حسمت محكمة التمييز الإدارية برئاسة المستشار نجيب الماجد، أمس، الجدل بشأن حرمان المرشحين لانتخابات مجلس الأمة المدانين في جرائم الانتخابات الفرعية.
وأكدت «التمييز» قرارها بعدم قبول الطعون المقامة من المرشحين جابر المحيلبي وأحمد مطيع ومرزوق الحبيني ومرزوق الخليفة، وتأييد أحكام محكمة الاستئناف الإدارية بحرمان المترشحين من الترشح لانتخابات مجلس الأمة، وحسمت أمر الأحكام الصادرة بالإدانة في جرائم الانتخابات الفرعية بأنها أحكام مانعة من الترشح والانتخاب، ولا يجوز الترشح للمدانين بها إلا بعد ردّ الاعتبار القانوني أو القضائي لهم.
ولفتت المحكمة في حيثيات حكمها إلى أن جرائم الانتخابات الفرعية تنال من العملية الديموقراطية ومن شرف تمثيل الأمة، كما أكدت أنه لا يستقيم مع من يطلب تمثيل الأمة أن يتخذ من تنظيم الانتخابات الفرعية والاشتراك في تنظيمها بالمخالفة للقانون وسيلة للوصول إلى غايته للفوز بعضوية مجلس الأمة وتحمّل أمانة تعزيز مفاهيم الوطنية والحفاظ على مكتسبات الأمة واحترام الدستور والقانون.
وقالت إن من المقرر - في قضاء هذه المحكمة - أن التشريعات الصادرة في الكويت لم تضع تعريفاً محدداً للجريمة المخلة بالشرف والأمانة، وتركت أمر تعريفها وتحديدها للفقه والقضاء في ضوء كل حالة على حدة، وفق القيم والمبادئ التي يقوم عليها المجتمع، والتي تتغير بتغيّر نظرة المجتمع إليها والظروف المساعدة فيه وما يطرأ عليه من رُقيّ وتطور، ووفقاً لمتطلبات الحفاظ على النظام العام والآداب وأمن الوطن وسلامته، وإذا كان الفقه والقضاء قد استقر على تحديد الجريمة المخلة بالشرف والأمانة في ضوء معيار عام مقتضاه أن يكون الجرم من الأفعال التي ترجع إلى ضعف في الخلق أو انحراف في الطبع تُفقد مرتكبها الثقة أو اعتبارات الكرامة، وفقاً للمتعارف عليه في مجتمعه من قيم وآداب، وبما لا يكون معه الشخص أهلاً لتولي المناصب العامة بمراعاة ظروف كل حالة على حدة، بحسب الظروف والملابسات التي تحيط بارتكاب الجريمة والباعث على ارتكابها، فإن هذا المعيار وإن كان ينطبق بحق على الجرائم المتعلقة بالشرف بالمفهوم الشخصي وخيانة الأمانة في المعاملات التي تتسم بالسرية أو الطابع المالي، إلا أن هذا المعيار يتّسع ليشمل الجرائم الأكثر خطورة، وهي تلك التي تناقض أسس النظام الديموقراطي وتتنافر معها، وهي بلا شك جرائم يترتب عليها المساس بأمن المجتمع وتقويض أواصر الوطنية والترابط والتراحم بين أفراده وتعزيز مفاهيم الفرقة بينهم، وهي بهذا الوصف تعد أكثر خطورة على المجتمع من الجرائم المتعلقة بالشرف وخيانة الأمانة على النحو سالف البيان.
ولما كان ذلك، وكان رائد المشرع في تجريم الانتخابات الفرعية هو مناهضة إجراء مثل هذه الانتخابات التي تناقض أسس النظام الديموقراطي، الذي يقوم عليه نظام الحكم في البلاد، وفقاً للمادة 6 من الدستور، كما أنها تخالف جوهره باعتبار أن الدستور في المادة 80، لم يكتف بتقرير الاقتراع العام لاختيار أعضاء المجلس النيابي، بل أيضاً جعله مباشراً، متخذاً من ذلك أساساً لنظام الانتخاب حتى يكون التمثيل صحيحاً وتشترك الأمة بأسرها فيه، كما أن رائده أيضاً من تجريم هذه الانتخابات كان لدرء خطر جسيم يهدد نسيج المجتمع الكويتي وترابط أفراده، سواء من ناحية مضمونها بتقسيم المجتمع، أو من جهة الآثار التي ترتبها من تقويض قيم المواطنة وإحلال ولاء المرشح للناخب الذي منحه صوته محل ولائه لوطنه، فتتحول بذلك إلى أداة لقطع أواصر التراحم بين أفراد المجتمع الواحد، ومعولاً لهدم نسيج المجتمع الكويتي وترابط أفراده، وما يستتبعه ذلك من وجوب استقلال النائب وتحريره من ضغط ناخبي الدائرة التي ينتمي إليها وتأثيرها عليه، حتى تكون المصلحة العامة هي العليا، كما أنه من نافلة القول، إنه لا يستقيم مع من يطلب تمثيل الأمة أن يتخذ من تنظيم الانتخابات الفرعية والاشتراك في تنظيمها، بالمخالفة للقانون، وسيلة للوصول إلى غايته للفوز بعضوية مجلس الأمة وتحمّل أمانة تعزيز مفاهيم الوطنية والحفاظ على مكتسبات الأمة واحترام الدستور والقانون.