحتاج إلى أشخاص متعددين، مشيراً إلى أن كل إنسان يعيش صراعاً مع ذاته، فهو مطالب دائماً بهدم ما جاء به ليبني نفسه من جديد، وإصلاحها، وإلا تجمد وتجمدت أفكاره ونموه، وهو مصطلح ديني كجهاد النفس، لكنه أيضاً معنى فلسفي كبير، لذلك فإن الرواية قد تقوم على أصوات داخل النفس، فالإنسان الواحد يعيش في صراع مع آخر غير موجود، وفي صراع آخر مع ذاته.