الانتخابات أصبحت قريبة، وبات على الأبواب يوم الاختبار الحقيقي لمن أراد أن يشارك حكمه وحكومته تعديل مسار بلده، إنه يوم الناخبين لا المرشحين، إنه اليوم الذي تستحق فيه الكويت اختيار أفضل ما فيها، تستحق مجلس أمة بلا قبيضة، خالياً من المرتشين، ومحصّناً ضد الراشين «والرائشين»، إنه حلم قديم لن يتحقق من دون رغبة وعزم حكومي وشعبي.
الكويت وكما نلمس تتجه إلى الإصلاح برؤية ونهج جديدين ومختلفين عن السابق، بحكومة عازمة على إصلاح فساد وترهل وتسيب استمر عقوداً طويلة، فهناك خطوات أولية إصلاحية تبشر بكشف المزورين، نتمنى أن تتبعها خطوات نعلم أنها صعبة وطرقها وعرة ومعرقلوها كُثر، وهي استرجاع ما نُهب من مال عام، ونجاحها يحتاج إلى تضافر الجهود والإرادات الوطنية الجادة.
الكويت تحتاج إلى نواب لا إلى «قبيضة» ومرتشين يتكسّبون من وراء الاستجوابات، ولا إلى «نوائب» يواصلون عبث وفساد من سبقوهم، ولا لمن فازوا برمية عقال وصراخ وعويل، ولا بمتعيشين من نفس طائفي يزكم الأنوف، ولا بمتنطعين زوراً بشعارات النزاهة والدين.
الكويت بحاجة إلى خبرات نيابية محنكة يُفتخر بها، لا وصمة عار على جبينها، إلى وجوه شابة متحمسة لنهضة البلد، يحترمون الحكم، ويتعاملون مع الحكومة بعقلانية ودراية بعيداً عن العنجهية الفارغة، والألفاظ السوقية المهينة، فلا دغدغة للمشاعر، ولا قوانين ضارة بمصلحة البلد ومستقبل أجياله.
فلا مكان لتلك الوجوه الكالحة التي سكتت عن، أو أيدت، إطلاق سراح مجرمين خططوا شراً لبلدنا مع دولة أجنبية، ولا لمن تطاول على النطق السامي وتحداه بصفاقة مشينة، ولا لمن زايد على نهب وهدر المزيد من أموال البلد، ولا لمن وقف في وجه كل إصلاح، أو تسبب في مزيد من الفساد والتزوير وتقهقر التعليم، وإفساد الطلبة، ودافع عن الغش والتزوير، ولا لمن ارتكب جريمة شنعاء في حق الاقتصاد الكويتي وعملة البلاد المكينة.
نريد نواباً لا يكلّون ولا يملّون من ملاحقة ومقاضاة مرتكبي جرائم المال العام والتزوير والرشوة، نواباً متعلمين أصحاب خبرة فنية ومالية وإدارية، لا نواباً بالكاد «يفكون الخط» همهم الجلوس على المقعد الأخضر الوثير المثير للطامعين.
نريد مجلس أمة يحاسب نوابه قبل أن يحاسبوا غيرهم، ويراقب أداءهم قبل أن يستجوبوا غيرهم، مسلحاً بقوانين تضبط وتراقب سلوك النائب داخل البرلمان وخارجه، فليس من حق النائب أن يقترح أو يؤيد ما هو مضر بمصلحة الكويت وأمنها.
الكويت بحاجة، سواء بمجلس أمة أو من دونه، إلى رجال بعيدين عن الرغبات والمصالح الشخصية، رجال قادرين على فهم ومجاراة التحول الذي يعيشه العالم من حولنا، يؤدون واجباتهم كما يجب بالأمانة والصدق الحقيقيين، رجال وطنيين ومحنكين بحق، سياسيين لا مسيّسين، نقيّين وعصيّين على رغبات حيتان الفساد والمتنفذين.
الكويت وشعبها يستحقان مجلس أمة موقراً لا مهجناً، يُعِين على التنمية والازدهار، لا على المزايدة بهدر المال العام.