كل الناس فرحوا بالفوز التاريخي الذي حققته السعودية على الأرجنتين، لذلك لا أعتقد أن أحداً في العالم العربي لم تتملكه السعادة بهذا الفوز والنجاح الذي حققته قطر وكذلك بمشاركة المنتخبات العربية كالمغرب وتونس في بطولة كأس العالم، فالشارع العربي اليوم يتكلم رياضة، والأنظار كلها موجهة نحو الدوحة، وهذا بحد ذاته إنجاز كبير وغير مسبوق، ومن وحي هذا الحدث العالمي وعلى خلفية السؤال الذي يرافق مناسبات كهذه: هل الرياضة تختلف عن السياسة ولغة المصالح بين الدول؟ وكيف «نوظف» الرياضة في العلاقات الدولية؟

أعترف أنني «استلفت» فكرة المقال من الأخ منصور السبيعي زميلنا في مجموعة «ديوان النخبة» بقيادة المايسترو راشد الشهراني، دون أن آخذ موافقته، فهو يندب حظه العاثر على أن أفكاره تتم سرقتها والسطو عليها دون أي مردود يعود عليه، تجيّر إلى غيره وتذهب جهوده سدى!

الفكرة يمكن اختصارها كالتالي: من وجهة نظر أحد أبناء المملكة العربية السعودية أنه يجب علينا تفعيل «الدبلوماسية الرياضية» بكل احترافية وفتح قنوات أي مكاتب رياضية في السفارات العربية والٍإسلامية، ونكون من المبادرين في هذا المجال، وتلك القنوات والملحقيات الرياضية في السفارات لديها أدوات لذلك، منها الدعايات والبرامج والملابس والألعاب الإلكترونية والإعلام والصحافة.
Ad


ليس ذلك فقط بل لدينا إمكانية إنشاء جامعات رياضية متخصصة تخرّج مختصين، وباستطاعة المملكة العربية السعودية خلق كلية رياضية عالمية، مقرها الرياض، إلى جانب مستشفى رياضي متخصص في علاج الإصابات الرياضية لأي لاعب بحيث يتاح له ولأسرته الإقامة في فندق يتبع هذا المستشفى الذي يضم متاجر رياضية وناديا للعلاج الطبيعي والتأهيل الرياضي، ولكي تكتمل حلقات الدائرة الرياضية الموسعة، يمكن فتح «بنك رياضي متخصص» يعمل في مجال استثمارات الودائع لخدمة اللاعبين ومساعدة الأندية والمنتخبات العربية، بحيث يقوم بوظيفة تمويل الرياضيين ويمدهم بالمال ويساعدهم اجتماعياً ورياضياً بمن فيهم المتقاعدون.

الرياضة أصبحت عنصر قوة وطنية وعلينا تحويلها إلى «العالمية» لكي تستقطب المختصين من كل أنحاء العالم، وبذلك تتحول السعودية إلى مركز رياضي عالمي، ونكون قد ذهبنا بعيداً إلى خارج الصندوق المعلب، والمتابعون في «المنتدى النخبة» حثوا أصحاب القرار على تبني تلك الأفكار وتحويلها إلى مشاريع على أرض الواقع.

صاحبنا الطموح لم يترك «الفكرة عائمة» بل ضرب مثلا على جدواها، تخيلوا معي لو تم فتح كلية رياضية تتبع إحدى الجامعات متخصصة في التعليم الرياضي ولديها مناهج مدروسة وموضوعة من خبراء وأساتذة مشهود لهم بالقوانين الرياضية والاستثمار الرياضي والإعلام الرياضي والرياضة البدنية وعلم النفس الرياضي إلى ما هناك من تخصصات، فهذه الكلية إذا ما أتيح لها أن تفتح أبوابها، فستستعين بمتخصصين من كل دول العالم للاستفادة من خبراتهم سواء كانوا حكاما أو لاعبين أو إداريين.

وجود المونديال في بلد عربي خليجي يحفز التفكير باستثماره والاستفادة منه على صعيد العلاقات الدولية ونقل صورة حية وواقعية أنه بإمكاننا كعرب أن ننجح في مشاريع كبرى إذا ما توافرت الإمكانات المالية والبيئة السليمة وأصحاب القرار والعقول الخلاقة، كما كتب المغرد اللبناني علي شعيب.

نعم الرياضة باتت في عقر دار أهل السياسة والسياسيين، منذ الانفتاح الأميركي على الصين وفتح بوابة السور العظيم لواشنطن والتي مهدت تلك الحادثة لزيارة الرئيس الأميركي ريتشارد نيكسون إلى بكين عام 1972 وتأسيس علاقات أنهت عزلة الصين عن العالم الخارجي، وبالأمس قاطع الغرب دورة الألعاب الأولمبية وعزلوا روسيا بعدما فرضوا عليها العقوبات الاقتصادية.

اليوم تطرح فكرة إيجابية أخرى تتصل بدور «الرياضة الدبلوماسية» أي تلك القوة الناعمة التي بمقدورها أن تؤدي أدواراً تنموية وتقرب بين الشعوب والدول، وتسهم في خلق روابط وقنوات فاعلة في العلاقات الدولية، فهل هناك من يبادر أو يتبنى ويلتقط تلك الأفكار ويجعلها قابلة للدخول في قاموس الدبلوماسية والعولمة؟