توتر في بحر الصين... وانقسام على توسُّع «أوكوس»
واشنطن لبكين: استقرار العلاقات لا يعني تجاهل الخلافات أو تجنب المحادثات الصعبة
وسط ضغط من الولايات المتحدة لتوسيع تحالف «أوكوس» الثلاثي مع بريطانيا وأستراليا، قام الجيش الصيني أمس الأحد بدوريات قتالية في بحر الصين الجنوبي، الذي يشهد توتراً متزايداً ومحاولات متكررة لفرض النفوذ والسيطرة.
ومع انطلاق أول مناورة بحرية مشتركة بين الولايات المتحدة واليابان وأستراليا والفلبين، تشمل تدريبات على الحرب المضادة للغواصات، قال بيان للجيش الصيني: «نظمت المنطقة الجنوبية للقيادة القتالية لجيش التحرير الشعبي الصيني دورية قتالية بحرية وجوية مشتركة في بحر الصين الجنوبي في 7 أبريل»، مشيرا إلى أن جميع الأنشطة العسكرية التي تفسد الوضع في بحر الصين الجنوبي وتخلق نقاطا ساخنة تحت السيطرة.
وبعد يوم من إطلاقها أول مناورة بحرية مشتركة مع اليابان وأستراليا والفلبين في بحر الصين الجنوبي، تشمل تدريبات على الحرب المضادة للغواصات، تبدأ الولايات المتحدة اليوم محادثات مع بريطانيا وأستراليا لضم أعضاء جدد إلى تحالف «أوكوس»، الذي أطلقته الدول الثلاث في 2021 لردع الصين في المحيطين الهندي والهادئ.
وبينما تضغط واشنطن لضم اليابان إلى هذه الاتفاقية الأمنية، وفق ما كشفت مصادر لصحيفة فايننشال تايمز، تتحفظ بريطانيا وأستراليا على هذه الخطوة، وترى أنه من السابق لأوانه فتح أبواب التحالف أمام طوكيو.
ويطلق وزراء دفاع «أوكوس» اليوم محادثات لتعزيز التعاون العسكري، لاسيما في مجال التقنيات الدفاعية تحت سطح البحر والأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت، وذلك قبل يومين من لقاء مرتقب في البيت الأبيض بين الرئيس الأميركي جو بايدن ورئيس الوزراء الياباني فوميو كيشيدا، يليه اجتماع ثلاثي تاريخي بين الدول الثلاث الخميس.
وتسعى الولايات المتحدة إلى استغلال هذا الزخم لإطلاق مشاورات ضم اليابان إلى تحالف أوكوس ليتحول إلى جوكوس، خاصة بعد أن رفعت طوكيو من إنفاقها الدفاعي، لاسيما في تطوير الأسلحة التي تفوق سرعتها سرعة الصوت. وقال السفير الأميركي بطوكيو رام إيمانويل في هذا السياق إن اليابان «على وشك أن تصبح أول شريك إضافي في أوكوس».
وأثارت تعليقات السفير الأميركي استياء البيت الأبيض ولندن وكانبيرا وطوكيو، لأنه لم يكن هناك اتفاق. كما تعارض أستراليا وبريطانيا منذ أشهر فكرة دعوة اليابان للانضمام للتحالف في هذه المرحلة، ويرجع ذلك إلى رغبتهما في التركيز على حل التعقيدات القائمة في إطار التعاون الثلاثي الحالي، وخصوصا ملف الغواصات النووية الأسترالية.
لافروف يبحث مع يي التعاون وأزمة أوكرانيا والوضع في آسيا والمحيط الهادئ
في المقابل، قال نائب وزير الخارجية الأميركي، المدافع عن ضم اليابان إلى أوكوس، كيرت كامبل، هذا الأسبوع إن الولايات المتحدة تقوم بشكل منفصل بالتطوير والإنتاج المشترك مع كل من بريطانيا وأستراليا، معربا عن تفهمه لقلق بريطانيا وأستراليا، كما هو حال الكثيرين في واشنطن، من أن اليابان تفتقر إلى الأنظمة الأمنية اللازمة لحماية المعلومات الحساسة للغاية.
