أكبر دولة عظمى مصابة بالعقم السياسي، تخيلوا معي أعمار مرشحين اثنين، ترامب عمره الآن 79 عاماً، وبايدن بلغ 81 عاماً، صرنا نترحم على أعمار أعضاء الحزب الشيوعي في الصين أو في الاتحاد السوفياتي، يبدأ الواحد منهم بعد عمر الثمانين نشاطه الحزبي والسياسي، يعني يصبح قريباً من حافة القبر!

مصدر القلق والخوف مرده أن المرشحين يعانون، كما يقال، أمراضاً عقلية ونفسية، راقبوا معي مستوى الردح الذي يكيله الواحد للآخر والمفردات التي يستخدمها لخصمه السياسي، كيف يكون حال أي واحد منهم، إذا فاز في انتخابات الرئاسة لأربع سنوات قادمة؟ وكيف سيحكم هذه الدولة (الإمبراطورية)؟ وهل سيكون قادراً على اتخاذ القرارات الكبرى في الوقت المناسب والصح؟

Ad

الحزب الديموقراطي أفلس بإنجاب شخصيات كفؤة ومؤهلة وأعمارها تحت السبعين! كذلك حال الحزب الجمهوري الذي أنهكته الهزائم وهو ما زال يتمسك برجل تراكمت عليه قضايا فساد وسلوك مشين واتهامات أخرى أمام المحاكم، وفوق هذا يوصف من البعض بأنه أحمق ومتهور، تحيطه حاشية من الفاسدين.

تسمع ترامب يخاطب جمهور حزبه «أنا الوحيد الذي يمكنه الفوز في انتخابات 2024» ثم تسأل وتبحث، هل أصيب هذا الحزب باليتم، ولم يعد قادراً إلا على ترشيح شخص يقال عنه في وسائل الإعلام إنه معتوه وغير سوي؟

أميركا اليوم هي بالفعل الدولة الديموقراطية الصناعية المتقدمة الأكثر انقساماً واختلالاً في العالم، ونتيجة التصويت المقبل سيبدو المشهد أكثر سوداوية، وفي حال فاز أي من بايدن أو ترامب ستسمع عبارات التخوين والتزوير غير الشرعي، وستواجه الدولة أزمات سياسية خطيرة كما حصل عندما هجم أنصار ترامب إلى داخل مبنى الكونغرس بطريقة همجية ومفزعة! وربما يلجأ أحدهما إلى التمرد على النتائج التي تقصيه عن سدة الرئاسة؟

الممارسات السياسية من بايدن وترامب قدمت نموذجاً سيئاً بتطويع واستخدام المؤسسات الحكومية لملاحقة مناوئيه وسحق أي معارضة.

موضوع أعمار المرشحين الاثنين يتصدر المشهد دون منازع، وبحسب مركز (بيو) للأبحاث، فإن متوسط عمر الرؤساء الأميركيين السابقين عند تنصيبهم كان 55 عاماً، وفي حالة فوز بايدن أو ترامب فإن رئيس أميركا القادم سيكون تقريباً في العقد الثامن أو في منتصفه، وفي كلا الحالتين يطرح السؤال عن «القدرات العقلية» التي يملكها والقدرة على البقاء «صاحياً» يبعد عنا صورة أي منهما، وهو نائم أو ضائع أو لا يقوى على المشي مستقيماً؟

الرئيس الديموقراطي بايدن يصور سلفه ترامب بأنه خارج عن السيطرة، ويشكل تهديداً لأميركا والديموقراطية نفسها، بالمقابل ينعت ترامب خصمه بأنه «مخبول» وتلك أوصاف غير معهودة.

يجمع الخبراء أن العامل الحاسم لدى غالبية الأميركيين في التصويت هو المال والاقتصاد لا المواصفات والمؤهلات الشخصية، والكفة الراجحة ستكون لدى هؤلاء بحسب ما يوجد في حافظات نقودهم أثناء الانتخابات؟

محللون استراتيجيون يتخوفون من وجود رجلين يتنافسان على الرئاسة، لا يمتلك أي منهما صفات قيادية تعيد لأميركا دورها كدولة أولى وعظمى في العالم، وهناك حالة قلق بشأن عمر الرئيس القادم، والقاعدة البشرية تقول، كلما تقدم الإنسان في العمر زادت فرص إصابته بالأمراض والمشاكل الصحية والنفسية.

صاحب أحد المواقع الإلكترونية ويدعى «موقع روبرت رايش» ينعي حالة الديموقراطية الأميركية بقوله «إن أميركا لم يعد لديها حزبان مكرسان لنظام حكم ديموقراطي» بل يتجهان إلى الانحراف صوب الاستبداد والفاشية.