عقب أدائه الرائع في مستهل حملته نحو استعادة اللقب الغائب عنه منذ 20 عاما، يطمح منتخب البرازيل في التقدم خطوة أخرى نحو بلوغ دور الـ16 في نهائيات كأس العالم لكرة القدم، المقامة حاليا بقطر، عندما يواجه منتخب سويسرا اليوم.
ويلعب المنتخب البرازيلي، صاحب الرقم القياسي في عدد مرات الفوز بكأس العالم برصيد 5 ألقاب، مع منتخب سويسرا، على ملعب (974)، ضمن منافسات الجولة الثانية لمباريات المجموعة السابعة من مرحلة المجموعات في المونديال القطري.
واستهل منتخب البرازيل مشواره في المجموعة على أفضل وجه، عقب فوزه 2-صفر على منتخب صربيا في الجولة الافتتاحية الخميس الماضي، ليحصد أول ثلاث نقاط في مسيرته، ويتصدر جدول ترتيب المجموعة، بفارق هدف أمام أقرب ملاحقيه منتخب سويسرا، الذي تغلب 1 - صفر على منتخب الكاميرون في الجولة الأولى أيضا.
وربما يحجز منتخب البرازيل مقعده رسميا في الدور المقبل دون انتظار الجولة الأخيرة، حال فوزه على سويسرا، وتعثر منتخب الكاميرون في لقائه مع صربيا بنفس الجولة.
ورقة العبور
أما منتخب سويسرا، فمن الممكن أن يقتنص ورقة العبور للأدوار الإقصائية، حال فوزه على البرازيل، وتعثر منتخب صربيا أمام الكاميرون.
ويبحث كل منتخب عن تحقيق انتصاره الأول على الآخر في مواجهتهما الثالثة في كأس العالم، بعدما فرض التعادل نفسه على مباراتيهما السابقتين في المونديال، حيث تعادلا 2-2 بنسخة المسابقة التي أقيمت بالبرازيل عام 1950، فيما تعادلا 1-1 في النسخة الماضية بروسيا عام 2018.
ويخوض البرازيل المباراة بغياب نيمار، وعلى الرغم من المستوى الرائع لنيمار في الفترة الأخيرة، فإن غيابه لن يكون مؤثرا بشكل كبير على منتخب البرازيل، الذي يمتلك كتيبة مذهلة من النجوم، خاصة في خط الهجوم.
ويبدو ريتشارليسون جاهزا لقيادة هجوم البرازيل اليوم، لاسيما بعد قوة الدفع التي حصل عليها عقب تسجيله هدفي الفريق في مرمى صربيا.
كما يضم منتخب البرازيل فينيسيوس جونيور ورودريغو، ثنائي ريال مدريد الإسباني، وجابرييل جيسوس، مهاجم أرسنال الإنكليزي، ورافينيا نجم برشلونة الإسباني، وجميعهم لديهم القدرة على تعويض غياب نيمار.
الخروج بنتيجة إيجابية
من جانبه، يطمح منتخب سويسرا، الذي يشارك للمرة الـ12 في المونديال، للخروج بنتيجة إيجابية تعزز من آماله في الصعود للأدوار الإقصائية للمرة الثامنة في تاريخه والثالثة على التوالي بالمونديال، وذلك قبل لقائه المرتقب مع صربيا في ختام دور المجموعات.
ويضم منتخب سويسرا الثنائي جرانيت تشاكا وشيردان شاكيري، اللذين يملكان خبرة كبيرة في خط الوسط، وكذلك المهاجم بريل إيمبولو، الذي أحرز هدف الفريق الوحيد في الكاميرون.
لعنة إصابة نيمار تلقي بظلالها على البرازيل
أراد نيمار أن يكون مونديال قطر 2022 فرصة للانضمام إلى نادي عظماء البرازيل وقيادة «سيليساو» الى لقبه الأول منذ 2002 والسادس في تاريخه، لكن مشهد 2014 قد يتكرر بعد تعرضه للإصابة مجددا، وهذه المرة منذ المباراة الافتتاحية.
لكن الفرحة البرازيلية لم تكتمل بعد إصابة نيمار، حيث كتب اللاعب في حسابه على إنستغرام: «اليوم، إنها إحدى أسوأ اللحظات في مسيرتي... وأكثر من ذلك، (أن تحصل الإصابة) في كأس العالم مرة أخرى».
وأصيب نيمار سابقا في الكاحل الأيمن عام 2019، مما أجبره على الانسحاب من المشاركة في مسابقة كوبا أميركا.
ودخل نيمار، الذي يخوض كأس العالم للمرة الثالثة في سن الثلاثين، هذه المسابقة في حالة جيدة، بعد بداية صاخبة للموسم بقميص ناديه باريس سان جرمان.
