في حين يعصف الجوع والدمار والمآسي بغزة، التي يحل عليها عيد الفطر مع تدني سقف التوقعات بشأن نتائج المفاوضات الدائرة بوساطة أميركية ومصرية وقطرية في القاهرة لإقناع إسرائيل و«حماس» بإبرام اتفاق هدنة وتبادل للمحتجزين حالياً، تحدى رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو أي قوة في العالم بأن تمنعه من اجتياح مدينة رفح الملاصقة للحدود المصرية، والتي تكتظ بنحو 1.4 مليون شخص من النازحين.

ورغم تنامي الضغوط الدولية لتفادي كارثة كبرى ومجازر، قال نتنياهو خلال تفقده قاعدة عسكرية أمس: «سنكمل القضاء على كتائب حماس، بما في ذلك في رفح. لا توجد قوة في العالم ستوقفنا. نحن ملتزمون بالقيام بذلك».

Ad

وأتى ذلك بعد ساعات من إعلان نتنياهو أنه حدد موعدا لاجتياح رفح، الملاذ الأخير للفلسطينيين النازحين من شمال ووسط القطاع المحاصر والمعزول عن الضفة الغربية.

وأطلق نتنياهو تهديداته قبيل انعقاد جلسة تصويت حاسمة للحكومة الأمنية المصغرة، يطرح خلالها وزير المالية المتطرف بتسلئيل سموتريتش مقترحين للتصويت عليهما، لضمان الهجوم على رفح وعدم عودة الغزيين إلى شمال القطاع بحال إبرام صفقة تبادل المحتجزين والرهائن التي تضغط واشنطن بشكل هائل من أجل تنفيذها.

وأفادت صحيفة يسرائيل هيوم بأن اجتماع «الكابينت» سيبحث وضع الحرب والصفقة، وسيطرح سموتريتش مقترحين للتصويت عليهما، الأول بضمان تعهد أميركي لدعم العودة للقتال بعد انتهاء هدنة لمدة ستة أسابيع والقيام بعملية عسكرية في رفح.

أما المقترح الثاني فيطالب الجانب الإسرائيلي في إطار تسويات القاهرة بعدم السماح لسكان غزة بالتنقل بحرية من الجنوب إلى الشمال، على نحو يتيح لحركة حماس إعادة تنظيم صفوفها والحفاظ على قوتها.​​​​​​

من ناحيته، أكد وزير الدفاع يوآف غالانت أنه «سنكون مستعدين لدفع بعض الثمن، وبعدها سنعود لنحارب»، في إشارة لاحتمال التوصل إلى اتفاق بشأن تبادل الرهائن والهدنة خلال مفاوضات القاهرة.

وأمس، أعلنت «حماس» أنها تسلمت الموقف الإسرائيلي خلال جولة المفاوضات التي جرت في العاصمة المصرية الأحد الماضي، ووصفته بأنه لا يزال «متعنتاً» ولم يستجب لأي من مطالب الشعب الفلسطيني، ورغم ذلك قالت إنها مازالت تدرس المقترحات قبل الرد عليها.

مناشدات وضغوط

وفي وقت أكد سفير إسرائيل لدى الأمم المتحدة جلعاد أردان أن الدعم الدولي يضعف، حذر الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ونظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون والعاهل الأردني الملك عبدالله الثاني، في مقال مشترك، إسرائيل من أن أي هجوم على مدينة رفح ستكون له عواقب خطيرة، و«لن يؤدي إلا إلى المزيد من الموت والمعاناة ويهدد بتصعيد إقليمي».

وفي بروكسل، صرح مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل بأن «القضاء على حماس عسكريا لن يحل المشاكل الأساسية، ومن الضروري التوصل إلى حل سياسي».

ورأى بوريل أن «الحل العسكري لإنهاء الصراع في غزة غير ممكن»، وقال إن الاتحاد الأوروبي يطالب بوقف إطلاق النار وعدم مهاجمة رفح وزيادة الدعم الإنساني لغزة والإفراج غير المشروط عن جميع الرهائن.

من جهته، شدد وزير الخارجية الفرنسي سيباستيان سيغورنيه على أنه يجب الضغط وربما فرض عقوبات على إسرائيل لفتح المعابر لإدخال المساعدات الإنسانية إلى غزة لتفادي شبح المجاعة المحدق.

وفي بكين، قال وزير الخارجية الصيني وانغ يي، عقب محادثات مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، إن السلطات الصينية تدعم رغبة الشعب الفلسطيني في إقامة دولته المستقلة، وتدعو المجتمع الدولي إلى المساعدة في تحقيق ذلك.

الحكومة والضحايا

في هذه الأثناء، استعرض وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، مع رئيس الوزراء الفلسطيني الجديد محمد مصطفى، أجندة عمل الحكومة الفلسطينية وأولوياتها.

وبحث الجانبان، خلال لقائهما في مكة المكرمة، مستجدات الأوضاع بالضفة الغربية، وقطاع غزة ومحيطها، والجهود المبذولة للوصول إلى وقف إطلاق النار فوري ومستدام، وإدخال المزيد من المساعدات الإغاثية والإنسانية.

ميدانيا، أعلنت وزارة الصحة في غزة ارتفاع حصيلة ضحايا الحرب إلى 33360 قتيلا، وسجل مقتل 153 شخصا خلال الـ24 ساعة الماضية، مشيرا إلى أن عدد المصابين الإجمالي ارتفع إلى 75993 جريحا مع دخول الحرب شهرها السابع، وكشف الدفاع المدني أنه تم انتشال جثامين 409 شهداء من مجمع الشفاء الطبي بغزة منذ انسحاب قوات الاحتلال منه، فيما تحدث خبراء في تتبع الدمار بواسطة الأقمار الصناعية عن أن نحو 45 ألف مبنى في منطقة خان يونس قد دمرت أو تضررت جراء العمليات الإسرائيلية.

في المقابل، ذكر الجيش الإسرائيلي أنه قضى على رئيس لجنة الطوارئ الحكومية التابعة لـ «حماس» في مخيمات الوسطى حاتم الغمري في ضربة جوية.

عقوبات تركيا

ومع تنامي المخاوف من اتساع دائرة الاضطرابات والمواجهات الإقليمية جراء الأزمة، أعلنت تركيا فرض قيود تجارية على صادراتها لإسرائيل حتى يتم وقف إطلاق النار بغزة، وهو ما دفع الأخيرة إلى التعهد بفرض خطوات اقتصادية انتقامية ضد السلع التركية.

وفرضت أنقرة، التي تنتقد بشدة الأعمال العسكرية الإسرائيلية في غزة، لأول مرة، قيودا على صادرات 54 نوعا من المنتجات إلى تل أبيب بأثر فوري، وتشمل الصادرات منتجات الألمنيوم والصلب ومنتجات البناء ووقود الطائرات والأسمدة الكيماوية.

وردا على القيود التجارية التركية، أعلنت إسرائيل أنها تستعد لفرض حظر على المنتجات التركية، متهمة الرئيس رجب طيب أردوغان بأنه يضحي بمصالح تركيا من أجل دعم «حماس».

وجاءت هذه الخطوة بعد يوم من إعلان وزير الخارجية التركي هاكان فيدان منع إسرائيل طائرات الشحن العسكرية التركية من الانضمام إلى عملية إسقاط المساعدات الإنسانية إلى غزة، وتعهده بالرد بسلسلة من التدابير ضد الدولة العبرية، حتى تعلن وقف إطلاق النار في غزة، والسماح بتدفق المساعدات دون انقطاع.