كان شيء عندهم أشبه بذر الرماد في أعين الناس، حين يصرح أحد نوابهم في حديثه عن أحكام الشريعة الإسلامية: «أدعو الحكومة للأخذ بهذه الأحكام ما وسعهم»! وهو ما يجعلنا نتساءل: كيف لمطالبة شرعية بهذا الثقل والحجم يقول عنها المولى، عز وجل، بكتابه الحكيم: «لو أنزلنا هذا القرآن على جبلٍ لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله»، ثم يأتي ذلك النائب الإخونجي ليغازل الحكومة، وكأنه يقول إذا أردتم فطبقوا ما جاء بكتاب الله، وإن لم ترغبوا فلا داعي؟!

فأين الدفاع عن شرع الله إذا كنت تدَّعي الدِّين وتُدافع عنه؟ ولماذا لم تستجوب رئيس الحكومة، آنذاك، لعِظم الفاجعة؟!

Ad

نقول ذلك، ليعي الناس أن تلك الأحزاب التي تدَّعي الدِّين ليس لديها أي مشروع ديني، أو أدنى رغبة في تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية، لينتهي صراخهم بـ «شويّة» اقتراحات لم يقلقوا منامهم ليحققوها، ولم يلزموا بها الحكومة، بل لم يحققوا المطلب الرئيسي والأساسي الذي أهدروا فيه عشرات الملايين من المال العام على مدى عقدين ونصف على شكل رواتب ومكافآت داخل اللجنة العليا لاستكمال تطبيق أحكام الشريعة، كما لم يعطوا أهمية تُذكر لتعديل المادة الثانية من الدستور، وهي «دين الدولة الإسلام، والشريعة الإسلامية مصدر رئيسي للتشريع»، لتصبح «المصدر» بإضافة «الـ» إلى كلمة «مصدر»، كما تفادت الأحزاب السياسية مشروعاً جاهزاً للتطبيق بأسلمة القوانين تقدَّم به أ. د. محمد الطبطبائي عندما أنهى أعمال لجنة استكمال تطبيق الشريعة حين كان يترأسها، ليظل المشروع حبيس الأدراج.

لذلك على كل مَنْ حجب صوته عن تلك الأحزاب بهذه الانتخابات، حتى سقط منهم نصف درزن، ألا يشعر بالذنب، فجميع الأحزاب الدينية، والإخوان على وجه الخصوص، يتخذون من شعار تطبيق الشريعة تعويذة يستخدمونها إعلامياً فقط، بيد أنهم منهمكون بتسخير نفوذهم البرلماني لمصالحهم المالية والمناصب الحكومية والإضرار بالتعليم وهدم مؤسساته، كالجامعة والتطبيقي، والإساءة لنظام الابتعاث والتعيينات، لغرض الحصول على مزيد من الأصوات، لكننا بالتعاون مع آخرين فضحنا تجاوزاتهم، حتى فقدوا مصداقيتهم أمام ناخبيهم، وخصوصاً الإخوان، الذين سقطوا سقوطاً حراً، حتى إننا تلقينا رسائل ومكالمات تهنئة فور إعلان النتائج ممن تابعوا حربنا الشعواء معهم التي كسرنا فيها أذرعهم بكثير من المواجهات.

على الحكومة إقصاء الأحزاب الدينية من الوزارة، خصوصاً الإخوان، بعد خروجهم من المشهد، كما سقطت قياداتهم بعدة دول، آخرها تركيا، فسقطوا سقوطاً مدوياً، وهم لا يملكون أي مشروع هؤلاء الإخوان.

***

هل وصل الانحطاط الخلقي ليس فقط بتسريب اختبارات مقابل مبلغ من المال لينجح الطلبة بالسماعات والبراشيم من غير دراسة، ولا أن تخصص فصول للغش بالواسطة أو بالتسيُّب لينفرز لدينا «بهائم» بدلاً من شباب واعٍ مدرك قادر على بناء وطنه؟ بل وصل الحال لغسل أدمغتهم، ليعتقدوا أنه يمكن الحصول على المكاسب بارتكاب جرائم الرشوة عندما يتم إعطاء الطلبة درجات لقاء الحصول على أصوات ذويهم وأصواتهم قبيل الانتخابات البرلمانية، حين يتم تسجيل طالب أو قوائم طلابية في شُعب دراسية عند أساتذة متواطئين، وقد تم رصد دكاترة يستغلون مناصبهم لمصالح انتخابية عند محاولتهم تسجيل ونقل طلبة في بعض الكليات للتلاعب بالدرجات، وهو ما يتطلب تشكيل لجان تقصٍّ للتحقق من صحة هذه المعلومات، وفحص جميع الملفات، للتأكد من سلامة الإجراءات، ورصد أي عملية رشوة تمت للطلبة قبل الانتخابات.

***

إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.