في اليوم الـ179 من العدوان على غزة، والـ23 من شهر رمضان المبارك، أقدمت إسرائيل على استهداف عمال منظمة «وورلد سنترال كيتشن» الأميركية الخيرية، ما أسفر عن مقتل 7 بينهم مواطنون من أستراليا وبريطانيا وبولندا.

وقالت منظمة وورلد سنترال كيتشن «المبطخ العالمي»، إن العاملين، الذين كان من بينهم أيضاً فلسطينيون ومواطن يحمل الجنسيتين الأميركية والكندية، كانوا يستقلون سيارتين مدرعتين تحملان شعارها، إلى جانب مركبة أخرى بعيداً عن موقع المعارك.

Ad

وذكرت المنظمة، التي أسسها الطاهي الإسباني الشهير خوسيه أندريس، أنه على الرغم من تنسيق التحركات مع الجيش الإسرائيلي، فقد تعرضت القافلة للقصف أثناء مغادرتها مستودعها في دير البلح، بعد تفريغ أكثر من 100 طن من المساعدات الغذائية الإنسانية التي جُلبت إلى غزة عن طريق البحر.

وقالت إيرين غور، الرئيسة التنفيذية للمنظمة، «هذا ليس هجوماً على وورلد سنترال كيتشن فحسب، وإنما على المنظمات الإنسانية التي تظهر في أسوأ المواقف، حيث يستخدم الغذاء سلاح حرب، وهذا لا يغتفر».

وأقر رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو بمسؤولية بلاده عن الجريمة التي وقعت «عن غير قصد». وقال لدى مغادرته المستشفى في القدس، بعد أن خضع لعملية بسيطة، «يحدث هذا في الحرب، سنحقق في الأمر بشكل تام، نحن على اتصال مع الحكومات، وسنفعل كل شيء حتى لا يتكرر ذلك».

وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هغاري، إنه تحدث إلى مؤسس المنظمة خوسيه أندريس، وأعرب له عن «عميق تعازي الجيش الإسرائيلي لعائلات المتوفين وعائلة منظمة المطبخ المركزي العالمي كلها».

وأفاد هغاري بأن مهمة التحقيق في الحادثة ستوكل إلى وحدة تقصي الحقائق والتقييم التابعة للجيش الإسرائيلي، «سنصل إلى تفاصيل هذا الأمر، وسنشارك النتائج التي توصلنا إليها بشفافية»، مضيفاً أن رئيس هيئة الأركان هرتسي هاليفي «سيراجع شخصياً نتائج التحقيق الأولي».

وأشارت حركة حماس إلى أن هجوم إسرائيل على موظفي «وورلد كيتشن» يهدف إلى «إرهاب» العاملين في الوكالات الدولية «لمنعهم من مواصلة مهامهم الإنسانية».

وأكد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي مقتل عاملة الإغاثة لالزاومي (زومي) فرانكوم، وقال إن حكومته اتصلت بإسرائيل للمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن هذه المأساة الإنسانية. ونادى بضرورة حماية المدنيين الأبرياء وعمال الإغاثة، وكرر دعوته إلى وقف دائم لإطلاق النار وتقديم المزيد من الدعم لمن يعانون من «الحرمان الهائل». وذكرت المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي أدريان واتسون: «نشعر بالحزن والانزعاج الشديد بسبب الضربة التي أدت إلى مقتل عمال إغاثة في وورلد سنترال كيتشن بغزة»، مضيفة: «يجب حماية عمال الإغاثة أثناء قيامهم بتوصيل المساعدات التي تشتد الحاجة إليها، ونحث إسرائيل على التحقيق سريعاً فيما حدث».

وبينما تسببت غارة جوية إسرائيلية منفصلة على منزل في مقتل 6 أشخاص في رفح، أعرب وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث عن الغضب من مقتل عمال الإغاثة في غزة، مؤكداً أنه «رغم الحديث عن وقف إطلاق النار فإن الحرب تسرق أفضل ما فينا ولا يمكن الدفاع عن تصرفات من يقف وراءها».

وطالب وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون إسرائيل بالتحقيق الفوري في حادثة مقتل بريطانيين في غزة وتقديم تفسير كامل وشفاف.

