تسدل الدائرة الإدارية الثالثة في محكمة التمييز، برئاسة المستشار نجيب الماجد، اليوم، الستار على مصير الطعون المقامة من المرشحين مرزوق الحبيني وجابر المحيلبي وأحمد مطيع ومرزوق الخليفة، وذلك قبل 4 أيام من الاقتراع الانتخابي.
ومن المقرر أن تصدر المحكمة قرارها اليوم بغرفة المشورة، بين عدم قبول الطعون المقامة على أحكام دوائر الاستئناف الإدارية التي انتهت بتأييد قرارات حرمان المرشحين من الترشح، أو تحديد جلسة للمرافعة لنظر الطعون من شأنها أن تفتح باب التوقع بعودة المرشحين إلى السباق الانتخابي، لو قضت المحكمة بإعادة ترشّحهم.
والأحكام القضائية الصادرة من محكمة الاستئناف الإدارية جزء منها انتهى بتأييده قرارات حرمان المتقدمين للترشح إلى حكم الدائرة الجزائية الصادر من محكمة التمييز في شهر يونيو من العام الماضي، على خلفية اتهام النيابة عددا من المواطنين من قبيلة مطير بتنظيم انتخابات فرعية في الدائرة الخامسة، واعتبرت فيه المحكمة - بعد إدانتهم - أن الجريمة التي ارتكبوها مخلّة بالشرف.
فيما عزت الأحكام الإدارية الأخرى تأييد حرمان المرشحين إلى الحكم الصادر من المحكمة الدستورية الذي أكد أن جريمة الانتخابات الفرعية مناهضة للعملية الانتخابية، رغم صدور هذا الحكم عام 2011، وانتهت فيه المحكمة الدستورية برفضه بعد إحالة الطعن اليها من إحدى دوائر الجنايات للفصل في الدفع بعدم دستورية القانون، إلّا أن «الدستورية» انتهت إلى رفض الطعن.
مخالفة
ورغم وجاهة السبب الذي خلُصت اليه بعض الأحكام من محكمة الاستئناف بالاستناد إلى حكم «التمييز» الجزائية، الصادر في يونيو في العام الماضي، فإنه يؤخذ على هذه الأحكام مخالفتها القواعد الخاصة بحجية الأحكام القضائية ونطاق آثارها، وذلك أن بعض الأحكام الصادرة من دوائر محكمة أول درجة، بعد أن انتهت إلى إلغاء القرارات الصادرة من إدارة الانتخابات أكدت أن الطاعنين لا ترتبط وقائعهم بالحكم الجزائي المستشهد به من قبل إدارة الانتخابات، ولكونه يخصّ مواطنين آخرين، علاوة على أن ما صدر من محكمة التمييز الجزائية كان ردّا على دفاع المتهمين في تلك القضية التي يحاكمون فيها، ولا يصحّ الاستناد إلى ما ورد في محاكمتهم لتطبيقه على مواطنين آخرين، وذلك إعمالاً لحجية الأحكام ونسبية آثارها، وعدم امتدادها لأطراف لم يكونوا بها، علاوة على أن حُجية الأحكام منوطة للمنطوق وللأسباب معا، وليس لأسباب الأحكام فقط، كما لم يرد في منطوق الحكم الجزائي بالحكم المستشهد فيه حرمانه للمتهمين في «فرعية المطير» بعد إدانتهم.
كما أن الحكم القضائي المستشهد به تجاوز نطاق الخصومة الجزائية في إيراده أسباباً لم تكن مرتبطة بالوقائع المحال بها المتهمون على أثر ارتكابهم جريمة تنظيم الانتخابات الفرعية.
كما أنه لو سلّمنا جدلا باعتبار ما صدر مبدأ أو قاعدة قانونية استخلصها الحكم القضائي الصادر من محكمة التمييز يتعيّن الالتزام بها من كل المحاكم، رغم أن ما صدر لا يُعد إلا تفسيرا لسلوك المتهمين المحالين في تلك القضية فقط، وردّا على الدفاع المثار منهم أمام محكمة التمييز، فيتعين أن يتم تطبيق هذه القاعدة على الحالات التي يثبت إدانتها بعد صدور حكم التمييز في يونيو من العام الماضي، وليس تطبيقها على الحالات السابقة، التي سبق الترشح لها بعد صدور أحكام «التمييز» الصادرة بشأنها عام 2022، وخاضت انتخابات 2023، وهو ما يتعين معه عدم جواز تطبيق أي من القواعد القانونية أو حتى المبادئ على الحالات التي سبقت هذا الحكم القضائي، لكون ذلك يتضمن إهدارا للمراكز للقانونية التي سبقت صدور هذا الحكم.
الأمر الأخير، أن تأسيس دوائر محكمة الاستئناف الإدارية استنادا إلى حكم المحكمة الدستورية الصادر عام 2011 بشأن الانتخابات الفرعية تثير بشأنه ملاحظتين، الأولى أن القضاء الدستوري في الكويت أكد أن الأحكام الدستورية التي لها حجّية هي الأحكام بعدم دستورية القوانين واللوائح إعمالاً للأثر الذي أشارت إليه المادة 173 من الدستور، ولذلك، فإن الحكم الصادر من المحكمة الدستورية انتهى إلى رفض الطعن، كما أنه حذّر من أثر الانتخابات الفرعية على العملية الانتخابية، وفي ذات الوقت لم يخلص إلى أن المدان بها يُحرم من الانتخاب أو الترشح، كما أن الأمر الآخر الذي يؤكد عدم سلامة الاستناد إلى حكم الدستورية في تأكيد تجريم الانتخابات أن الحكم الدستوري صادر عام 2011، والإدارة سمحت لأكثر منذ 14 عاما بترشّح عدد من المستبعدين، فكيف يكون الحكم الدستوري سندا لشطبهم، رغم ترشحهم لمرّات عدة بعد صدوره؟!
ولذلك، فإن تحديد جلسة لنظر الطعون أمام محكمة التمييز والتصدي للأسباب المعروضة على الطعون، والأسباب التي ساقتها أسباب الأحكام الصادرة من أول درجة والاستئناف مبرر لخطورة الحالات المعروضة أمام القضاء والوصول إلى قواعد واضحة في حالات الحرمان للجرائم المخلة بالشرف والأمانة وجواز التوسع فيها والاستشهاد بالأحكام القضائية باعتبارها من القواعد التي يجوز لجهة الإدارة الاعتماد عليها عند إصدار قراراتها على نحو قد يهدر حقَّي الانتخاب والترشيح.