وإصابة نيمار، تعيد إلى الأذهان ما حصل في مونديال 2014 على أرض البرازيل، حين تعرض لإصابة قوية في الظهر خلال مباراة الدور ربع النهائي ضد كولومبيا، ما حرمه من التواجد مع منتخب بلاده في الدور نصف النهائي الذي تلقى فيه هزيمة مذلة تاريخية على يد ألمانيا 1-7.
صحيح أن البرازيل تملك ترسانة هجومية للاستعانة بها في المواجهة الثالثة مع سويسرا بالنهائيات، بعد دور المجموعات لنسختي 1950 (2-2) و2018 (1-1)، لكن غياب لاعب بهالة نيمار ستؤثر بالتأكيد على معنويات «سيليساو» في مواجهة فريق صعب المراس تسبب في غياب إيطاليا عن النهائيات للمرة الثانية تواليا بالتفوق عليها في التصفيات الأوروبية (تصدر المجموعة وأجبرها على خوض الملحق، حيث سقطت أمام مقدونيا الشمالية).
كاسيميرو: لدينا خيارات عديدة
أعرب نجم المنتخب البرازيلي كارلوس كاسيميرو عن ثقته بأن المنتخب البرازيلي بإمكانه أن يمضي قدما دون نجمه نيمار.
وقال كاسيميرو، لصحيفة غلوبو البرازيلية، «إذا واصلنا الحديث عن نيمار فسنبقى هنا لأيام نظرا لأهميته. إنه نجم الفريق الذي يصنع الفارق، لكن لدينا لاعبون مماثلون، رافينيا وفينيسيوس جونيور وريتشارليسون، لدينا خيارات عديدة».
وأردف: «نيمار أحد أفضل اللاعبين في العالم، ولسوء الحظ لن يتواجد في المباراة المقبلة، لكن لدينا لاعبون يستطيعون تعويضه، بالطبع ليس بنفس مستواه».
سومر... «الملاك» الحارس
تراهن سويسرا على «ملاكها» الحارس يان سومر، المتخصص في صد ركلات الجزاء والكرات على الخط، عندما تواجه البرازيل اليوم.
لبلوغ ربع نهائي البطولة القارية، عوّض السويسريون تأخرهم بهدفين قبل 9 دقائق من نهاية الوقت الأصلي، ثم قادهم سومر إلى الفوز بصده ركلة ترجيحية للنجم كيليان مبابي (3-3 ثم 5-4).
ويتمتع ابن الثالثة والثلاثين بمزايا متعددة على غرار مهارته لدى حيازة الكرة، وصلابته على الخط، وليونة تسمح له بالارتماء في اللحظة الأخيرة.
مع المنتخب، خرج فائزا في آخر 5 مبارزات مع ركلات الجزاء، مساهما في منح بلاده الفوز ضد تشيكيا، وخصوصا بطاقة تأهل مباشرة لكأس العالم في مجموعة ضمت إيطاليا بطلة أوروبا التي انزلقت أمام سويسرا مرتين (0-0 ثم 1-1) قبل أن تودع في الملحق وتكون أبرز منتخب يغيب عن المونديال القطري.
وفي حين سيغيب المهاجم نيمار عن صفوف البرازيل بسبب التواء في كاحله ضد صربيا (2-0)، تملك سويسرا الفائزة افتتاحا على الكاميرون بهدف ابنها بريل إمبولو، حارسا دمر الإسباني سيرخيو راموس عندما أوقف ركلتي جزاء للمدافع المخضرم في ليلة واحدة بدوري الأمم الأوروبية (1-1) في نوفمبر 2020.
وعلى صعيد الأندية، سجل اللاعب السابق لنادي بازل رقماً قياسياً بصده 19 كرة ضد بايرن ميونيخ نهاية أغسطس (1-1 في الدوري)، بفارق كبير بلغ 5 صدات عن الرقم السابق.
وتنهد السويسريون عندما تعرض كاحله للالتواء في 18 أكتوبر، خلال مسابقة كأس ألمانيا ضد دارمشتادت المتواضع، وتزامنت الإصابة مع أخرى لبديله في المنتخب يوناس أوملين، بعد خمسة أيام مع فريقه مونبلييه الفرنسي.
لكن المدرب مراد ياكين خاطر بجلب الحارسَين، وإذا لم يكن سومر مقنعاً في المباراة الإعدادية التي خسرتها سويسرا ضد غانا (0-2)، إلا أنه حصل على جائزة أفضل لاعب بالمباراة ضد الكاميرون في افتتاح المونديال.
فينيسيوس لإثبات قدراته
بعُمر الثانية والعشرين، حرق فينيسيوس جونيور المراحل في ناديه ريال مدريد الإسباني ومنتخب بلاده البرازيلي بسرعة هائلة، ليذكِّر كثيراً بمسيرة النجم البرازيلي الآخر نيمار. لكن في غياب «ني» المصاب دقت ساعة الحقيقة أمام فينيسيوس ليعبِّد المسار.
