تناول تقرير أسواق النقد الأسبوعي الصادر عن بنك الكويت الوطني موضوع صدور محضر اجتماع اللجنة الفدرالية للسوق المفتوحة، الأربعاء الماضي، الذي سلط الضوء على النبرة التيسيرية لمجلس الاحتياطي الفدرالي خلال اجتماعه الأخير في نوفمبر.

في التفاصيل، اتفقت الأغلبية العظمى من مسؤولي الاحتياطي الفدرالي على أن رفع أسعار الفائدة بوتيرة أبطأ أصبح أمراً مناسباً لتقييم انعكاسات السياسة النقدية على الاقتصاد، حتى أن البعض حذر من الحاجة إلى تشديد السياسة النقدية بوتيرة أكثر العام المقبل مما كان متوقعاَ. وذكر المحضر، أن «إبطاء الوتيرة سيسمح بشكل أفضل للجنة الفدرالية للسوق المفتوحة بتقييم مدى التقدم في الوصول إلى أهدافها المتمثلة في تحقيق أقصى قدر من التوظيف واستقرار الأسعار

.وكشف المحضر أن بعض مسؤولي الاحتياطي الفدرالي يعتقدون أنه سيتعين عليهم الضغط على الاقتصاد أكثر مما توقعوا في السابق نظراً لأن التضخم أظهر «إشارات قليلة حتى الآن على الانحسار» - حتى لو وصلوا إلى تلك المرحلة برفع سعر الفائدة بوتيرة أقل.
Ad


كما جادل البعض بأنه قد يكون من «المفيد» الانتظار لإبطاء وتيرة الارتفاعات حتى يكون معدل الفائدة «أكثر وضوحاً في المنطقة المقيدة للنمو الاقتصادي» وظهور إشارات أوضح تدل على تباطؤ معدل التضخم. لكن في إشارة إلى الانقسامات بين صانعي السياسات، حذر آخرون من مخاطر التأثير التراكمي لرفع أسعار الفائدة وانه قد «يتجاوز المستوى المطلوب» للسيطرة على التضخم.

ونظراً لأن رفع أسعار الفائدة يستغرق وقتاً لينعكس على الاقتصاد، اقترح صانعو السياسة النقدية «التحول إلى خفض» وتيرة رفع سعر الفائدة إلى نصف نقطة مئوية في الاجتماع المقبل في ديسمبر، في إشارة لدخول حملة تشديد السياسة النقدية مرحلة جديدة.

ووفقاً لمحضر الاجتماع، دخل المسؤولون في نقاشات مطولة حول الآثار المؤجلة لتشديد السياسة النقدية، وأشاروا إلى أن القطاعات الأكثر حساسية تجاه أسعار الفائدة مثل القطاع السكني قد تكيفت بسرعة، لكن «توقيت ظهور التأثيرات على النشاط الاقتصادي بصفة عامة وسوق العمل والتضخم ما يزال غير مؤكد».

ووفقاً للمحضر، يرى الاقتصاديون بمجلس الاحتياطي الفدرالي أن إمكانية حدوث ركود خلال العام المقبل كان «أقرب الاحتمالات» لتوقعاتهم الأساسية بأن أكبر اقتصاد في العالم سوف يتجنب بأعجوبة الوقوع في براثن الركود.

كما أشاروا أيضاً إلى تزايد المخاوف المتعلقة بمخاطر الاستقرار المالي المرتبطة باستراتيجية الاحتياطي الفدرالي لزيادة تكاليف الاقتراض بوتيرة سريعة، مستشهدين بالاضطرابات الأخيرة التي شهدتها أسواق السندات الحكومية في المملكة المتحدة مما أجبر بنك إنكلترا على التدخل.

وتداول الدولار الأميركي قرب أدنى مستوياته المسجلة في ثلاثة أشهر بعد صدور التقرير في ظل انشغال المستثمرين بإمكانية قيام الاحتياطي الفدرالي بتخفيف وتيرة تشديد السياسة النقدية بحلول ديسمبر مما ساهم في تحسن المعنويات.

ضعف النشاط التجاري

كشفت البيانات الصادرة الأربعاء عن انكماش أنشطة الأعمال في الولايات المتحدة خلال شهر نوفمبر للشهر الخامس على التوالي، إذ تراجع مؤشر الطلبات الجديدة إلى أدنى مستوياته المسجلة في عامين ونصف العام نظراً لارتفاع أسعار الفائدة، الذي ساهم بدوره في تباطؤ وتيرة الطلب.

وصرحت وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» الأربعاء بأن مؤشر مديري المشتريات المركب في الولايات المتحدة، الذي يتتبع قطاعي التصنيع والخدمات انخفض إلى 46.3 هذا الشهر مقابل قراءته السابقة التي بلغت 48.2 بنهاية أكتوبر.

وتشير أي قراءة للمؤشر أدنى من مستوى 50 إلى انكماش القطاع الخاص. ويقع النشاط الاقتصادي تحت وطأة دورة رفع أسعار الفائدة، التي تعد أكثر سياسات الاحتياطي الفدرالي تشدداً منذ الثمانينيات ضمن مساعيه لكبح التضخم عن طريق تهدئة وتيرة الطلب الاقتصادي.

لكن كان هناك بصيص من الأمل في الحرب ضد التضخم. إذ كشف المسح الذي يقيس الأسعار التي تدفعها الشركات مقابل مدخلات الإنتاج إلى 65.7 نقطة، ليسجل أدنى مستوياته منذ ديسمبر 2020، مقابل 67.0 نقطة في أكتوبر الماضي.

وعكس ذلك انحسار اختناقات العرض. وكانت الشركات تتبع سياسة رفع أسعار منتجاتها بأبطأ وتيرة منذ عامين تقريباً فيما يعزى إلى حد ما إلى تراجع الطلب، وأعلنت بعض الشركات عن تسهيلات وخصومات لإغراء العملاء للتقدم بطلبات الشراء.

من جهة أخرى، تراجعت قراءة مؤشر مديري المشتريات للقطاع الصناعي إلى 47.6 هذا الشهر، مسجلاً أدنى مستوى منذ مايو 2020 مقابل 50.4 في أكتوبر الماضي. وأشارت توقعات الاقتصاديين الذين قامت وكالة رويترز باستطلاع آرائهم إلى وصول قراءة المؤشر إلى 50.

في المقابل، انخفض مؤشر مديري المشتريات لقطاع الخدمات إلى 46.1 مقابل 47.8 في أكتوبر الماضي. كما أبلغت شركات الخدمات عن ضعف معدلات الطلب وتباطؤ أسعار المدخلات. وارتفع متوسط أسعار المدخلات بأدنى معدل خلال عامين، إلا أن المصانع ما زالت تواجه تحديات للعثور على العمالة الماهرة. ويشير هذا إلى أن تباطؤ وتيرة التضخم ستكون تدريجية في ظل استقرار الأجور.

دعم نائب محافظ بنك إنكلترا، ديف رامسدن الخميس مواصلة رفع أسعار الفائدة، لكنه قال إنه سيفكر في خفضها إذا خالفت الضغوط التي يتعرض لها الاقتصاد والتضخم توقعاته.

ويعتبر رامسدن أحدث عضو من أعضاء لجنة السياسة النقدية يذكر إمكانية خفض أسعار الفائدة في مرحلة ما، بعدما أشار بنك إنكلترا في وقت سابق من الشهر الجاري إلى تزايد توقعات السوق التي تشير إلى تخطي معدل الفائدة أكثر من 5%.