في وقت يسابق الوسطاء المصريون والقطريون والأميركيون الزمن لدفع تفاهم يفضي إلى هدنة في غزة قبل حلول عيد الفطر، كثفت الولايات المتحدة ضغوطها على إسرائيل وحركة حماس بهدف قبول الاتفاق المتبلور على طاولة المفاوضات، بهدف وضع حد للحرب، التي تسببت في خسائر بشرية هائلة ودمار في مساحات واسعة من القطاع الفلسطيني المحاصر.
وبعد أن كشفت تقارير في وقت سابق وجود خلافات حول عدة نقاط، على رأسها عودة النازحين إلى شمال غزة، قالت مصادر إسرائيلية مشاركة في المفاوضات إن الولايات المتحدة ومصر طرحتا مقترحاً جديداً يتضمن إشارات تتعلق بعودة سكان غزة إلى شمال القطاع رغم المعارضة الإسرائيلية للخطوة.
وأضافت المصادر الإسرائيلية المشاركة في المفاوضات إنه «بحلول مساء الثلاثاء سنعرف ما إذا كان من الممكن المضيّ قُدما في المفاوضات وننتظر رد حماس».
وجاء ذلك بعد أن عاد الوفد الإسرائيلي من القاهرة إلى تل أبيب ليطلع القيادات السياسية على مستجدات المحادثات، فيما غادر وفد «حماس» العاصمة المصرية لإجراء مزيد من المشاورات مع قادة الحركة في الخارج قبل إبلاغ الوسطاء بردّها.
مفاوضات القاهرة
وتضاربت التقديرات أمس حول مفاوضات الهدنة وتبادل الأسرى بين إسرائيل و»حماس» في غزة، التي تستضيفها القاهرة بمشاركة أميركية وقطرية رفيعة المستوى أمس.
وبينما أكد مسؤولون في الحركة الفلسطينية وتل أبيب، عدم وجود تقدم في الاتفاق على وقف إطلاق النار، أكدت مصادر مصرية وأميركية أن الاتفاق بشأن ايجاد مسار لإنهاء الأزمة التي اندلعت قبل 6 أشهر قريب.
ونقلت وكالة رويترز نقلت عن مسؤول في «حماس» تأكيده عدم إحراز تقدّم في جولة محادثات وقف إطلاق النار التي انطلقت مساء أمس الأول في القاهرة، وشاركت فيها وفود من قطر والولايات المتحدة وإسرائيل.
وبالتزامن، كان مسؤولون إسرائيليون يؤكدون أن المسافة مع الحركة في اتفاق وقف إطلاق النار لا تزال بعيدة.
ونقلت صحيفة يديعوت أحرنوت عن المسؤولين الذين لم تسمهم، تأكيدهم عدم حدوث شيء «دراماتيكي» في المباحثات التي تستضيفها القاهرة، في وقت دعا مسؤول آخر إلى الصبر.
جاء ذلك بعد أن نقلت تقارير مصرية عن مسؤولين أن المفاوضات تحرز «تقدّما ملحوظاً».
وذكرت قناة القاهرة الإخبارية عن «مصدر مصري رفيع المستوى»، لم تكشف اسمه، أنّ «مصر تؤكد استمرار جهود الوصول لاتفاق هدنة في غزة، مع تقدّم ملحوظ في التوافق حول العديد من النقاط الخلافية».
كما أبدى دبلوماسي أجنبي في حديث لصحيفة هآرتس العبرية، تفاؤلا حذراً، وطالب بمزيد من التنازلات للوصول إلى اتفاق.
مأزق نتنياهو
في غضون ذلك، وضعت التسريبات حول التقدم المحتمل بمسار مفاوضات القاهرة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مأزق، بعد أن وجد نفسه محاصرا بضغوط دولية وأميركية هائلة للجم حربه الانتقامية، وتهديدات من الجناح اليميني المتطرف بفضّ الائتلاف الحاكم.
ورغم تبرير الجيش الإسرائيلي خطوة إعلان الانسحاب من مدينة خان يونس، كبرى مدن جنوب القطاع، والإبقاء على فرقة واحدة للعمل في غزة بأنها «استراحة مقاتل قبل الهجوم على رفح وليست مبادرة حُسن نوايا لتهيئة أجواء التفاوض»، دعا وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش، أمس، لعقد اجتماع موسع للحكومة فوراً لبحث مستجدات الحرب.
وأفادت تقديرات عبرية بأنّ سموتريتش، وهو زعيم حزب شاس، سيعلن انسحابه من الحكومة إذا كانت الصفقة وفق شروط المقاومة الفلسطينية.
كما هدد وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، بإنهاء التفويض الممنوح لنتنياهو كرئيس وزراء بحال قرر الأخير «إنهاء الحرب دون اجتياح رفح» الملاصقة للحدود المصرية والمكتظة بمئات الآلاف من النازحين.ومع تقدّم المسار الدبلوماسي الذي تضغط واشنطن لفرضه من أجل إطلاق المحتجزين الإسرائيليين وتجنّب اجتياح رفح، سيضطر نتنياهو لاتخاذ قرار مفاده «إما الاحتفاظ بالوزيرين بيني غانتس وغادي أيزنكوت اللذين يضغطان باتجاه إبرام صفقة، أو سموتريتش وبن غفير وحكومة لسنة أخرى على الأقل لإدارة الحرب».
وبالإضافة إلى الخلافات المتصاعدة في الائتلاف الحاكم، صعّدت المعارضة من احتجاجاتها، كما اتهمت عائلات المخطوفين سموتريتش وبن غفير بأنهما «نسيا معنى أن تكون يهودياً».
قصف وتحقيق
ميدانياً، شن جيش الاحتلال، غارات على أراضٍ زراعية جنوب خان يونس، كما أطلق قنابل ضوئية في البحر غرب مدينة رفح، فضلا عن قصف مدفعي على مناطق متفرقة بمدينة غزة.
من جانب آخر، جدد برنامج الأغذية العالمي التحذير من «اقتراب المجاعة أكثر من أي وقت مضى» شمال قطاع غزة، بعد 6 أشهر من بدء النزاع.
في السياق، كشفت تقارير عبرية أن تل أبيب ستوافق على إجراء تحقيق خارجي مستقل بشأن إطلاق النار على 7 من عمال الإغاثة الأجانب في «المطبخ المركزي العالمي» في دير البلح بطائرة من دون طيار من طراز زيك، فيما انتقد رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيزي تفسير إسرائيل لمقتل العمال الأجانب السبعة الأسبوع الماضي.
نيكاراغوا وألمانيا
على الصعيد الدولي، نددت نيكاراغوا بألمانيا أمام محكمة العدل الدولية بسبب دعمها لإسرائيل، قائلة إن تزويدها الحكومة الإسرائيلية بالأسلحة، بينما تقدّم مساعدات لغزة هو أمر مؤسف. وطالب ممثل نيكاراغوا محكمة العدل الدولية بحمل ألمانيا على وقف تسليح إسرائيل بشكل «عاجل جداً»، متهما برلين بالمشاركة في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني.
في هذه الأثناء، تعرّضت شابة فلسطينية، لإطلاق نار من قبل الجيش الإسرائيلي عند حاجز تياسير العسكري شرق مدينة طوباس بالضفة الغربية، مما أسفر عن مقتلها، فيما أعلنت هيئة شؤون الأسرى الفلسطينية وفاة المعتقل الفلسطيني وليد دقة (62 عاما) في أحد المستشفيات الإسرائيلية، بعدما أمضى 38 عاما رهن الاعتقال.