• كيف تصفون العلاقات الكويتية- التونسية والتقدّم المُحرز لتلك العلاقات؟
- لا يخفى على أحد أن العلاقات التونسية - الكويتية هي روابط أخوة تاريخية ومتجذّرة على مدى عقود، وأعود هنا بالذاكرة إلى فترة الكفاح الوطني ضد الاستعمار، حيث زار الكويت سنة 1925 أحد رموز الحركة الوطنية التونسية، وهو الزعيم عبدالعزيز الثعالبي للتعريف بالقضية التونسية، وقد استقبله واحتفى به أهل الكويت آنذاك أيّما احتفاء.
ومنذ استقلال البلدين، قامت بينهما علاقات دبلوماسية متينة قوامها الاحترام المتبادل والتعاون خدمة للمصالح المشتركة للشعبين الشقيقين، كما تُعدّ الكويت من الدول الرائدة في الاستثمار في تونس.
وفي الوقت الراهن، تشهد العلاقات الثنائية ديناميكية نشطة في ظل العلاقة المتميزة بين القيادة السياسية في البلدين، الرئيس قيس سعيّد وأخيه سمو الشيخ مشعل الأحمد، حيث تتسم العلاقات الثنائية بالانسجام وبتوافق الرؤى وبالتواصل الدائم بين المسؤولين في البلدين من أجل مزيد تطوير مختلف أوجه التعاون.
• ما الذي بإمكانكم أن تضيفه على عمل زميلك الذي سبقك في العمل بالكويت؟
- العمل الدبلوماسي هو جهد يومي من أجل التطويرالمستمر خدمة لمسيرة العلاقات الثنائية، وقد وجدت رصيدا إيجابيا سأسعى إلى تدعيمه في إطار رؤية متكاملة تهدف إلى استكشاف فرص جديدة للتعاون، لا سيما في المجالات الاقتصادية والتنموية والثقافية، فضلا عن العناية المستمرة بالجالية التونسية.
ومن الاستحقاقات التي يجري العمل على تحقيقها في هذا الإطار هو تكثيف زيارات كبار المسؤولين في البلدين وعقد الدورة الرابعة للجنة المشتركة التونسية - الكويتية التي من شأنها أن تفتح آفاقا أرحب للتعاون.
الاستثمارات الكويتية
• هل الاستثمارات الكويتية حاضرة في تونس، وفي أي قطاعات، وهل تسهم هذه الاستثمارات في تنمية عجلة الاقتصاد التونسي؟
- التعاون الاقتصادي مستمر منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث تعود أول اتفاقية في هذا المجال إلى عام 1963، كما انطلقت الاستثمارات الكويتية في تونس منذ عام 1976 لتشكّل نموذجاً ناجحاً للتعاون الاستثماري في الدول العربية.
وتقدّر الاستثمارات الكويتية العمومية في تونس بنحو 200 مليون دولار، علاوة على استثمارات القطاع الخاص. وتشمل هذه الاستثمارات قطاعات متنوعة كالخدمات المالية والسياحة والاتصالات والصناعة والتجارة والأنشطة الزراعية والعقارية. ويمكن القول إن الاستثمارات الكويتية قد ساهمت إيجابيا في عديد القطاعات الاقتصادية بتونس، على غرار القطاع السياحي.
ولعلّ حرص الهيئة العامة للاستثمار على دعم استثماراتها في تونس عبر ذراعها الاستثمارية «إكويتيكابيتال» يؤكد الثقة العالية في السوق التونسية التي ما فتئت تتجه نحو تطوير نسيجها الاقتصادي من خلال الاستثمار في قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، مثل تكنولوجيات الاتصال والصناعات الصيدلانية وصناعة السيارات.
• ما أهم صادراتكم إلى الكويت، وماذا تستوردون منها؟
- من أهم المنتجات التونسية المصدرة إلى السوق الكويتية، زيت الزيتون والتمور والحوامض والفواكه وكل أصناف المعكرونة والمخللات. وفي المقابل، تستورد تونس الكبريت والبوليتان والمشتقات البترولية.
