غياب مؤتمرات «الميزانية» خفّض الشفافية وزاد الغموض
توقفت مع «كورونا» واختفت دون بيان الأسباب
مرّت 4 أعوام على آخر مؤتمر صحافي أقامته وزارة المالية بحضور جميع وكلائها المساعدين مع الصحافيين بصورة مباشرة لشرح الميزانية العامة للدولة، لتقف بعد ذلك هذه المؤتمرات للكشف عن البيانات بكل شفافية وتستبدل ببيانات صحافية مُعدّة مسبقاً، وأصبح العديد من المعلومات المرتبطة بالمالية العامة للدولة عُرضة للشائعات.
وساهم غياب المؤتمر الصحافي منذ الإعلان عن ميزانية 2020/ 2021 في شح كثير من المعلومات المرتبطة بالمالية العامة للدولة بشكل مباشر، كالقواعد التي تم إعداد الميزانية عليها أو بشكل غير مباشر كسيولة الصندوق الاحتياطي العام وملاءته المالية وعمليات التمويل واستئنافها لعدد الجهات الحكومية التي قدمت مشاريعها، وهل تم اعتمادها أو رفضها لتخطيها سقف مصروفاتها، لتنخفض بعد ذلك الشفافية.
وكان آخر مؤتمر لوزارة المالية الكويتية قد أقيم في 14/ 1/ 2020، والتي أعلنت خلاله عن مشروع قانون الميزانية العامة للسنة المالية 2021/2020، الذي حافظ على سقف المصروفات عند 22.5 مليار دينار للعام الثاني على التوالي، لتقف المؤتمرات نتيجة أزمة تفشي فيروس كورونا منذ ذلك الحين.
إلا أنه بعد عودة الحياة إلى طبيعتها كسابق عهدها، فإن تلك المؤتمرات المباشرة لم تعد كما كانت في السابق، بل اكتفت بمؤتمرات خجولة قد تقيمها أحياناً عن بُعد، لتصبح بعد ذلك الكثير من الأسئلة الخاصة بالميزانية مبهمة وغير واضحة، رغم أنه يجب أن تكون كل المعلومات عن الحالة المالية للدولة مطروحة أمام المواطنين والمستثمرين الخارجيين ووكالات التقييم العالمية.
وتكمن أهمية المؤتمر الصحافي الدوري السنوي، الذي كانت تقيمه وزارة المالية، في تأسيس المزيد من الشفافية، بهدف رفع مستوى الوعي المالي للمواطن، والإجابة عن أسئلة الصحافيين ووسائل الإعلام، من خلال التواصل بنافذة مباشرة بين المسؤول والإعلامي.
كما يُعد هذا المؤتمر، بحضور وسائل الإعلام والوكلاء المساعدين في الوزارة، فرصة للحديث عن المستجدات الاقتصادية وما تم إنجازه، والقرارات على مستوى الوزارة ومستجدات الأحداث، والإجابة بشفافية عن التساؤلات التي تدور في أذهان الإعلاميين الذين ينقلون من خلالها تساؤلات المواطنين.
وهناك عدة قضايا مهمة في الآونة الأخيرة تتطلب وجود مؤتمرات صحافية لشرح الحالة المالية للدولة والاحتياطي العام ووقف الاستقطاع والقدرة على الزيادة المالية للرواتب من عدمه، إضافة إلى فرض الضرائب على أية شرائح والدَّين العام ومستجداته، إضافة إلى مشاريع زيادة الرسوم في السابق.
وأدى غياب تلك المعلومات وحجب الوصول إلى معلومات كافية للرأي العام والمواطنين عن أرقام فائقة الأهمية عن القرارات المالية للدولة، والتي يعرف المواطن من خلالها مستقبله، حيث إن تلك البيانات التفصيلية ويجب أن تكون على مستوى عال من الشفافية، وتتطلب مؤتمرات دورية باستمرار، وعدم تركها عرضة للشائعات والأخبار من مصادر غير حقيقية.
وانتشرت في الآونة الأخيرة نتيجة غياب تلك المؤتمرات والبيانات الصحيحة شائعات عن تحسين مستوى المعيشة، وظهرت أرقام غير صحيحة تم تداولها على نطاق واسع في أوساط المجتمع، حيث إن لتلك الأخبار المغلوطة انعكاسات سلبية على حالة المجتمع وفيها تغييب عن الحقيقة يجب أن تكون معلومة وفق أطر فنية مدروسة وإفصاح عن الخطوات، وإلى ما آلت اليه الدراسات وأين وصلت وعدم تركها عرضة للتأليف والتزييف، وأن تكون معلنة عبر وسائل الإعلام المرخصة والمعتمدة.
وأصبح شح المعلومات والإحصاءات والبيانات سمة سائدة في أجهزة الدولة، لاسيما أن ذلك لم يكن قاصراً على وزارة المالية فقط، بل طال الأمر عدة جهات اقتصادية ذات صلة بالحالة المالية للدولة، وأصبح إصدار البيانات والإحصاءات والأخبار الرسمية غافلة عن التطورات المحلية المتسارعة، لاسيما مع وجود التضخم وارتفاع الأسعار وعدم عرض البيانات الاقتصادية بشكل منتظم، حيث إن عرض آخر التطورات الاقتصادية وتحليل السياسة المالية للدولة والآلية التي تم من خلالها إعداد الميزانية، وترشيد المصروفات الحكومية والحرص على عدم تجاوزها للسقف، وذلك للمساعدة في إدارة الملف الاقتصادي، وعدم التسرع في إصدار قرارات اقتصادية غير مدروسة ويكون المجتمع على اطّلاع بآخر مستجداتها.
ويجب على كل جهات الدولة الاقتصادية أن تعيد التفكير في توفير البيانات المالية وتلجأ لتطوير وسائلها في إيصال المعلومات للأفراد.
وغابت عدة معلومات جوهرية منذ آخر مؤتمر أقامته وزارة المالية، ومنها كيفية تغطية العجز، وهل سيتم من خلال الاحتياطي، وهل ستستمر العجوزات، ومستوى إنتاج الكويت النفطي الحالي، وأولوية الإنفاق للوزارات والجهات الحكومية والإنفاق الرأسمالي وأسعار النفط، وتخفيض العجز والسبل لمواجهته في السنوات المقبلة، ومتوسط سعر البرميل، ووتيرة الإنفاق، والمشاريع الكبيرة، وأين وصلت، وكيفية دعم الحكومة للعمل في القطاع الخاص لتخفيف الأعباء المالية عن الباب الأول في الميزانية الخاصة بالرواتب، والدعوم، وهل هناك توجهات بزيادتها أو ترشيدها.