وأقر كامبل بأنه أمام طوكيو المزيد من العمل، مؤكدا أن الولايات المتحدة تحثها على اتخاذ إجراءات، بينما تشدد أستراليا على ضرورة التركيز على برنامج الغواصات قبل توسيع أوكوس.
ولم تثر هذه القضية الكثير من الجدل بين الحلفاء وداخل الإدارة الأميركية فقط، بل في طوكيو أيضاً، ففي ظل تأييد قوي للانضمام إلى تحالف أوكوس دعا بعض المسؤولين إلى الحذر من الانقسامات داخل دول التحالف، وأوضح رئيس الوزراء الياباني كيشيدا في تصريح صحافي أنه لم يتم اتخاذ قرار رسمي بشأن كيفية تعاون اليابان مع أوكوس في المستقبل، وقال: «من أجل ازدهار منطقة المحيطين الهندي والهادئ، نود مواصلة تعزيز تعاوننا مع الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا، وهم شركاء مهمون في الأمن والدفاع».
حرب فورية
في غضون ذلك، ذكر مركز أبحاث صيني بارز أنه ليس هناك أي خطر من اندلاع حرب فورية بين الصين والفلبين، في بحر الصين الجنوبي، على الرغم من المصادمات المتكررة في الأشهر الأخيرة.
وقالت مبادرة «استكشاف الوضع الاستراتيجي لبحر الصين الجنوبي» إن هذا يرجع إلى أن الفلبين لا تستطيع التغلب على الصين، بمفردها وأن الولايات المتحدة غير مهتمة بالتورط بشكل مباشر في أي صراع من هذا القبيل، حسب صحيفة ساوث تشاينا مورنينغ بوست.
وفي بيان مشترك مساء أمس الأول، قالت وزارات الدفاع بالولايات المتحدة واليابان واستراليا والفلبين إن «قوات الدفاع المشتركة للدول الأربع ستجري بشكل مشترك نشاطا بحريا مما يظهر التزامنا الجماعي بتعزيز التعاون الإقليمي والدولي لدعم منطقة المحيطين الهندي والهادئ لتكون حرة ومفتوحة».
وأوضح البيان أن إدارة النشاط التعاوني البحري داخل المنطقة الاقتصادية الخالصة للفلبين تهدف إلى «دعم الحق في حرية الملاحة والتحليق واحترام حقوق الإنسان والحقوق البحرية بموجب القانون الدولي والتي تنعكس في اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار (أنكولوس)».
يلين ولافروف
في الأثناء، قالت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، لرئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ، أمس، إن العلاقات الثنائية وضعت على «أساس أكثر استقرارا» خلال العام الماضي، مضيفة أن هذا لا يعني تجاهل الخلافات أو تجنب المحادثات الصعبة.
وأضافت يلين، للي في بكين، عقب زيارتها لمدينة قوانجتشو جنوبي الصين، أنه يتعين على البلدين إدارة العلاقة المعقدة بشكل مسؤول والتعاون وإظهار القيادة في مواجهة التحديات العالمية العاجلة، حسبما ذكرت وكالة بلومبرغ للأنباء.
إلى ذلك، يجري وزير الخارجية الروسية سيرغي لافروف اليوم وغداً زيارة رسمية للصين، يجري خلالها محادثات مع نظيره الصيني وانغ يي، تشمل مجموعة من قضايا التعاون الثنائي وكذلك التعاون على الساحة الدولية وتبادل معمق لوجهات النظر حول عدد من المواضيع الساخنة ومنها الأزمة الأوكرانية والوضع في منطقة آسيا والمحيط الهادئ.