ويبقى التبادل التجاري دون المستوى المأمول ونحن سنعمل، بالتنسيق مع الأشقاء الكويتيين، على الارتقاء به إلى مستوى الإمكانات المتاحة في اقتصاد البلدين وتذليل العوائق المسجّلة في هذا المجال، وفي مقدمتها غياب الخط الجوي المباشر، حيث سيكون هذا الملف من بين أولوياتنا خلال الفترة المقبلة.
الجامعات التونسية
• كيف بإمكانكم الترويج لجامعاتكم في الكويت، وهل هي معتمدة؟
- مثّلت تونس هذه السنة وجهة دراسية جاذبة لأكثر من 9400 طالب دولي اختاروا مواصلة دراستهم في الجامعات التونسية الحكومية والخاصة. وتوفر الجامعات التونسية مجموعة واسعة من البرامج الأكاديمية ذات الجودة العالية وبتكاليف مدروسة، كما تشمل هذه البرامج مختلف التخصصات، بما في ذلك الطب والهندسة والقانون والفنون الجميلة والإعلام.
وتوجد في تونس أكثر من 14 جامعة حكومية تشتمل على نحو 200 مؤسسة جامعية من كليات ومعاهد جامعية ومدارس وطنية، ويجري العمل مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إحداث «وكالة تونسية للطلبة الدوليين»، بهدف تيسير استقبالهم وتسجيلهم بالجامعات ومرافقتهم لتيسير اندماجهم الاجتماعي. • وماذا عن التعاون الثقافي والرياضي بين البلدين؟
- يعتبر القطاع الرياضي أحد أهم مجالات التعاون الثنائي، حيث سجلنا حضوراً مكثفاً للنوادي والمنتخبات الوطنية التونسية والكويتية في مختلف البطولات الإقليمية والدولية المقامة في البلديْن. كما تعتبر تونس من الوجهات المفضلة للنوادي الكويتية الراغبة في القيام بمعسكرات تدريب.
من ناحية أخرى، يوجد في دولة الكويت الشقيقة عدد مهم من الرياضيين التونسيين الأكفاء من مدربين ولاعبين واختصاصيي إعداد بدني ينشطون في النوادي الرياضية المحترفة في مختلف الرياضات الجماعية والفردية وكذلك في النوادي الصحية.
وفيما يتعلق بالشأن الثقافي، فالحركة الثقافية بين البلدين مستمرة منذ سبعينات القرن الماضي، لا سيما منذ التوقيع على اتفاق التعاون الثقافي في 14 سبتمبر 1973، ونحن نتطلع إلى تعزيز هذا التعاون في مختلف مجالات الإبداع، لا سيما من خلال تكثيف زيارات الوفود والمشاركة في التظاهرات وتبادل الخبرات وإقامة الفعاليات المشتركة.
• هل يوجد تعاون عسكري بين البلدين؟
- نعم يوجد تعاون عسكري مثمر بين البلدين الشقيقين تشرف عليه لجنة مشتركة في هذا المجال تعقد اجتماعاتها بانتظام لمتابعة مختلف أوجه التعاون المتاحة.
الترويج للسياحة
• ما الذي يميّز بلدكم عن بقية الدول العربية، وكيف بإمكانكم الترويج للسياحة في تونس؟
- تُعدّ تونس من الوجهات السياحية الرئيسية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث كانت خلال سنة 2023 قبلة لما لا يقل عن 9 ملايين سائح من أنحاء العالم كافة.
وتتميز تونس برصيد حضاري وتاريخي زاخر بوّأها لأن تكون متجذّرة في انتماءاتها العربية والإسلامية، ومنفتحة في الوقت نفسه على الحضارات والثقافات، مما جعلها فضاء تلاقٍ وتمازج وتفاعل إيجابي بين مختلف الثقافات عبر التاريخ. والمتصفح لتاريخ تونس يجده ضارباً في القدم وموشّحاً بمخزون حضاري فريد يعكس قيمة الحضارات التي شهدتها البلاد بدأ بالحضارة القبصية منذ 7000 سنة قبل الميلاد، مروراً بالحضارة القرطاجنية، ووصولاً إلى الحضارة الإسلامية والعصر الحديث. وكلّ هذه الحضارات شواهدها عديدة حيثما تجوّلت في تونس، لا سيما في المواقع الأثرية والمتاحف والجوامع والقصور والمدن التاريخية.
