هل يصل الأمر بنتنياهو إلى الاستقالة من الحياة السياسية مقابل إلغاء محاكمته بتهمة إتلاف وثائق أمنية تدينه بشأن الحرب في غزة؟ وهل إعلانه تشكيل لجنة تحقيق رسمية حول ما حدث في السابع من أكتوبر نوع من المراوغة التي يجيدها لتضليل الرأي العام؟ ومتى يسقط نتنياهو؟ وهل فعلا أن الرأي العام الإسرائيلي لا يسانده في حربه بغزة؟ إذاً ماذا بعد نتنياهو الذي بات همّه النجاة فقط بشخصه والحفاظ على كرسي رئاسة الوزراء؟
معظم التحليلات تقول إن هذا «الثعلب السياسي» سيبقى يتصدر المشهد إلى ما بعد الحرب، وإن كان هناك من يشكك في هذا التصور، فجميع وكالات التجسس الأميركية ترى في تقييمها السنوي الصادر هذا الأسبوع أن حالة عدم الثقة بقدرة نتنياهو على الحكم اتسعت لدى الإسرائيليين مقارنة بمستوياتها المرتفعة بالفعل قبل الحرب، لذلك توقع التقرير الاستخباراتي حدوث احتجاجات واسعة تطالب باستقالته وإجراء انتخابات.
وبحسب ما ترصده الصحافة الإسرائيلية بعد سبعة أشهر من المعركة، فالرأي العام الداخلي يتجه فعلاً إلى المطالبة بوقف الحرب وإعادة الأسرى والذهاب إلى انتخابات جديدة، لكن إذا تمت الانتخابات غداً أو اليوم، فماذا سيكون مصير نتنياهو؟ وفق استطلاعات الرأي العام ستحصل المعارضة على 76 مقعداً مقابل 44 مقعداً لكتلة نتنياهو من مجموع 120 مقعداً في «الكنيست».
نتنياهو يلعب على عامل الوقت، ويصارع من أجل ألا يفرط الائتلاف الحكومي، وليس بإمكانه فعل ذلك إذا لم يرض العضوان اليمينيان والأكثر تطرفاً وهما إيتمار بن غفير وسموتريتش، ومجرد الإعلان عن انسحابهما يعني انتخابات جديدة ومبكرة.
إذا لم تفرط الحكومة الائتلافية واستطاع أن يمسك العصا من الوسط ويراوغ كعادته، يبقى في الأفق احتمال «أن يحصل انقسام أو تمرد داخل حزب الليكود ضد نتنياهو، خصوصا في ظل تراجع شعبيته، وهنا عليه أن يتجرع الكأس المرّة».
إنما لن يكون خروجه «سالماً» هكذا بدون أن يدفع ثمن فشله، فإصراره على عدم الاعتراف بالمسؤولية والإخفاق ورميها على الجيش والمؤسسات الأمنية والمخابراتية سيواجه بالرفض، وبالتالي سيتم سوقه إلى المحاكمة.
من سيخلف نتنياهو؟ وما لون الحكومة القادمة ومشروعها السياسي بعد الزلزال الذي تعرّض له الكيان؟
إذا كان شعار لا للدولة الفلسطينية ولا لعودة «حماس» إلى غزة، ونعم للاستيطان، ومصادرة الأراضي الفلسطينية، ستبقى هذه الشعارات هي القاسم المشترك والجامع للرأي العام الإسرائيلي الذي سينتخب «كنيست» جديدا، فمعنى ذلك أن السلام والاستقرار سيكونان بعيدي المنال، وأن «حروبا» قادمة ستطل برأسها من جديد؟ وإن كان هناك من يعتقد أن معركة 7 أكتوبر 2023 قد تكون آخر المعارك بين جيل الصهيونية المتطرف الذي سيذهب نحو التآكل، ويأتي جيل جديد مختلف بالتوجهات يصب في المشروع الإبراهيمي وإعادة تثبيت أركانه، خصوصاً مع منطقة الخليج العربي.
مهما كانت صورة «اليوم التالي للحرب» فلن يقدم بايدن على إيقاف توريد السلاح والمال إلى حكومة نتنياهو، وسيكون الرهان على فك التحالف بين الدولة الراعية والأم الحنونة وإسرائيل ضرباً من الأوهام، فالمشروع الإسرائيلي ما زال حاجة أميركية، سواء اقترب موعد الانتخابات الرئاسية أم كان غيره من الاعتبارات المرتبطة بديمومة هيمنة الإمبراطورية الأميركية.
***
نهاية العالم
نسب إلى رئيس وزراء إسرائيل الأسبق إيهود أولمرت قوله إن حكومة نتنياهو تقفز بالظلام ومسكونة بفكرة «حرب نهاية العالم».