منذ أكثر من عقد من الزمن تخلَّفت دكتورة بالجامعة عن المحاضرات لما يفوق مئة وخمسين يوماً، فقام مدير الجامعة، آنذاك، بعمل لجنتَي تقصٍّ وتحقيق أكدتا صحة الشكوى، فتمَّت إقالتها. الدكتورة لم تكتف بانتهاكها لقواعد المهنة، ورفعت دعوى ضد الجامعة، فلقَّنها القضاء النزيه درساً بحُكم تمييز نهائي بصحة قرار فصلها.

حاولت الدكتورة المفصولة العودة، وفي كل مرة يُواجه طلبها بالرفض من عدة مديرين للجامعة، إلا أنه بعد مرور قُرابة عشرة أعوام خضع مدير وأمين الجامعة بالإنابة لضغوط نيابية، وتواصل مع الكلية، لأخذ رأي إعادتها للقِسم، وبشكل منافٍ لقواعد الحوكمة أرسل كتاباً إلى «الفتوى والتشريع» بطلب إعادة تعيينها طبقاً للمادة 11 من قانون الخدمة المدنية، الذي يسمح بإعادة مَنْ ترك عمله بعد خمس سنوات، وليس مَنْ تم فصله، ومن دون أن يذكر، بشكل ضلل «الفتوى»، أنه صادر بحقها حُكم تمييز بالفصل، علاوة على قيامه بكل هذه الإجراءات من غير وجود طلب مباشر من الكلية بالمخالفة للنظم، ليُفاجأ أعضاء مجلس الجامعة باجتماعهم الأسبوع الماضي بطرح موضوع مناقشة تعيين الدكتورة المفصولة ضمن جدول الأعمال بمذكرة مقدَّمة من مكتب الأمين العام!

Ad

إننا بالجمعية الكويتية لجودة التعليم نحذِّر وبشدة من التلاعب لإعادة تعيين دكتورة مفصولة، وسنصعد الأمر لأعلى سُلطة، ونحذِّر سمو الرئيس ووزير التعليم من مخاطر تهدد الجامعة نتيجة الوضع غير المستقر الذي تفاقم لسنوات بعهد مديري جامعة ونواب وأمين عام وعمداء جميعهم بالإنابة وليسوا بالإصالة، فأطلال جامعة الكويت بحاجة ماسة لتعيين مدير جامعة ونوابه وأمين عام وعمداء بالأصالة، وبأسرع وقت ممكن، ليتوقف العبث بتعيينات أعضاء هيئة التدريس وترشيحات البعثات وسجلات الطلبة بعمادة القبول، خصوصاً أثناء الانتخابات، والغش والتلاعب بالدرجات والبحوث، كما نطالب بتشكيل لجان تقصٍّ لحصر التجاوزات، ووضعها تحت مسطرة القانون، لنعيد بناء الجامعة.

***يعيش الكويتيون الأصليون بانسجام ضمن قواعد اجتماعية غير مكتوبة، هي مُسلَّمات وخطوط حمراء للمحظورات واللاءات والمحرَّمات الاجتماعية، منها دينية، ومنها عادات وتقاليد، تسمَّى بلغة أجنبية «تابوو»، لذلك فمن السهل اكتشاف الدخلاء المندسين بيننا، لأنهم سيفشلون بانتهاك قواعد التابوو منذ الوهلة الأولى.

يقول مخترع قانون الجاذبية، إسحاق نيوتن، الذي صادف اليوم 297 عاماً على وفاته، إن الكياسة هي فن تحقيق الهدف دون صنع عدو، لذلك عندما تعطي لتافه عديم الشخصية والكياسة مسلوب الإرادة، يسميه المصريون القدماء «هلفوت»، مسؤولية تحقيق هدف سياسي، فإنه سينصّب العداء، ويفشل بأول خطاب بالانتخابات.

فبهذه الانتخابات وجدنا مرشحين وناخبين عارضوا وهددوا الحكومة لسحبها جناسي المزورين، فيما أيَّدناها نحن وفقاً «للتابوو» الكويتي الخاص بنا، والذي ينظم أيضاً علاقتنا بالأسرة الحاكمة، التي وصف عبدالعزيز الصقر بمؤتمر جدة مبايعتنا لها، فقال: «لم تكن يوماً موضع جدل لتؤكد، ولا مجال نقض لتجدد، ولا ارتبطت بموعد لتمدد، بل هي بدأت محبة واتساقاً، واستمرت تعاوناً واتفاقاً، ثم تكرَّست دستورياً وميثاقاً». لذلك، ووفقاً لهذا «التابوو»، لن تجد كويتياً واحداً يتهم علناً معظم أبناء الأسرة الحاكمة بالسرقة، وهو ما يحملهم مسؤولية التصدي لهذا الاتهام، وفق القانون، لأننا لن نقبل بزعزعة الاستقرار الداخلي من قِبل «هلفوت» ينشر الفتنة، ويحرِّض «الهلافيت» أمثاله، ليهدموا «التابوو»، وينسفوا أمام العالم هيبة الأسرة.

إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.