ويتفرّد المشهد السياحي التونسي بالتنوع الكبير، حيث يمزج بين جغرافيا طبيعية ساحرة تلتقي فيها الغابات والجبال بالشواطئ والصحراء والواحات والسهول والبحيرات الطبيعية والجزر.
وأغتنم هذه المناسبة لأخاطب من خلالكم قرّاء صحيفة الجريدة من كويتيين ومقيمين شغوفين بالسفر لأرحّب بهم لزيارة تونس والاطلاع على جمالها الخلاب.
• ما هو مستوى السياحة العلاجية لديكم؟
- تحتل تونس المرتبة الثانية في العالم كوجهة مفضلة للسياحة العلاجية، وقد سجل هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة مؤشرات إيجابية بفضل ما يتوافر بتونس من كفاءات طبية وشبه طبية ومؤسسات صحية متطورة على غرار المصحات المتخصصة في العمليات الجراحية والتجميل ومراكز للنقاهة.
من ناحية أخرى، تتوافر في تونس 7 محطات استشفاء بالمياه المعدنية و60 مركز استشفاء بمياه البحر و340 مركز استشفاء بالمياه العذبة، إضافة إلى ينابيع المياه الجوفية الحارة. وتستقطب هذه المحطات الاستشفائية أكثر من 5 ملايين زائر سنويا.
• ما هي برأيكم القواسم المشتركة بين تونس والكويت؟
- هناك الكثير من القواسم المشتركة بين بلدينا الشقيقين، لعلّ أبرزها الرصيد الحضاري العربي والإسلامي المشترك وتشابه في القيم المجتمعية، حيث جُبلت الشخصية الكويتية، كمثيلتها التونسية، على قيم الاعتدال والانفتاح والتعاون والتضامن.
ومن نقاط الالتقاء أيضاً، نذكر الحركة الثقافية والفنية المستمرة التي تميّز البلدين، وكذلك التجربة الديموقراطية الثرية وارتفاع سقف الحرية، بما في ذلك حرية الصحافة، هذا فضلاً عن التوافق في الرؤى والمواقف إزاء أهم المسائل ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما فيما يتعلق بالدفاع عن القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
• عملت في أكثر من بلد إلى أن وصلت الى الكويت، حدّثنا عن هذه التجربة ولو الصغيرة حتى اليوم؟
- كان لي خلال مساري المهني محطات في عدد من الدول الشقيقة والصديقة على غرار ليبيا ولبنان والبرتغال، وهي تجارب أثرت رصيدي الدبلوماسي، وأنا على يقين من أنّ تجربتي في دولة الكويت الشقيقة ستعزّز هذا المسار، لا سيما بفضل ما يتوافر للدبلوماسي في هذا البلد الشقيق من ظروف طيبة للعمل خدمة للعلاقات الثنائية وللمصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
• هل يحتاج الكويتي الى تأشيرة لدخول تونس، وهل يوجد خط جوي مباشر بين البلدين؟
- الكويتي معفى من تأشيرة الدخول إلى تونس، والعمل جار مع مختلف الجهات التونسية والكويتية المعنية من أجل إنجاز خط جوي مباشر بين البلدين من شأنه أن يسهم في تعزيز التدفق السياحي، وكذلك إعطاء دفع للتعاون في مجال التبادل التجاري والاستثمار والشراكة الاقتصادية. الجريدة.... صرح متميّز
حرص السفير محمد كريم البودالي على شكرنا على هذا اللقاء قائلاً: «يطيب لي أن أشكركم على هذا اللقاء، وأشكر القائمين على صحيفة الجريدة الغراء، هذا الصرح المتميز الذي ما فتئ يثري المشهد الإعلامي الكويتي منذ ما يزيد على 17 سنة، فكلّ الشكر لكم مجدداً على ترتيب هذا اللقاء، وتمنياتي لكم ولـ «الجريدة» المتألقة بمزيد من النجاح والإشعاع».
