أصبح لبنان يدمج ما بين حالتي غزة وسورية، ففي الجنوب وعلى مسافة تمتد من 5 إلى 8 كلم، تعتمد إسرائيل سيناريو التدمير الذي تعتمده في قطاع غزة لكن بشكل بطيء، فتعتمد أسلوب التدمير الكامل لقرى وبلدات بهدف جعلها غير قابلة للحياة، وبذلك تعلن أنها نجحت في إبعاد حزب الله وبيئته عنها. أما خارج نطاق هذه المسافة فإن العمليات العسكرية والأمنية الإسرائيلية ضد مواقع حزب الله، ومخازنه، واغتيال كوادره تطبق فيه تل أبيب النموذج السوري المعتمد منذ سنوات بعمليات عسكرية متفرقة. في الأيام الماضية، أصبحت إسرائيل تطبق معادلة «وحدة الساحات» ضد حزب الله فتستهدفه في جنوب لبنان، والبقاع، إضافة إلى استهدافه على الحدود السورية - اللبنانية، في القلمون، وريف القصير، وفي محيط العاصمة دمشق وعلى الحدود السورية - العراقية.
بذلك حول الإسرائيليون كل الساحات مجالاً لاستهداف حزب الله، واللافت أن هذا التصعيد الميداني جاء إثر زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى الولايات المتحدة الأميركية والنقاش مع المسؤولين هناك في مسار معركة رفح من جهة، وتطورات الوضع على جبهة جنوب لبنان، وبحسب المعلومات، فإن إسرائيل قد حصلت على دعم عسكري أميركي جديد من قذائف صاروخية وطائرات حربية وغيرها، وهنا تتحدث بعض المعطيات عن أن هذه المساعدات ستكون موجهة للاستخدام ضد حزب الله في لبنان.
بحسب ما تشير المعلومات لدى الأميركيين، فإن إسرائيل لم يكن لديها قذائف صاروخية من النوع التدميري غير الذكي أو غير الموجه، كما أنه في الفترة الأخيرة سجل أكثر من استخدام إسرائيلي لصواريخ لم تنفجر، وهو ما استخدمه الإسرائيليون مع الأميركيين للحصول على قذائف جديدة.
وزير الدفاع الإسرائيلي يؤاف غالانت كان واضحاً فيما أعلنه من على الجبهة مع لبنان أمس الأول، فقال: «سنزيد من وتيرة العمليات ونوسع المعركة، هذا ما قلته لوزير الدفاع في واشنطن، لويد أوستن، والمبعوث الخاص، آموس هوكشتاين، هذا الأسبوع في واشنطن. وهذا ما أوعزت الجيش به في القيادة الشمالية». يعني هذا الكلام الانتقال الإسرائيلي من مرحلة إلى مرحلة أخرى من التصعيد العسكري ضد الحزب، ولكن بحسب ما تقول مصادر دبلوماسية فذلك لا يعني أن إسرائيل اتخذت قرار توسيع الحرب أو الدخول في معركة مفتوحة، ولكن ستزيد من وتيرة عملياتها العسكرية، ومن عمليات الاغتيال لا سيما أن غالانت أكد العمل على ملاحقة كوادر حزب الله في كل المناطق، بما فيها بيروت وبعلبك ووصولاً إلى دمشق، بعد تقارير عن مقتل 5 عناصر من حزب الله في غارة إسرائيلية على حلب هي الأعنف منذ أشهر أسفرت عن مقتل نحو 50 شخصاً.
يبدو أن إسرائيل تسعى إلى استباق أي نتائج يمكن التوصل إليها في المفاوضات الإيرانية -الأميركية، بشكل لا يتلاءم مع مصلحتها، لذلك تصر على التصعيد بهذا الشكل العنيف في محاولة جديدة لاستدراج الحزب إلى مواجهة اوسع. أكثر ما يزعج الإسرائيليين هو التعاطي الأميركي الواقعي مع حزب الله، في هذا السياق، تشير المعلومات الى واقعية أميركية في المقاربة تجاه حزب الله وسط طروحات كثيرة حول كيفية دمجه في الدولة اللبنانية سياسياً وعسكرياً على المدى الطويل وليس بشكل سريع، بالإضافة إلى المسار الذي عمل عليه هوكشتاين للوصول الى تفاهم في الجنوب أيضاً.
إلى ذلك، وفي تطور ميداني، قالت القوة المؤقتة للأمم المتحدة في لبنان (يونيفيل) إن 3 مراقبين عسكريين من فريق مراقبي الأمم المتحدة في لبنان (UNTSO) ومترجمهم المدني أصيبوا عندما انفجرت قذيفة بالقرب منهم في جنوب لبنان أمس بينما كانوا في دورية سيراً على الأقدام.
وأضافت اليونيفيل أنها لا تزال تحقق في مصدر الانفجار، مشددة على أن استهداف قوات حفظ السلام «غير مقبول»، مكررة دعوتها «لكل الأطراف إلى وقف التبادل العنيف الحالي لإطلاق النار قبل أن يتعرض المزيد من الأشخاص للأذى».
وشددت على ضرورة «ضمان سلامة وأمن أطقم الأمم المتحدة وعلى كل الأطراف مسؤولية حمايتهم بموجب القانون الدولي».
وكانت الوكالة الوطنية للإعلام الرسمية اللبنانية أفادت في وقت سابق بأن «سيارة رباعية الدفع تابعة لمراقبي الهدنة قرب النقطة B37 على الخط الأزرق تعرضت قرابة العاشرة والربع من صباح السبت أثناء قيامها بدورية منسقة بالقرب من بلدة رميش لاعتداء إسرائيلي».
وتابعت أن السيارة «استهدفت بقذيفة مباشرة، ما أدى إلى إصابة ثلاثة ضباط ومترجم مدني، إصابة أحدهم حرجة».
غير أن الناطق باسم الجيش الإسرائيلي آفيخاي أدرعي نفى شن أي قصف على آلية لليونيفيل في تلك المنطقة.
وكانت بلدة رميش المسيحية شهدت توتراً قبل أيام بعد أن تصدى لسكان لمسلحين كانوا يحاولون إطلاق صواريخ على إسرائيل. ونفى حزب الله أن يكون المسلحون تابعين له وحذر من إثارة الفتنة.
وفريق مراقبي الأمم المتحدة في لبنان هو بعثة مراقبة عسكرية غير مسلّحة وصلت إلى لبنان في العام 1949 كجزء من هيئة الأمم المتحدة لمراقبة الهدنة. ويضمّ الفريق أكثر من 50 مراقباً عسكرياً، بحسب الأمم المتحدة.
ويقع مقر الفريق في مقرّ اليونيفيل بالناقورة جنوب البلاد. وتختلف مهام هؤلاء المراقبين عن مهام قوات اليونيفيل، حيث يقومون بدوريات في القرى وعلى طول الخط الأزرق ويتفاعلون مع السكان المحليين ثم يرفعون تقارير لليونيفيل ويتابعون التحقيقات بالحوادث التي قد تؤدي إلى خرق للقرار الأممي 1701 الذي ينص على حصر الانتشار المسلح في جنوب لبنان بالجيش اللبناني واليونيفيل.