مرشح الفئة
لكل دولة ونظام طابعهما الخاص الذي تطور مع الأيام ليواكب متطلبات البلد واحتياجات الشعوب، والأهم هو الحفاظ على مكتسبات الشعوب وتحقيق التوازن بين السلطات كافة، وإعطاء أكبر عدد من الفئات المختلفة فرصة في المشاركة بصناعة القرار، المهم هو أن للديموقراطية سبيلاً وطريقاً، وإن كانت في النهاية لا تختزل في برلمان بل في نظام متكامل يحترم خصوصية كل شعب ويحقق مصالحه.
هناك طبعا أمور عديدة أوصلت بلداناً حول العالم الى نتائج عكسية اتجهت من بعدها الى تعديل أنظمتها البرلمانية وتحسين مستوى الشفافية ورفع نسبة التمثيل وهكذا، فلا داعي لإعادة اختراع العجلة في بعض الأمور الخاصة في النظم البرلمانية كالحاجة الملحة لإيجاد وإشهار مكاتب سياسية حزبية تكون وطنية مدنية لا تتبع أجندات يمينية متطرفة، ولا تخضع لطبيعة فئوية داخل المجتمعات.
ومن هنا يبرز السؤال المهم: هل نظامنا البرلماني كامل متكامل وبالشكل الأمثل لتحقيق طموح السواد الأعظم من الشعب محافظا على مصالح الأقليات وممثلا لكل الفئات؟! الإجابة بالطبع: لا، بل يشوبه شوائب عدة نوقشت وقتلت بحثا وتنظيرا الى درجة أن عموم الناس والكثير من النخب قد وصلت الى مرحلة القبول في القفز الى المجهول فقط ليتغير هذا النظام البرلماني وآلية الاختيار، وعليه نحلل بعض توجهات المرشحين الحاليين بصفة عامة وبموضوعية دون الشخصانية المعتادة والحدة في الانتقاد وحتى «الانتقام» أو السخرية الملحوظة من البعض.
بالنسبة إلى التمثيل النسائي فقد كانت المرأة ممثلة بطريقة أو بأخرى منذ إقرار حقوقها الانتخابية على استحياء شديد، أفرزت مخرجات الصناديق مرشحات وممثلات في البرلمان لفئة محددة وضيقة من الشعب، ولما كان الانطباع العام عن تجربة المرأة في البرلمان الكويتي سيئة في أذهان الشعب والإعلام والعديد من التصويتات السياسية ذات الاهتمام الشعبي، نجم عن الانتخابات في السنوات الأخيرة مخرجات محدودة جداً لا تعكس اهتمامات المرأة بشكل عام ولا تحقق مكتسباتها.
وعلى الصعيد السياسي كان للمرأة في الآونة الأخيرة وتحديدا من خلال مشاركة العضوة السابقة والمرشحة الحالية السيدة جنان بوشهري مواقف سياسية واضحة، بل مشرفة وتوجهات سياسية ممتازة جدا تستحق الثناء، أما فيما يتعلق بالعوامل الاجتماعية التي قد توثر على وجود المرأة بكثرة ففي الواقع هذه نقطة بحث تستوجب الاستفاضة.
فيما يتصل بالتمثيل العمالي ففي الواقع وبالتعريف الأشمل للعامل، أي من يبيع مجهوده البدني أو الذهني لرب العمل، فهو السواد الأعظم من الشعب، وينعكس هذا على مخرجات البرلمان بطبيعة الحال، ولكن سرعان ما ينصهر هذا المنحى من التمثيل في بوتقة السياسة والتوجهات الأيديولوجية لتتحول الطبقة العاملة الى ممثلين عن تيارات أو فئات وغيرها، وهنا نعي أن النظام الانتخابي بحد ذاته يجبر الفئات المختلفة من الشعب أن تتشرذم على نفسها، وتلتف حول مرشح الفئة أو التيار معتقدين أن هذا الأمر هو تحقيق للمصالح العامة أو حتى الشخصية، فيزداد مع هذا كله الانحياز الفئوي أو الطبقي وصولا الى «البلاهة» في الطرح حتى النخاع مع رشة من التصفيق الحار من الجماهير التي قد أتت في الغالب لتأدية واجبها الاجتماعي من خلال زيارة المقار الانتخابية غير متناسين وجبة السحور!!
كل هذه المظاهر والأمور ليست بغريبة على انتخاباتنا، لكن الأغرب هو توقعاتنا لمخرجات سياسية فنية ونحن نعيد التجربة بالمعطيات والأدوات نفسها!! والأغرب هنا اعتقادنا أو اعتقاد الكثيرين بأن الخريطة التشريعية في المجلس الماضي كانت مثلى للجميع وللشعب، وهي تخلو من قوانين لإشهار وتنظيم المكاتب السياسية المدنية!! فأين المصلحة في أمر كهذا؟!
على الهامش:
التحليل الانتخابي ومع الأسف أصبح سلعة رخيصة في بعض البرامج الإعلامية، والمؤسف بشكل أكبر هو تعزيزها للتقسيمات الفئوية، فنجد بعضها وبشكل مقزز وفج يضع تحليلات باسم مرشح الفئة الفلانية أو تلك العلانية، أوليسوا جميعا مرشحي الكويت ومواطنين فيها؟!
هامش أخير:
تطبيق قانون الوحدة الوطنية أمر جيد على المتطاول في الإعلام على الرغم من كرهي لأسلوب التحريض من البعض في الإعلام الإلكتروني، ولكن لمَ لا يطبق على كل من ضرب كل فئة أو أقلية في الشعب وطبق بشكل انتقائي على اسم واحد فقط؟!