6 آلاف تونسي من الخبرات والكوادر
أكد البودالي أنه يوجد في الكويت نحو 6 آلاف مواطن تونسي معظمهم من الخبرات والكوادر في مختلف المجالات، وتحديداً في تخصصات التعليم والصحة والهندسة والطيران والخدمات المصرفية والمالية والتجارة والرياضة. وأوضح أن التونسيين المقيمين في الكويت هم محل احترام وتقدير من الشعب الكويتي، وهم مصدر فخر واعتزاز بالنسبة إلى السفارة لما يقدمونه، كل من موقعه، من صورة طيبة عن بلدهم تونس، وتعزيز روابط الأخوة والتعاون مع الكويت الشقيقة.
وقال السفير: «وبهذه المناسبة لا يفوتني أن أشكر القيادة والحكومة الكويتية على الرعاية المستمرة التي يحظى بها أبناء الجالية التونسية». الإصلاحات الاقتصادية التونسية ساهمت في تحسين مناخ الاستثمار
رداً على سؤال عن الأوضاع العامة في تونس، قال السفير البودالي: «بعد استكمال المسار الإصلاحي التصحيحي، والذي كان من أهدافه ضمان مناخ سياسي سليم قوامه احترام الحريات وعلوية القانون وتحقيق العدالة، انطلقت تونس في إصلاحات اقتصادية جذرية شملت مراجعة عدد كبير من التشريعات ذات الطابع الاقتصادي والمالي والاستثماري، إضافة إلى إصلاحات اجتماعية من أجل تحقيق التنمية لكل فئات المجتمع».
وأضاف: «ساهمت هذه الإصلاحات في تحسين مناخ الاستثمار بتونس، وفي عودة الثقة في الاقتصاد الوطني بشهادة وكالات الترقيم العالمية، حيث سجّلنا مؤشرات إيجابية تجسّدت في محافظة البلاد على توازناتها المالية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي مع الإيفاء بكل التعهدات الدولية رغم تحديات الظرف العالمي».
وتابع: «في هذا السياق، يبلغ عدد المؤسسات الأجنبية التي واصلت نشاطها في تونس أكثر من 4 آلاف شركة، كما سجلت الاستثمارات الأجنبية ارتفاعا بنسبة 34.6 بالمئة خلال أول شهرين من سنة 2024 مقارنة بالعام المنقضي»، لافتا إلى أن بلاده «تمضي في هذا النهج الإصلاحي الشامل بالاعتماد على إمكاناتها الذاتية، وفي كنف التعاون البنّاء والمثمر مع الدول الشقيقة والصديقة، بما يحقق المصالح المشتركة».
المطبخ الكويتي... وشهر رمضان
ذكر السفير التونسي أن «المطبخ الكويتي مثّل اكتشافا سارا بالنسبة إليّ، وأنا معجب بعديد الأطباق منها المطبق الزبيدي والمربين، وهي أكلات تعكس علاقة الشعب الكويتي المتجذرة بالبحر، كما تعجبني حلويات اللقيمات».
وحول انطباعاته عن شهر، قال: «شهر رمضان له مذاق خاص، فهو شهر الخير والعبادة والعمل والتسامح، وهو كذلك فرصة متجددة لإحياء القيم الإنسانية النبيلة وتعزيز الترابط الاجتماعي».
وأضاف: «وفي هذه السنة، أُتيحت لي فرصة مشاركة الشعب الكويتي الشقيق عاداته وتقاليده في الاحتفاء بهذا الشهر الكريم، ولاحظت تشابها مع الشعب التونسي في الأجواء الاحتفالية، كما لمست خصوصيات يتفرّد بها الكويتيون، ويتمسكون بها إلى اليوم على غرار إقامة الديوانيات والغبقات والاحتفاء بالقرقيعان، وهي تقاليد اجتماعية متجذّرة تعكس اعتزازاً بالهوية وفي الوقت نفسه، هي عنوان لما يتّسم به المجتمع الكويتي من حب للخير وقبول للآخر».
