الرسائل الأميرية: قضية حكم ومصير بلد
نهج أميري واضح وحاسم في خطابٍ خامس في أقل من سنتين منذ 22/ 6/ 2022، لم يعد البلد مرتعاً لمثيري الفتن وتمزيق وحدة الوطن في أطروحاتهم السياسية الشاذة والانفعالية، والتي تهدف إلى تأجيج مشاعر الناخبين والتكسُّب الانتخابي على حساب الوطن.
جاء خطاب العشر الأواخر لسمو الأمير ليكون قاطعاً للتخمين، مُوصداً الباب أمام الممارسات الخارجة عن الثوابت الدستورية، ومنبهاً لأخطاء وانحراف التجارب البرلمانية السابقة، حتى لا يغيب الإدراك ولا يستمر التمادي.
فقد حُل مجلس الأمة 2023، كما أورد المرسوم، لسبب جوهري ووحيد، هو «بناءً على ما بدر من مجلس الأمة من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي، وتعمُّد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة».
وها هو سمو الأمير يؤكد عدم قبول تجاوز الثوابت الدستورية، مرة أخرى، وموجهاً رسائل محددة بأن حماية الهوية الوطنية هي بقاء ووجود، وأنها قضية حكم ومصير بلد لا تقبل التهاون أو التفريط، وأن الاعتداء عليها هو اعتداء على كيان الدولة ومقوماتها الأساسية.
وفي سياق الرسائل الأميرية المباشرة والصريحة والحاسمة، تجلَّت ثلاث ركائز لمسار المستقبل وتجنب تكرار الأخطاء، للحفاظ على استمرار النهج الدستوري والديموقراطي القويم، والعمل الوطني الرشيد، واستعادة الوطن لرونقه العتيد.
«حسن اختيار من يمثلونكم، وألا يتم اختيار مَنْ كان هدفه تحقيق المصلحة الشخصية، أو افتعال الأزمات، أو المساس بالثوابت الدستورية».
«نأمل أن تسفر الانتخابات المقبلة عن مجلس متميز بوجوه ذات فكر مستنير وأعضاء مجلس أمة يستفيدون من الدروس والتجارب البرلمانية السابقة وينهضون بمسؤولياتهم الوطنية».
«لقد ثبت للجميع مدى الضرر الفادح الجسيم الذي لحق بالهوية الوطنية، من خلال العبث بالجنسية الكويتية، ونظراً لما تمثله الهوية الوطنية من بقاء ووجود وقضية حكم ومصير بلد، فإن الاعتداء عليها هو اعتداء على كيان الدولة ومقوماتها الأساسية».
فتلك الركائز والرسائل تؤكد أن سلوكيات افتعال الأزمات والإثارة للنيل من الثوابت الدستورية ليس لها مكان ولا قبول ولا تسامح في الدولة، وقد تم تجاوزها وإيصاد بابها، وهناك فسحة سياسية رائدها مجلس متميز بوجوه ذات فكر مستنير، وأعضاء مجلس أمة يستفيدون من الدروس والتجارب البرلمانية السابقة، يأتي ذلك من ممارسة انتخابية مسؤولة من الناخبين تتوج بمكوِّن متميز لمجلس الأمة القادم، سواء كانوا نواباً سابقين أو جدداً، فما يؤمل ويُرتجى منهم أن يتعظوا بالتجارب والدروس من الممارسات «المنحرفة» السابقة وآثارها وتداعياتها «المضرة» بالبلد، ليرتقي الحس الوطني لدى الأعضاء القادمين للقيام بمسؤولياتهم الوطنية بشكل يحفظ الثوابت الدستورية والركائز الوطنية، بعيداً عن تمزيق الوحدة الوطنية بإثارة سياسية منفلتة وسلوك برلماني غير رشيد، أو انكفاء يغذي عصبيات قبلية أو طائفية أو فئوية على حساب الوطن وقوته ومنعته وتماسكه.
ولن يتحقق ذلك ما لم يتم حفظ كيان الدولة ومقوماتها الأساسية بمواجهة حجم ومدى الضرر الفادح الجسيم الذي لحق «بالهوية الوطنية»، من خلال «العبث بالجنسية الكويتية»، وباعتبار أن الهوية الوطنية بالنسبة للبلد تعني مسألة «بقاء ووجود»، و«قضية حكم ومصير بلد»، فلا تسامح ولا تفريط ولا تهاون مع الاعتداء عليها، لكونه اعتداء على كيان الدولة ومقوماتها الأساسية.
وقد أُردف ذلك بتأكيد دعم كل الجهود والإجراءات التي تمت حتى اليوم لتنقية هذا الملف الوطني، والاستمرار فيها، باعتبارها قضية حكم ومصير بلد، ما يعني أنها أولوية وطنية عُليا، وأن ما سيتم مستقبلاً غايته الحفاظ على الهوية الوطنية، وغربلة ملف الجنسية، وكأني ألمح بالأفق ميلاد «الهيئة العامة للجنسية»، بل ستتوالى إجراءات وقرارات ومتابعات تعزز منعة الهوية الوطنية، ونقاء الجنسية الكويتية من كل دخيل ومزور ومزدوج يشكِّل تهديداً لبقاء البلد ووجوده، أو لمتانة مؤسسة الحكم ومؤسسات الدولة، أو مصير البلد ومستقبله.
وستكون الانتخابات القادمة يوم الخميس 4/4/2024 تاريخاً مفصلياً، فإما يعدّل المسار السياسي وينهي الانحراف البرلماني، أو ربما يفتح المجال لمعالجة مختلفة تتطلبها مسؤوليات ومقتضيات الدولة وجوداً وبقاءً.