وضعت القوات الأميركية والإسرائيلية والإيرانية في منطقة الشرق الأوسط، إضافة إلى جيوش دول أخرى في المنطقة، في حالة تأهب قصوى استعداداً لردّ إيراني وشيك على الغارة التي شنتها إسرائيل على مبنى قنصلي ملحق بالسفارة الإيرانية في دمشق، مما أدى إلى مقتل قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني في سورية ولبنان، العميد محمد رضا زاهدي (63 عاماً) ونائبه و5 ضباط في «الحرس»، في خسارة وصفت بأنها الأقسى منذ اغتيال واشنطن الجنرال الإيراني الأشهر قاسم سليماني في 2020.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز عن مسؤولين أميركيين في واشنطن والشرق الأوسط إنهم يستعدون لضربات انتقامية إيرانية محتملة، وقد تم وضع القوات العسكرية الأميركية في المنطقة في حالة تأهب قصوى ووضعت إسرائيل أيضاً جيشها في حالة تأهب قصوى، وفقاً لمسؤول إسرائيلي، وألغت إجازات الوحدات القتالية، واستدعت بعض جنود الاحتياط إلى وحدات الدفاع الجوي، وحجبت إشارات نظام تحديد المواقع العالمي (GPS).
كما وضعت إيران جميع قواتها المسلحة في حالة تأهب قصوى وتم اتخاذ قرار بأنه يجب على إيران الرد مباشرة هذه المرة لخلق الردع.
وبحسب الصحيفة الأميركية، يقدر المحللون العسكريون الأميركيون أنه من المرجح أن تقوم إيران بضرب إسرائيل نفسها بدلاً من قيام وكلائها بمهاجمة القوات الأميركية في المنطقة.
وقال مسؤول دفاعي إسرائيلي، إن المحللين الإسرائيليين توصلوا إلى نفس النتيجة، وهي أن إيران نفسها ستهاجم ولن تتحرك من خلال حزب الله، أقرب حليف لها، والذي يشارك في تبادل منتظم لإطلاق النار عبر ضفتي الحدود اللبنانية الجنوبية مع القوات الإسرائيلية منذ بدء الحرب.
بدورها، نقلت شبكة «سي إن إن» الإخبارية الأميركية عن مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن الولايات المتحدة في حالة تأهب قصوى وتستعد بنشاط لهجوم إيراني «كبير» يمكن أن يحدث في أقرب وقت خلال الأسبوع المقبل أي في نهاية شهر رمضان يستهدف الأصول الإسرائيلية أو الأميركية في المنطقة رداً على الضربة الإسرائيلية في دمشق.
وقال المسؤول، إن كبار المسؤولين الأميركيين يعتقدون حالياً أن الهجوم من جانب إيران أمر حتمي وهو رأي يشاركهم فيه نظراؤهم الإسرائيليون وتعمل الحكومتان بجهد من أجل الاستعداد لما هو قادم، حيث تتوقعان أن الهجوم الإيراني قد يتكشف بطرق مختلفة وأن الأصول والأفراد الأميركيين والإسرائيليين قد يكونون مستهدفين. وقال المسؤول، إنه حتى يوم الجمعة، لم تعرف الحكومتان متى أو كيف تخطط إيران للرد.
وكشف مسؤول إسرائيلي أخيراً إن إسرائيل تلقت معلومات استخبارية تشير إلى أن الحرس الثوري قد يشن هجوماً ضد إسرائيل باستخدام صواريخ باليستية متوسطة المدى وصواريخ كروز ومسيرات انتحارية، وأفادت معلومات بأن إيران أبلغت الولايات المتحدة عبر السفارة السويسرية في طهران التي ترعى المصالح الأميركية بأنها قررت ضرب أهداف إسرائيلية. وتملك إيران خيارات متعددة للردّ بينها استهداف سفارات إسرائيلية. وقد أخلت تل أبيب 7 سفارات مهددة على الأقل بينها عدة سفارات في دول عربية مثل البحرين ومصر والأردن.
وكانت معلومات أفادت بأن نتنياهو أبلغ واشنطن بأنه في حال ردت إيران بشكل مباشر على إسرائيل فإن الأخيرة ستنقل الصراع إلى مستوى آخر.
نصرالله
من ناحيته، قال الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، في كلمة متلفزة بمناسبة يوم القدس أمس الأول، إن الرد الإيراني على استهداف القنصلية في دمشق «آت لا محالة»، معتبراً أن هذه الضربة شكّلت «مفصلاً» في الأحداث منذ السابع من أكتوبر.