أوجه الشبه كثيرة بين فينيسيوس ونيمار، فكلاهما مراوغ من الطراز الرفيع، التعاقد مع نادٍ إسباني عريق في سن مبكرة، إحراز أول دوري أبطال أوروبا مباشرة بعد ذلك، والمشاركة في كأس العالم بعُمر الثانية والعشرين.
لكن فينيسيوس (17 مباراة دولية وهدف واحد) لا يزال موهبة خام بحاجة إلى صقل، لخَّصت باكورة مبارياته في نهائيات كأس العالم ضد صربيا (2 - صفر) الموهبة التي يتمتع بها، لكن أيضاً الأخطاء التي يمكن أن يرتكبها.
وإذا كان «فيني» نجح في مراوغة المدافعين الصرب مراراً وتكراراً، فإنه لم ينجح في ترجمة الفرص التي سنحت له إلى أهداف، لكنه بالمقابل كانت له اليد الطولى في هدفي البرازيل، لأن تسديدته ارتدت من الحارس، وتهيأت أمام ريشارليسون، ليتابعها الأخير داخل الشباك، قبل أن يكون صاحب التمريرة الحاسمة للأخير الذي سجل هدفاً من حركة أكروباتية رائعة.
«فيني» مطالب بمواصلة النسج على المنوال اليوم، حيث سيتعين على المدرب تيتي إجراء تعديل هجومي في غياب نيمار.
بيد أن فينيسيوس أظهر في ريال مدريد قدرته على تحمُّل المسؤولية، كما فعل بتسجيله الهدف الوحيد في نهائي دوري أبطال أوروبا في مرمى ليفربول الإنكليزي أواخر مايو الماضي، أو في مطلع الموسم الحالي مع ريال مدريد أيضاً في غياب هداف الفريق كريم بنزيمة، من خلال تسجيله 10 أهداف.
في بداية مسيرته، كان هذا اللاعب، المولود في ريو دي جانيرو، يزعج كثيراً منافسيه وأنصاره، لأنه كان يلعب بشكل فردي وبأسلوب استفزازي.
ريشارليسون يسرق الأضواء
انتهز المهاجم البرازيلي ريشارليسون بسرعة فرصة مشاركته أساسياً مع بلاده بمونديال قطر 2022 في كرة القدم، فقادها إلى الفوز على صربيا، بتسجيله هدفين، معوضاً موسمه المتقلب مع نادي توتنهام الإنكليزي.
بعد أن أمضى موسمه الأول مع توتنهام في ظل الهداف الأول هاري كين، خطف ريشارليسون الأضواء في المباراة الأولى، ووضع حامل اللقب خمس مرات في صدارة المجموعة السابعة، التي شهدت أيضاً فوز سويسرا على الكاميرون بهدف.
بفضل هدفيه في الشوط الثاني، تفادت البرازيل بداية متعثرة على غرار الأرجنتين الخاسرة أمام السعودية، وألمانيا أمام اليابان بنتيجة واحدة 1-2.
جاء الهدف الثاني لابن الخامسة والعشرين من كرة أكروباتية جميلة وسط المنطقة، أكدت حضوره القوي مطلع المونديال الأول في الشرق الأوسط والمنطقة العربية.
لكن في المباراة التالية للبرازيل، اليوم، ضد سويسرا على استاد 974، سيكون العبء الهجومي أكبر على ريشارليسون، في ظل الإصابة المقلقة لنجم المنتخب نيمار بالتواء في كاحله وإعلان غيابه لمباراة واحدة رسمياً وعلى الأقل حتى نهاية الدور الأول، وفق تقارير.
في ظل غياب نيمار، أغلى لاعب في العالم عندما جلبه باريس سان جرمان الفرنسي من برشلونة الإسباني، سيكون أمام مدربه تيتي العديد من الخيارات، على غرار فينيسيوس جونيور، وغابريال جيزوس، ورافاينيا، أنتوني، وغابريال ومارتينيلي ورودريغو.
وخلافاً لتوتنهام، حيث يحظر عليه شغل مركز المهاجم الرئيس، في ظل وجود هداف مونديال 2018 هاري كين، أوكل مهمة التسجيل لدى «سيليساو»، وأن يكون مركز الثقل التهديفي.
بعد مباراة صربيا، قال المدرب تيتي إن بمقدوره اختيار عدة لاعبين لمركز رأس الحربة، وفق متطلبات وظروف كل مباراة.
يعتبر تيتي أن ريشارليسون هو الأفضل لديه لتوفير اللمسة الأخيرة وصاحب غريزة المفترس التي لم يظهرها مع توتنهام، بعد أن جلبه المدرب الإيطالي أنتونو كونتي من إيفرتون الموسم الماضي مقابل 72 مليون دولار.
لم يتوقع المدرب الإيطالي أن يسجل هدفين فقط في 15 مباراة هذا الموسم، بعد أن سرق الأضواء مع إيفرتون، وسجل حتى الآن 19 هدفاً في 39 مباراة مع البرازيل.