الأسهم الأميركية تسجل خسائر أسبوعية بضغط البيانات الاقتصادية
الاقتصاد أضاف نحو 303 آلاف وظيفة الشهر الماضي والبطالة تتراجع إلى 3.8%
ارتفعت الأسهم الأميركية عند الإغلاق أمس الجمعة، بعد بيانات قوية للوظائف عززت الرأي في قوة الاقتصاد، لكنها زادت أيضاً من فرص إرجاء مجلس الاحتياطي الاتحادي خفض أسعار الفائدة، وتقدمت جميع القطاعات الرئيسية على المؤشر «ستاندرد آند بورز 500» مع قيادة أسهم شركات خدمات الاتصالات وأسهم الصناعة والتكنولوجيا للمكاسب، بينما سجلت المؤشرات الثلاثة خسائر أسبوعية بضغط البيانات الاقتصادية المتباينة.
وأظهرت بيانات وزارة العمل الأميركية ارتفاع عدد الوظائف الجديدة في مارس، عما كان متوقعاً مع زيادة الأجور بشكل مطرد، مما يشير إلى أن الاقتصاد أنهى الربع الأول على أرض صلبة، وفق «رويترز»، وربح مؤشر ستاندرد آند بورز 500 ما يصل إلى 57.87 نقطة أو 1.12%، مسجلاً 5204.30 نقاط، بينما سجل خسائر أسبوعية بنسبة 0.95%.
كما زاد مؤشر ناسداك المجمع 194.54 نقطة أو 1.21% ليسجل 16248.52 نقطة، في حين تراجع المؤشر 0.80% خلال الأسبوع، وصعد مؤشر داو جونز الصناعي 306.18 نقاط أو 0.79% إلى 38903.16 نقاط، بينما انخفض 2.27% خلال الأسبوع.
وأظهر تقرير الوظائف الأميركي ارتفاع عدد الوظائف الجديدة في مارس بوتيرة أكبر من المتوقع لينهي الاقتصاد الربع الأول في وضع جيد، مما يشير إلى احتمال تأخير مجلس الاحتياطي الفدرالي قرار خفض أسعار الفائدة هذا العام. وأظهر التقرير، الذي تصدره وزارة العمل وتترقبه الأسواق عن كثب، تراجع معدل البطالة إلى 3.8% الشهر الماضي من 3.9% في فبراير.
«S&P 500» يسجل خسائر أسبوعية بنسبة 0.95%
ويقول خبراء اقتصاد إن معظم الشركات حافظت على تكاليف اقتراض منخفضة قبل دورة تشديد السياسة النقدية، الأمر الذي وفر بعض الحماية من ارتفاع تكاليف الاقتراض ويسمح لها بالاحتفاظ بموظفيها، وفق «رويترز».
واستفاد سوق العمل أيضاً من ارتفاع معدلات الهجرة خلال العام الماضي. وقال مكتب إحصاءات العمل، التابع لوزارة العمل، إن الوظائف غير الزراعية زادت بمقدار 303 آلاف وظيفة الشهر الماضي، بزيادة تتخطى 50 ألف وظيفة، مقارنة بـ270 ألف وظيفة تم استحداثها الشهر السابق. وأضاف الاقتصاد نحو 22 ألف وظيفة فوق تقديرات يناير وفبراير.
وكانت توقعات اقتصاديين، استطلعت «رويترز» آراءهم، أشارت إلى زيادة 200 ألف وظيفة في مارس، وتراوحت التقديرات بين 150 و250 ألف وظيفة. وحسبما نقلته وكالة فرانس برس، تأتي الزيادة قبل سبعة أشهر من انتخابات سيتواجه فيها الرئيس جو بايدن والرئيس الجمهوري السابق دونالد ترامب في نوفمبر.
وجاء في بيان للرئيس الأميركي أن «التقرير الصادر اليوم يمثل علامة فارقة في عودة تعافي الولايات المتحدة»، مضيفاً: «قبل ثلاث سنوات، ورثت اقتصاداً على حافة الهاوية. بالتقرير الصادر اليوم والذي يفيد باستحداث 303 آلاف وظيفة في مارس، نكون قد تخطينا عتبة 15 مليون وظيفة تم استحداثها منذ توليت المنصب».