- لا يخفى على أحد أن العلاقات التونسية - الكويتية هي روابط أخوة تاريخية ومتجذّرة على مدى عقود، وأعود هنا بالذاكرة إلى فترة الكفاح الوطني ضد الاستعمار، حيث زار الكويت سنة 1925 أحد رموز الحركة الوطنية التونسية، وهو الزعيم عبدالعزيز الثعالبي للتعريف بالقضية التونسية، وقد استقبله واحتفى به أهل الكويت آنذاك أيّما احتفاء.
ومنذ استقلال البلدين، قامت بينهما علاقات دبلوماسية متينة قوامها الاحترام المتبادل والتعاون خدمة للمصالح المشتركة للشعبين الشقيقين، كما تُعدّ الكويت من الدول الرائدة في الاستثمار في تونس.
وفي الوقت الراهن، تشهد العلاقات الثنائية ديناميكية نشطة في ظل العلاقة المتميزة بين القيادة السياسية في البلدين، الرئيس قيس سعيّد وأخيه سمو الشيخ مشعل الأحمد، حيث تتسم العلاقات الثنائية بالانسجام وبتوافق الرؤى وبالتواصل الدائم بين المسؤولين في البلدين من أجل مزيد تطوير مختلف أوجه التعاون.
• ما الذي بإمكانكم أن تضيفه على عمل زميلك الذي سبقك في العمل بالكويت؟
- العمل الدبلوماسي هو جهد يومي من أجل التطويرالمستمر خدمة لمسيرة العلاقات الثنائية، وقد وجدت رصيدا إيجابيا سأسعى إلى تدعيمه في إطار رؤية متكاملة تهدف إلى استكشاف فرص جديدة للتعاون، لا سيما في المجالات الاقتصادية والتنموية والثقافية، فضلا عن العناية المستمرة بالجالية التونسية.
ومن الاستحقاقات التي يجري العمل على تحقيقها في هذا الإطار هو تكثيف زيارات كبار المسؤولين في البلدين وعقد الدورة الرابعة للجنة المشتركة التونسية - الكويتية التي من شأنها أن تفتح آفاقا أرحب للتعاون.
الاستثمارات الكويتية
• هل الاستثمارات الكويتية حاضرة في تونس، وفي أي قطاعات، وهل تسهم هذه الاستثمارات في تنمية عجلة الاقتصاد التونسي؟
- التعاون الاقتصادي مستمر منذ إقامة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، حيث تعود أول اتفاقية في هذا المجال إلى عام 1963، كما انطلقت الاستثمارات الكويتية في تونس منذ عام 1976 لتشكّل نموذجاً ناجحاً للتعاون الاستثماري في الدول العربية.
وتقدّر الاستثمارات الكويتية العمومية في تونس بنحو 200 مليون دولار، علاوة على استثمارات القطاع الخاص. وتشمل هذه الاستثمارات قطاعات متنوعة كالخدمات المالية والسياحة والاتصالات والصناعة والتجارة والأنشطة الزراعية والعقارية. ويمكن القول إن الاستثمارات الكويتية قد ساهمت إيجابيا في عديد القطاعات الاقتصادية بتونس، على غرار القطاع السياحي.
ولعلّ حرص الهيئة العامة للاستثمار على دعم استثماراتها في تونس عبر ذراعها الاستثمارية «إكويتيكابيتال» يؤكد الثقة العالية في السوق التونسية التي ما فتئت تتجه نحو تطوير نسيجها الاقتصادي من خلال الاستثمار في قطاعات ذات قيمة مضافة عالية، مثل تكنولوجيات الاتصال والصناعات الصيدلانية وصناعة السيارات.
• ما أهم صادراتكم إلى الكويت، وماذا تستوردون منها؟
- من أهم المنتجات التونسية المصدرة إلى السوق الكويتية، زيت الزيتون والتمور والحوامض والفواكه وكل أصناف المعكرونة والمخللات. وفي المقابل، تستورد تونس الكبريت والبوليتان والمشتقات البترولية.
