تواصل درجات حرارة المحيطات تسجيل أرقام قياسية جديدة خلال عام 2024، لتؤكد استمرار الاتجاه السائد منذ عام 2023، حيث تتجاوز درجات الحرارة الأرقام القياسية السابقة بفارق كبير، وفقاً لتقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية.

وحسب خدمة «كوبرنيكوس» المعنية بتغير المناخ، وهي مؤسسة بحثية ممولة من قبل الاتحاد الأوروبي، فقد بلغ متوسط درجة حرارة سطح البحر العالمية الشهر الماضي ذروة شهرية جديدة بلغت 21.07 درجة مئوية، أو 69.93 درجة فهرنهايت.

وقالت نائبة مدير كوبرنيكوس، سامانثا بورغيس، في بيان «يواصل شهر مارس 2024 سلسلة تحطيم الأرقام القياسية للمناخ لكل من درجة حرارة الهواء ودرجة حرارة سطح المحيط».
Ad


ووفقاً لتوقعات من قبل علماء بجامعة ولاية كولورادو، فإن منطقة المحيط الأطلسي الاستوائية دافئة «بشكل غير طبيعي»، مما قد يُساعد على تهيئة الظروف لموسم أعاصير نشط، حيث توفر درجات حرارة المحيطات المرتفعة المزيد من الطاقة لتغذية العواصف القوية.

وترتفع درجات الحرارة العالمية على المدى الطويل بسبب حرق الوقود الأحفوري، الذي يضيف غازات الاحتباس الحراري المتسببة في ارتفاع درجة حرارة الكوكب، وفق الصحيفة.

وأدى تغيّر المناخ حتى الآن إلى ارتفاع متوسط درجة الحرارة العالمية بنحو 1.2 درجة مئوية فوق متوسط درجة الحرارة ما قبل عصر الصناعة.

ونظراً لأن تسخين المياه يتطلب حرارة أكثر من تسخين الهواء، فقد امتصت المحيطات الغالبية العظمى من ظاهرة الاحتباس الحراري، حسب «نيويورك تايمز».

لكن عالم المناخ ومدير معهد جودارد لدراسات الفضاء التابع لوكالة ناسا، غافين شميدت، قال إن «درجات الحرارة المرتفعة» التي تم تحقيقها خلال العام الماضي «تتجاوز ما يتوقعه العلماء، حتى مع الأخذ في الاعتبار تغيّر المناخ».

ويختلف عام 2024 عن العام الماضي، إذ إن 2023 كانت يشهد تأثيرات لظاهرة «النينيو»، وهي ظاهرة مناخ طبيعية مرتبطة بارتفاع درجات الحرارة، ومن المتوقع أن تتبدد تأثيرات ظاهرة «النينيو» قريباً.

وذكر شميت أن ما يحدث لمتوسط درجات الحرارة العالمية بعد ذلك، سيساعد في توضيح أسباب ارتفاع درجات الحرارة في عام 2023.

وبالإضافة إلى تغيّر المناخ وظاهرة النينيو، فإن هناك عاملين آخرين قد يُساهمان في هذه الأرقام القياسية لدرجة حرارة المحيطات، حسب الصحيفة، يتمثل أحدهما في انخفاض تلوث الهواء بالجسيمات من سفن الحاويات التي تعبر المحيط، وذلك بعد معايير الوقود الدولية الجديدة التي دخلت حيز التنفيذ في عام 2020.

لكن، الغريب أن الجسيمات لها تأثير تبريد في الغلاف الجوي، وكانت تُساعد في إخفاء المدى الحقيقي لتغيّر المناخ حتى الآن، وفق «نيويورك تايمز».

كما كان هناك ثوران بركان هونغا تونغا تحت الماء عام 2022، مما تسبب في تسرب بخار الماء إلى الغلاف الجوي العلوي، والذي يُعتبر من غازات الاحتباس الحراري.

وقال الأستاذ المساعد في معهد تغير المناخ بجامعة ماين بالولايات المتحدة، شون بيركل «لقد كان الثوران الأكثر تفجراً منذ بركان كراكاتوا، وعادة ما يكون العام التالي هو الوقت الذي ترى فيه التأثيرات».

ويشتبه بيركل في أن التأثير الحراري للثوران البركاني كان أكبر مما أشارت إليه التقديرات المبكرة، موضحاً أن الثوران ربما أثر على الغلاف الجوي وساعد في تضخيم ظاهرة «النينيو».

بدوره، أشار شميدت إلى أن العلماء وجدوا أرقام غير منطقة حينما قاموا بحصر بيانات ارتفاع درجة حرارة الكوكب بسبب الثوران البركاني، وانخفاض التلوث البحري، وظاهرة «النينيو» وتغيّر المناخ.

وقال «قد لا يزال هناك شيء مفقود»، مثل المصادر الأخرى لتلوث الهباء الجوي التي قد تكون تحسنت أكثر مما يعرف الباحثون، أو أن مناخ الأرض لديه تقلبات داخلية أكثر مما كان متوقعاً، أو أن الاحتباس الحراري وراء تضخيم آثار ظاهرة «النينيو».

وقال شميدت إن مجموعات من العلماء تعمل للحصول على صورة أوضح عمّا حدث، متوقعاً نشر النتائج في الأشهر القليلة المقبلة.