إلى ذلك، ارتفع معدل نمو الأجور بنسبة 0.3% على أساس شهري، في حين ارتفع متوسط الدخل في الساعة بنسبة 4.1% عن العام السابق، وفق أرقام وزارة العمل، أما معدل المشاركة في القوى العاملة فبقي شبه مستقر عند 62.7%. وكانت الحصة الأكبر من الوظائف التي تم استحداثها للرعاية الصحية والقطاعات الحكومية، وفي شكل أقل لقطاعي الترفيه والضيافة.
وتعكس الأرقام تراجعاً طفيفاً لمعدل البطالة عموما، على الرغم من ارتفاعه لدى الأميركيين السود، علماً أن هذا الارتفاع قابله انخفاض لدى ذوي الأصول الآسيوية واللاتينية.
إبقاء الفائدة على حالها
يدور نقاش بين صناع القرار في الاحتياطي الفدرالي، برئاسة جيروم باول، بشأن التوقيت المناسب للشروع في خفض معدلات الفائدة، في خضم مساع لإعادة التضخم إلى المعدل المستهدف ونسبته 2% من دون إلحاق أضرار بالاقتصاد الأميركي المزدهر.
وقال كبير الخبراء الاقتصاديين لشؤون أميركا الشمالية في «أليانز تريد» دان نورث، في تصريح لوكالة فرانس برس، «إنه رقم كبير، ولا جدال بشأنه»، في إشارة إلى استحداث 303 آلاف وظيفة الشهر الماضي، مضيفاً: «نمو كبير في الوظائف، ومعدلات المشاركة (في القوى العاملة) تعود للارتفاع بشكل حاد، والبطالة تتراجع بشكل طفيف. ما الذي يمكن أن يطلبه جيروم باول والاحتياطي الفدرالي أكثر من ذلك؟».
وذكرت إيريكا غروشن، المفوضة السابقة لمكتب الولايات المتحدة لإحصاءات العمل، أن الاقتصاد «قوي»، لكنها استبعدت أن يكون قد تعافى تماماً. وأضافت غروشن، وهي مستشارة اقتصادية في كلية كورنل للعلاقات الصناعية والعمالية، «بالتأكيد لا يؤشر ذلك إلى أن معدلات الفائدة مرتفعة جداً»، وتابعت: «من شأن هذا الأمر على الأرجح أن يدعم إرجاء أي خفض للفائدة لفترة أطول بقليل».
وتراجع معدل التضخم بشكل حاد العام الماضي، في حين حافظ الاقتصاد وسوق العمل على متانتهما، لكنه يأخذ منحى تصاعدياً منذ بداية العام، ما يدفع بعض صنّاع القرار إلى تأخير التوقيت المتوقع لبدء خفض الفوائد.
من جهته، أعرب نورث عن اعتقاده بأنه «من المرجح في هذه المرحلة أن يبدأ الاحتياطي الفدرالي بتحريك المعدلات في يوليو»، مضيفاً: «يبدو من السابق لأوانه (تحريك المعدلات) في يونيو».
تكاليف اقتراض مرتفعة
الثبات في بيانات الوظائف مفيد لبايدن الذي يشدد في حملته على أنه أعاد بناء الاقتصاد الأميركي في مرحلة ما بعد الجائحة، لكن بايدن ما زال يواجه تحدياً يتمثل في ضغوط تضخمية مستمرة يواجهها الأميركيون العاديون وتحفزها أسعار الفائدة المرتفعة.
وفي حال بقي التضخم أعلى من المعدل المستهدف 2%، من المرجح أن تدفع البيانات القوية للنمو والوظائف، الاحتياطي الفدرالي إلى إبقاء المعدلات على حالها لفترة أطول، ما يرفع تكاليف اقتراض المستهلكين والمنتجين. هذا الأمر يصعّب المهمة على المستهلكين الساعين لشراء منزل أو لسداد ديون بطاقات ائتمانية، ويزيد الأعباء المالية على الشركات الساعية للاقتراض بهدف الاستثمار في المستقبل.
وقال نورث: «ما من رئيس لا يرغب في معدلات فائدة أقل على الدوام»، معرباً عن اعتقاده بأن التدابير الاقتصادية وإن كانت بغالبيتها جيدة جداً إلا أنه «من المسلم به أن التضخم يبقى أكثر ما يثير المخاوف لدى الناس».