ويبقى التبادل التجاري دون المستوى المأمول ونحن سنعمل، بالتنسيق مع الأشقاء الكويتيين، على الارتقاء به إلى مستوى الإمكانات المتاحة في اقتصاد البلدين وتذليل العوائق المسجّلة في هذا المجال، وفي مقدمتها غياب الخط الجوي المباشر، حيث سيكون هذا الملف من بين أولوياتنا خلال الفترة المقبلة.
الجامعات التونسية
• كيف بإمكانكم الترويج لجامعاتكم في الكويت، وهل هي معتمدة؟
- مثّلت تونس هذه السنة وجهة دراسية جاذبة لأكثر من 9400 طالب دولي اختاروا مواصلة دراستهم في الجامعات التونسية الحكومية والخاصة. وتوفر الجامعات التونسية مجموعة واسعة من البرامج الأكاديمية ذات الجودة العالية وبتكاليف مدروسة، كما تشمل هذه البرامج مختلف التخصصات، بما في ذلك الطب والهندسة والقانون والفنون الجميلة والإعلام.
وتوجد في تونس أكثر من 14 جامعة حكومية تشتمل على نحو 200 مؤسسة جامعية من كليات ومعاهد جامعية ومدارس وطنية، ويجري العمل مع وزارة التعليم العالي والبحث العلمي على إحداث «وكالة تونسية للطلبة الدوليين»، بهدف تيسير استقبالهم وتسجيلهم بالجامعات ومرافقتهم لتيسير اندماجهم الاجتماعي. • وماذا عن التعاون الثقافي والرياضي بين البلدين؟
- يعتبر القطاع الرياضي أحد أهم مجالات التعاون الثنائي، حيث سجلنا حضوراً مكثفاً للنوادي والمنتخبات الوطنية التونسية والكويتية في مختلف البطولات الإقليمية والدولية المقامة في البلديْن. كما تعتبر تونس من الوجهات المفضلة للنوادي الكويتية الراغبة في القيام بمعسكرات تدريب.
من ناحية أخرى، يوجد في دولة الكويت الشقيقة عدد مهم من الرياضيين التونسيين الأكفاء من مدربين ولاعبين واختصاصيي إعداد بدني ينشطون في النوادي الرياضية المحترفة في مختلف الرياضات الجماعية والفردية وكذلك في النوادي الصحية.
وفيما يتعلق بالشأن الثقافي، فالحركة الثقافية بين البلدين مستمرة منذ سبعينات القرن الماضي، لا سيما منذ التوقيع على اتفاق التعاون الثقافي في 14 سبتمبر 1973، ونحن نتطلع إلى تعزيز هذا التعاون في مختلف مجالات الإبداع، لا سيما من خلال تكثيف زيارات الوفود والمشاركة في التظاهرات وتبادل الخبرات وإقامة الفعاليات المشتركة.
• هل يوجد تعاون عسكري بين البلدين؟
- نعم يوجد تعاون عسكري مثمر بين البلدين الشقيقين تشرف عليه لجنة مشتركة في هذا المجال تعقد اجتماعاتها بانتظام لمتابعة مختلف أوجه التعاون المتاحة.
الترويج للسياحة
• ما الذي يميّز بلدكم عن بقية الدول العربية، وكيف بإمكانكم الترويج للسياحة في تونس؟
- تُعدّ تونس من الوجهات السياحية الرئيسية في منطقة البحر الأبيض المتوسط، حيث كانت خلال سنة 2023 قبلة لما لا يقل عن 9 ملايين سائح من أنحاء العالم كافة.
وتتميز تونس برصيد حضاري وتاريخي زاخر بوّأها لأن تكون متجذّرة في انتماءاتها العربية والإسلامية، ومنفتحة في الوقت نفسه على الحضارات والثقافات، مما جعلها فضاء تلاقٍ وتمازج وتفاعل إيجابي بين مختلف الثقافات عبر التاريخ. والمتصفح لتاريخ تونس يجده ضارباً في القدم وموشّحاً بمخزون حضاري فريد يعكس قيمة الحضارات التي شهدتها البلاد بدأ بالحضارة القبصية منذ 7000 سنة قبل الميلاد، مروراً بالحضارة القرطاجنية، ووصولاً إلى الحضارة الإسلامية والعصر الحديث. وكلّ هذه الحضارات شواهدها عديدة حيثما تجوّلت في تونس، لا سيما في المواقع الأثرية والمتاحف والجوامع والقصور والمدن التاريخية.