وقال نصرالله: «هذه الحماقة التي ارتكبها (رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين) نتنياهو في القنصلية في دمشق ستفتح باباً للفرج الكبير وحسم هذه المعركة والانتهاء منها».
وأكّد أن «المنطقة دخلت في مرحلة جديدة» بعد الضربة، مضيفاً «على الجميع أن يحضرّ نفسه وأن يرتب أموره وأن يحتاط بشأن كيف يمكن أن تسير الأمور، يجب أن نكون جاهزين فيها لكل احتمال».
جمشيدي و«الجريدة»
وأمس الأول، قال مساعد الرئيس الإيراني للشؤون السياسية محمد جمشيدي، في تصريحات، إن إيران حذرت الولايات المتحدة في رسالة مكتوبة، من التدخل في الرد الإيراني على الغارة الإسرائيلية على دمشق، والتي أدت إلى مقتل قائد «فيلق القدس» في سورية ولبنان العميد محمد رضا زاهدي ونائبه و5 ضباط في الحرس الثوري.
وقال جمشيدي، إن طهران نبهت واشنطن بألا تقع في فخ رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتيناهو، وطالبتها بأن «تتنحى جانباً حتى لا تتعرض لضربة». وأشار جمشيدي إلى أن أميركا ردّت على رسالة إيران بطلب عدم ضرب أهداف أميركية. وكانت «الجريدة» ذكرت في خبرها المنشور بعدد الجمعة أن إيران حذرت واشنطن من التدخل لحماية إسرائيل خلال أو بعد الرد الإيراني المرتقب على هجوم دمشق. وبحسب مصادر «الجريدة» فقد تعهدت طهران بعدم استهداف أي قوات أميركية، لكنها قالت انه لا يمكنها تضمن التزام حلفائها بهذا الأمر.
ووري زاهدي الثرى أمس، في مسقط رأسه أصفهان بمشاركة الآلاف وفقاً لما أوردته وكالة أنباء الطلبة الإيرانية (اسنا). وردد المشاركون في جنازة زاهدي شعارات مناهضة لإسرائيل وطالبوا بالانتقام الفوري منها.
وأمس الأول أقيمت مراسم تشييع العسكريين السبعة تزامناً مع «يوم القدس» الذي دعا إليه مؤسس الجمهورية الإسلامية آية الله الخميني في أعقاب انتصار الثورة عام 1979. ويشهد هذا اليوم المقام سنوياً في يوم الجمعة الأخير من شهر رمضان، مسيرات مؤيدة للفلسطينيين في إيران وعدد من دول الشرق الأوسط التي تضم موالين لإيران.
وأقيمت مراسم التشييع المركزية في ميدان فردوسي ومحيطه في طهران، حيث تجمع الآلاف مردّدين هتافات «الموت لإسرائيل» و«الموت لأميركا».
وجدد القائد العام للحرس الثوري اللواء حسين سلامي في كلمة خلال المراسم، التوعد بـ«معاقبة» إسرائيل. وشدد على أن «أي عمل يقوم به أي عدو ضد نظامنا المقدس لن يمر بدون ردّ»، مؤكداً أن «النظام الصهيوني لن ينجو» من التبعات «ويدرك جيداً ما سيحصل». وكان خامنئي أقام في حسينية الإمام الخميني في طهران الخميس، الصلاة على جثامين العسكريين، بمشاركة مسؤولين عسكريين وأفراد عائلات القتلى السبعة.
وشارك في مراسم التشييع الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي وسلفه حسن روحاني، والأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية الموالية لطهران زياد النخالة، والقائد الحالي لفيلق القدس العميد إسماعيل قآني.
باقري
وقال محمد باقري رئيس أركان الجيش الإيراني أمس خلال جنازة زاهدي إن الهجوم على قنصلية إيران في دمشق خطوة مجنونة، وإن واشنطن شريكة فيها. وأضاف باقري في كلمة خلال تشييع جنازة زاهدي، أن عملية الانتقام لمقتله «ستكون في الوقت والمكان المناسبين، وستتم بطريقة دقيقة لإلحاق أكبر قدر من الضرر بالعدو وجعله يندم على فعلته»، موضحاً أن «طريقة الانتقام نحن من يحددها». وأضاف «فلتعلم إسرائيل أن عمرها قد انتهى، وأن زوالها واضمحلالها باتا قريبين».