وأدانت دول عربية الهجوم، وانضم مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل الى المطالبين بالمحاسبة. وقال رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانتشيث، الذي سيعترف بالدولة الفلسطينية «بحلول يوليو»، يتعين على إسرائيل توضيح الملابسات.

وطلب وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي توضيحات من إسرائيل، مضيفاً أن وارسو تعتزم إجراء تحقيقها الخاص.

خطة رفح

في غضون ذلك، ركزت المحادثات الأميركية الإسرائيلية، أمس الأول، حول التوجهات لتوسيع العمليات العسكرية، والإصرار على اجتياح رفح. وشارك في المحادثات وزير الخارجية أنتوني بلينكن، ومستشار الأمن القومي جيك سوليفان، ووزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، ومستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، ومسؤولون آخرون من الجانبين.

وطرح المسؤولون الأميركيون مقترحات لخطط بديلة في رفح، شملت «خطة لعزل مدينة رفح براً وبحراً بواسطة الجيش الإسرائيلي، وتأمين الحدود مع مصر استجابة للتحذيرات المصرية، ووضع كاميرات مراقبة، وأجهزة استشعار عند الحدود المصرية مع رفح الفلسطينية، وبناء جدار بعمق كبير، ووضع أجهزة تكنولوجية متقدمة».

وقالت السكرتيرة الصحافية للبيت الأبيض، كارين جان بيير، إن سوليفان كان يقود الوفد الأميركي في الاجتماع، الذي أعيدت جدولته من يوم الجمعة المقبل، مضيفة: «علينا أن نفهم كيف سيمضون قدماً، وأردنا التحرك بسرعة كبيرة بشأن هذا الأمر».

وأشار مسؤول أميركي إلى أننا «نريد عقد اجتماعات وجهاً لوجه واستقبال (فرق الخبراء) لمزيد من المحادثات المكثفة».

وطالب الجانب الأميركي، إسرائيل، بأن تقدم خططاً ذات مصداقية في توفير ملاذات آمنة للنازحين من رفح إلى الشمال والوسط، وأيضاً القيام بعمليات «عسكرية إسرائيلية جراحية» تركز على أهداف محددة، وتستهدف بنية «حماس»، وتستند إلى معلومات استخباراتية منسقة، إضافة إلى إقامة «غرفة قيادة عمليات مشتركة» وإرسال وفد أميركي للإشراف على التزام إسرائيل بتلك الخطط وتجنب سقوط مدن.

إلى ذلك، نقلت صحيفة بوليتيكو عن مصادر أن إدارة بايدن تدرس بيع طائرات مقاتلة وصواريخ وقنابل موجهة لإسرائيل، وأشارت إلى أن الحديث يدور حول 50 طائرة جديدة من نوع «إف 15» و30 صاروخا من نوع «جو – جو» وعدد من قنابل JDAM الموجهة.

وبعد يوم من تحذير العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي من العواقب الخطيرة لغزو رفح، ورفضهما أي محاولات لتهجير الفلسطينيين بالضفة الغربية وغزة، أعلنت الجامعة العربية عن اجتماع على مستوى وزراء الخارجية اليوم في القاهرة، لبحث التحرك العربي والدولي في ضوء التهديدات الإسرائيلية المستمرة باجتياح مدينة رفح، ودعم القضية الفلسطينية خاصة في ظل استمرار جريمة الإبادة الجماعية وسياسة التجويع التي ترتكبها إسرائيل والتهجير القسري ضد الشعب الفلسطيني.

من جانبه، ناقش وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت «سير الحرب على غزة، والجهود المختلفة لإعادة الرهائن، وما يقوم به الجيش في سائر الجبهات القتالية لإحباط الإرهاب»، مؤكداً أن إسرائيل «تخوض حرباً متعددة الجبهات على الصعيدين، الدفاعي والهجومي».

وطلب غالانت من نتنياهو والشاباك فتح تحقيق بتسريب لقاءات سرية بشأن الجبهة الشمالية وصفقة الرهائن، وحذر من أن أي تسريب للمناقشات المغلقة يخدم حماس.