ويتفرّد المشهد السياحي التونسي بالتنوع الكبير، حيث يمزج بين جغرافيا طبيعية ساحرة تلتقي فيها الغابات والجبال بالشواطئ والصحراء والواحات والسهول والبحيرات الطبيعية والجزر.
وأغتنم هذه المناسبة لأخاطب من خلالكم قرّاء صحيفة الجريدة من كويتيين ومقيمين شغوفين بالسفر لأرحّب بهم لزيارة تونس والاطلاع على جمالها الخلاب.
• ما هو مستوى السياحة العلاجية لديكم؟
- تحتل تونس المرتبة الثانية في العالم كوجهة مفضلة للسياحة العلاجية، وقد سجل هذا القطاع خلال السنوات الأخيرة مؤشرات إيجابية بفضل ما يتوافر بتونس من كفاءات طبية وشبه طبية ومؤسسات صحية متطورة على غرار المصحات المتخصصة في العمليات الجراحية والتجميل ومراكز للنقاهة.
من ناحية أخرى، تتوافر في تونس 7 محطات استشفاء بالمياه المعدنية و60 مركز استشفاء بمياه البحر و340 مركز استشفاء بالمياه العذبة، إضافة إلى ينابيع المياه الجوفية الحارة. وتستقطب هذه المحطات الاستشفائية أكثر من 5 ملايين زائر سنويا.
• ما هي برأيكم القواسم المشتركة بين تونس والكويت؟
- هناك الكثير من القواسم المشتركة بين بلدينا الشقيقين، لعلّ أبرزها الرصيد الحضاري العربي والإسلامي المشترك وتشابه في القيم المجتمعية، حيث جُبلت الشخصية الكويتية، كمثيلتها التونسية، على قيم الاعتدال والانفتاح والتعاون والتضامن.
ومن نقاط الالتقاء أيضاً، نذكر الحركة الثقافية والفنية المستمرة التي تميّز البلدين، وكذلك التجربة الديموقراطية الثرية وارتفاع سقف الحرية، بما في ذلك حرية الصحافة، هذا فضلاً عن التوافق في الرؤى والمواقف إزاء أهم المسائل ذات الاهتمام المشترك، ولا سيما فيما يتعلق بالدفاع عن القضايا العادلة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية.
• عملت في أكثر من بلد إلى أن وصلت الى الكويت، حدّثنا عن هذه التجربة ولو الصغيرة حتى اليوم؟
- كان لي خلال مساري المهني محطات في عدد من الدول الشقيقة والصديقة على غرار ليبيا ولبنان والبرتغال، وهي تجارب أثرت رصيدي الدبلوماسي، وأنا على يقين من أنّ تجربتي في دولة الكويت الشقيقة ستعزّز هذا المسار، لا سيما بفضل ما يتوافر للدبلوماسي في هذا البلد الشقيق من ظروف طيبة للعمل خدمة للعلاقات الثنائية وللمصالح المشتركة للبلدين والشعبين الشقيقين.
• هل يحتاج الكويتي الى تأشيرة لدخول تونس، وهل يوجد خط جوي مباشر بين البلدين؟
- الكويتي معفى من تأشيرة الدخول إلى تونس، والعمل جار مع مختلف الجهات التونسية والكويتية المعنية من أجل إنجاز خط جوي مباشر بين البلدين من شأنه أن يسهم في تعزيز التدفق السياحي، وكذلك إعطاء دفع للتعاون في مجال التبادل التجاري والاستثمار والشراكة الاقتصادية. الجريدة.... صرح متميّز
حرص السفير محمد كريم البودالي على شكرنا على هذا اللقاء قائلاً: «يطيب لي أن أشكركم على هذا اللقاء، وأشكر القائمين على صحيفة الجريدة الغراء، هذا الصرح المتميز الذي ما فتئ يثري المشهد الإعلامي الكويتي منذ ما يزيد على 17 سنة، فكلّ الشكر لكم مجدداً على ترتيب هذا اللقاء، وتمنياتي لكم ولـ «الجريدة» المتألقة بمزيد من النجاح والإشعاع».
