تشويه معنى الإنجاز
أول العمود:
منذ عام 1992 حتى هذه اللحظة ونحن نخوض في عبارة مكافحة الفساد، أسسنا 12 جهازاً رقابياً، ولا يزال الحديث عن المكافحة مستمراً! فأين الطريق؟
***
شيء مستغرب أن يتم الإعلان عن (إنجازات) دون المستوى وتسويقها تحت رعاية قياديين في الدولة، وهو دليل على البحث عن أي فكرة مهما كانت سطحية للخروج أمام كاميرات الإعلام، فتكون النتيجة موجة من التندر.
قبل أيام جرى الإعلان عن تصميم أكبر هلال مُضاء تم تنصيبه في منطقة الفحيحيل! ألم يكن من الأجدر بالمصممين وهم المتخصصون في الأعمال الكهربائية أن يبتكروا شيئاً يحفز على تقليل استهلاك الكهرباء حتى يكون حضور الوزير له معنى في بلد يعاني ضغطاً في استهلاك الطاقة؟
في عام 2016 تم الإعلان عن قرية مائية في لهيب شهر أغسطس الحارق، وظهر القياديون على شاطئ البحر لافتتاح (القرية) وتبين أنها عبارة عن مجسمات منفوخة بالهواء، وفكرتها مؤقتة تشبه إقامة مخيم في البر يُزال بعد أيام الربيع المعدودة في الكويت.
فكرة الإنجاز وامتهان كلمة إبداع صارت من ضمن المصطلحات الدارجة في الخطاب الإعلامي، وتوزع بشكل مجاني دون اعتبار لذكاء الجمهور وفطنته.
صادف تدشين الهلال الكهربائي ذاك قيام سيدة كويتية (م.مي البصيري) بالتطوع لإنشاء مكتبة في زنجبار مع فريقها، وحين نقول زنجبار فهذا يعني سفراً ومعاناة وربما إجراءات تنقّل مختلفة عن أي بلد معتاد، وقد تم إنجاز المشروع بشكل رائع ومفيد في بلد يحتاجها فعلاً، هنا يمكن وصف تلك السيدة وفريقها بالمبدعين، وأن ما قاموا به فعلا يُعد إنجازاً يستحق الإشادة.
امتهان فكرة الإبداع والإنجاز بمنتجات دون المستوى يجب أن تخضع لمراجعة تحترم عقلية الجمهور، وهي مسؤولية قياديي المؤسسات الذين يجب أن يحرصوا على تجنب الظهور الإعلامي إذا لم يكن هناك حاجة فعلية لذلك، فلقد وصلنا إلى مرحلة يتسابق فيها مسؤولون كبار يعلنون أنهم أنجزوا ألف معاملة خلال أسبوع، ويَعُدون ذلك فخراً لا واجباً يتطلب أداءه بصمت.
أليس من الغريب أن نتحدث عن إنجازات وإبداعات غير نافعة للناس في ظل عجزنا عن إصلاح شوارعنا وتسريع وتيرة العمل في بعض المشاريع الكبيرة المتعثرة؟!