تسجل حسابات التداول في بورصة الكويت أرقاما قياسية لكنها تبدو بلا فائدة ومجرد رقم متضخم لا أكثر، إذ بلغت في نهاية الربع الأول من العام الحالي 424.530 ألف حساب مسجل في المقاصة للتداول في البورصة.

لكن حجم الحسابات النشيطة يبلغ 17.717 ألفا فقط بنسبة 4.3 في المئة، بينما يبلغ عدد الحسابات الخاملة 406.813 آلاف حساب بنسبة 95.7% وهو ما يستحق الدراسة لتلك الظاهرة والبحث العميق في أسباب الركود، ثم طرح بعض الحلول والمقترحات التي تقود إلى تفعيل تلك الحسابات.

وتجدر الإشارة إلى أن الأرقام السلبية لنسب الحسابات النشيطة لا تعني لأي طرف على الأقل من الجهات المستفيدة من العمولات أي أمر بدليل أنه يتم رصد الأرقام وإعلانها دون أن تحرك هذه الجهات ساكنا، أو تطرح حلولا ومبادرات تنشط البيئة المحيطة بالسوق كله، لا سيما أنه من صميم أعمال كل المستفيدين من العمولات طرح المبادرات وتحسين بيئة الاستثمار دون التوقف والركون إلى تغيرات قد تحدث أو لا تحدث.

Ad

ويعد غياب وتراجع سوق الاكتتابات في البورصة من ابرز أسباب ركود وخمول الحسابات وبالتبعية نضوب عمليات الإدراجات وتجديد الدماء في قوائم الشركات المدرجة، إذ لم تتغير حالة العزوف والإقبال على الإدراج كثيرا ما بين حقبة البورصة الحكومية وبورصة القطاع الخاص.

واختفاء المبادرين في قيادة التداولات وصناع السوق مجرد اسم، ليس له علاقة بصناعة الفرص أو إدارة العرض والطلب، في ظل تراجع الثقة في شريحة ليست قليلة من الشركات التي تتجمد فيها مبالغ كبيرة للمستثمرين الأفراد، نتيجة تراجع السعر السوقي بشكل حاد وبنسب خسائر كبيرة.

وباتت حالة السوق تحتاج إلى صندوق سيادي ضخم يقوم بدور صانع سوق حقيقي كمستثمر طويل الأجل بمشاركة الحكومة وطرح نسبة لمن يرغب سواء القطاع الخاص أو الأفراد ليكون له دور في زيادة عمق السوق، وإنجاح أي أداة استثمارية جديدة يتم طرحها مستقبلا.

وما يجب الاستفادة منه هو قوة نتائج القطاع المصرفي الذي يمثل عمقا ومرتكزا أساسيا للسوق، ويسهم في توفير الثقة، حيث يعد القطاع الوحيد الذي يحقق نموا سنويا، ويمنح المساهمين توزيعات جيدة، فضلا عن حجم الاستثمارات الأجنبية التي تتركز بنسبة أغلبية في تلك القطاع، وتتدفق بشكل متواصل بفضل الثقة التي توفرها البيئة التشريعية الرقابية ممثلة في هيئة الأسواق، ما يؤكد أن الإطار العام تشريعيا ورقابيا متوفر، لكن لا يوجد استغلال من أصحاب المصلحة المباشرة.

أما شركات الاستثمار فقد فقدت الكثير من دورها وتراجعت المنافسة بينها في السباق على طرح المنتجات والأدوات كما كان سابقا، ولم تعد قادرة على صناعة الفرص الاستثمارية.

وفي السوق عموما سيولة ضخمة متوافرة لدى الأفراد ووفرة في القطاع المصرفي ولدى القطاع الخاص ولا توجد أطراف قادرة على توظيف تلك السيولة في فرص تشغيلية آمنة.

وتحولت بعض شركات الاستثمار إلى مصيدة للمستثمرين وكتلة من المشاكل وترزح تحت قضايا محلية وخلافات مع مستثمرين إقليميين دون حل في الأفق، وهذا الواقع ضيّق قاعدة الخيارات وحصر فرص التعاون بين هيئة الاستثمار والجهات الحكومية المليئة مع عدد محدود من الشركات الاستثمارية.

يذكر أن المقومات في السوق تحتاج إلى تفعيل واستغلال في ظل منافسة اقليمية شديدة، على أن تكون السنة الحالية فاصلة في تغير وجه السوق والمحافظة على الزخم الذي بدأه مطلع 2024.