قطعة أثرية فرعونية تعيد للأذهان معبد ديبود

عثر عليها بموقع في إسبانيا يرجع تاريخه إلى 2700 سنة

نشر في 28-11-2022
آخر تحديث 27-11-2022 | 18:29
أثار العثور على قطعة أثرية يرجع تاريخها إلى زمن الفراعنة في إسبانيا، جدلاً في الأوساط الشعبية بمصر، خصوصاً في ظل عدم خروج أي تصريحات رسمية أو من جانب علماء الآثار والتاريخ لتفسير وجود القطعة التي جرى إعلان اكتشافها الخميس الماضي.
أعاد اكتشاف قطعة أثرية يرجع تاريخها إلى زمن الفراعنة في إسبانيا إلى الأذهان معبد ديبود الفرعوني، الذي جرى تفكيكه ونقله في أواخر الستينيات من منطقة النوبة المصرية إلى العاصمة الإسبانية (مدريد).

القطعة التي اكتشفها علماء آثار في جامعة سالامانكا تجسِّد إلهة مصرية قديمة، وعُثر عليها في موقع يعود تاريخه إلى 2700 عام بإسبانيا، وهي عبارة عن قطعة خزفية مصنوعة من أوراق الذهب، وتنتمي إلى مجموعة من الآثار، بما في ذلك التمائم، والسيراميك الملون، والزخارف الأخرى ذات الجذور المصرية والمتوسطية، التي اكتشفها العلماء في موقع سيرو دي سان فيسنتي بالمنطقة الوسطى في إسبانيا.

ويعتقد الباحثون أن هذه القطعة تجسِّد تمثالاً أكبر للإلهة حتحور، ابنة إله الشمس المصري رع، ووالدة حورس، وهو إله برأس صقر في الأساطير المصرية، في مصر القديمة.

يعتقد الباحثون أنها تجسِّد تمثالاً أكبر للإلهة حتحور ابنة إله الشمس المصري

ويبلغ قياس القطعة الأثرية المكتشفة حديثاً نحو خمسة سنتيمترات، وجرى العثور عليها في مبنى من ثلاث غرف إلى جانب أشياء أخرى، بما في ذلك سن سمكة القرش، وخرز العقود، وقطع من الطين، كما تم العثور على قطعة أثرية منفصلة تصوِّر نفس الإلهة في عام 2021 بالموقع.

وينقب علماء الآثار في الموقع الإسباني على مقربة من نهر تورميس منذ ثلاثة عقود، ويعتقد الباحثون الذين يقودون الحفريات هناك أن سكان المجتمع القديم دمروا عمداً مكان إقامتهم.

تساؤلات

وعلى منصات التواصل الاجتماعي، تداول مصريون مولعون بآثار أجدادهم الفراعنة صورة الموقع الأثري الذي عُثر بداخله على القطعة الأثرية، نشرتها وكالات أنباء إسبانية، وعبَّروا عن دهشتهم من العثور عليها في بلد أوروبي، متسائلين: «هل وصل المصريون القدماء إلى أوروبا، أم جرى سرقة آثار فرعونية ونقلها إلى مناطق أخرى من العالم قبل آلاف السنين؟»، وطالبوا علماء الآثار المصريين بإيجاد تفسير واضح.

معبد ديبود

خبر العثور على هذه القطعة الصغيرة لم يمر على المصريين مرور الكرام، فقد أعاد إلى أذهانهم قصة المعبد الفرعوني الذي جرى نقله في حقبة ستينيات القرن الماضي إلى مدريد، وهو معبد ديبود، الذي كان موجوداً في جنوب مصر قُرب نهر النيل، قبل أن تستقر به الحال فوق ربوة في قلب العاصمة الإسبانية بجوار القصر الملكي وخلف «ساحة إسبانيا».



وكان المعبد يقع في الأصل بمنطقة النوبة السفلى قُرب الشلال الأول بالنيل في مدينة أسوان، وبالقرب أيضاً من المركز الديني الذي كان مخصصاً لعبادة الإلهة إيزيس بجزيرة فيلة، وبدأ تشييده في القرن الثاني قبل الميلاد على يد الملك أدخاليماني من مملكة مروي - التي تنافست مع الحكام الفراعنة على سيادة تلك المنطقة - عندما أقام معبداً صغيراً مخصصاً للإله آمون والإلهة إيزيس.

بعدها قام الملوك البطالمة بتوسيع المعبد، حتى وصل إلى شكله الحالي، وبعد ضم مصر إلى الإمبراطورية الرومانية أنهى الإمبراطوران أوغسطس وطيباريوس أعمال بناء وتزيين المعبد.

هدية لإسبانيا

وفي عهد الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، أهدت الحكومة المصرية هذا المعبد إلى إسبانيا، تقديراً لجهودها في الحفاظ على الآثار المصرية، بعد النداء العالمي الذي أطلقته منظمة يونسكو لإنقاذ معابد النوبة من الاندثار، نتيجة ارتفاع منسوب مياه النيل في أسوان بعد بناء السد العالي.

الاكتشاف عبارة عن قطعة خزفية مصنوعة من أوراق الذهب

ويُعد «ديبود» أكبر المعابد الموجودة خارج مصر، والوحيد من بينها المُقام في الهواء الطلق، وعملية نقل المعبد من مدينة أسوان إلى مدريد كانت طويلة، حيث جرى تفكيك أحجار المعبد في موقعها الأصلي، ثم تم وضعها في صناديق ظلت لمدة تسع سنوات على جزيرة في وسط نهرالنيل، ثم نقلتها مراكب في رحلة تحاكي الطقوس القديمة بطول نهر النيل إلى مدينة الإسكندرية الساحلية، لتنقل بعدها بالبواخر إلى ميناء فالنسيا ومنه إلى مدريد.

إقبال واسع

ويشهد المعبد إقبالاً واسعاً من السائحين منذ افتتاحه أمام الزائرين بمدريد، في أغسطس 1972. ووفق إحصائية أصدرتها مدريد عام 2012، فإن هذا المعبد يزروه نحو 300 ألف سائح سنوياً، ما يعني أنه أحد أبرز مراكز الجذب السياحي في إسبانيا.

وتفتخر مدريد بأنها من أربع مدن في العالم فقط تمتلك معبداً فرعونياً كاملاً، إذ لا ينافسها في ذلك إلا لايدن الهولندية التي يوجد بها معبد طافا، ونيويورك الأميركية (معبد دندور)، وتورين الإيطالية (معبد تحتمس الثالث).

back to top