6 آلاف تونسي من الخبرات والكوادر
أكد البودالي أنه يوجد في الكويت نحو 6 آلاف مواطن تونسي معظمهم من الخبرات والكوادر في مختلف المجالات، وتحديداً في تخصصات التعليم والصحة والهندسة والطيران والخدمات المصرفية والمالية والتجارة والرياضة. وأوضح أن التونسيين المقيمين في الكويت هم محل احترام وتقدير من الشعب الكويتي، وهم مصدر فخر واعتزاز بالنسبة إلى السفارة لما يقدمونه، كل من موقعه، من صورة طيبة عن بلدهم تونس، وتعزيز روابط الأخوة والتعاون مع الكويت الشقيقة.
وقال السفير: «وبهذه المناسبة لا يفوتني أن أشكر القيادة والحكومة الكويتية على الرعاية المستمرة التي يحظى بها أبناء الجالية التونسية». الإصلاحات الاقتصادية التونسية ساهمت في تحسين مناخ الاستثمار
رداً على سؤال عن الأوضاع العامة في تونس، قال السفير البودالي: «بعد استكمال المسار الإصلاحي التصحيحي، والذي كان من أهدافه ضمان مناخ سياسي سليم قوامه احترام الحريات وعلوية القانون وتحقيق العدالة، انطلقت تونس في إصلاحات اقتصادية جذرية شملت مراجعة عدد كبير من التشريعات ذات الطابع الاقتصادي والمالي والاستثماري، إضافة إلى إصلاحات اجتماعية من أجل تحقيق التنمية لكل فئات المجتمع».
وأضاف: «ساهمت هذه الإصلاحات في تحسين مناخ الاستثمار بتونس، وفي عودة الثقة في الاقتصاد الوطني بشهادة وكالات الترقيم العالمية، حيث سجّلنا مؤشرات إيجابية تجسّدت في محافظة البلاد على توازناتها المالية وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي مع الإيفاء بكل التعهدات الدولية رغم تحديات الظرف العالمي».
وتابع: «في هذا السياق، يبلغ عدد المؤسسات الأجنبية التي واصلت نشاطها في تونس أكثر من 4 آلاف شركة، كما سجلت الاستثمارات الأجنبية ارتفاعا بنسبة 34.6 بالمئة خلال أول شهرين من سنة 2024 مقارنة بالعام المنقضي»، لافتا إلى أن بلاده «تمضي في هذا النهج الإصلاحي الشامل بالاعتماد على إمكاناتها الذاتية، وفي كنف التعاون البنّاء والمثمر مع الدول الشقيقة والصديقة، بما يحقق المصالح المشتركة».
المطبخ الكويتي... وشهر رمضان
ذكر السفير التونسي أن «المطبخ الكويتي مثّل اكتشافا سارا بالنسبة إليّ، وأنا معجب بعديد الأطباق منها المطبق الزبيدي والمربين، وهي أكلات تعكس علاقة الشعب الكويتي المتجذرة بالبحر، كما تعجبني حلويات اللقيمات».
وحول انطباعاته عن شهر، قال: «شهر رمضان له مذاق خاص، فهو شهر الخير والعبادة والعمل والتسامح، وهو كذلك فرصة متجددة لإحياء القيم الإنسانية النبيلة وتعزيز الترابط الاجتماعي».
وأضاف: «وفي هذه السنة، أُتيحت لي فرصة مشاركة الشعب الكويتي الشقيق عاداته وتقاليده في الاحتفاء بهذا الشهر الكريم، ولاحظت تشابها مع الشعب التونسي في الأجواء الاحتفالية، كما لمست خصوصيات يتفرّد بها الكويتيون، ويتمسكون بها إلى اليوم على غرار إقامة الديوانيات والغبقات والاحتفاء بالقرقيعان، وهي تقاليد اجتماعية متجذّرة تعكس اعتزازاً بالهوية وفي الوقت نفسه، هي عنوان لما يتّسم به المجتمع الكويتي من حب للخير وقبول للآخر».