أول العمود:
أسباب استقالة أي قيادي في الدولة يجب أن تكون معلومة للناس، ليس من باب الشفافية فقط، بل لأن المنصب القيادي مكان لخدمة الناس والحفاظ على حقوقهم وحمايتهم.
***
منذ سنوات قليلة مضت لم نعهد شهر رمضان بلا جدل حول مسلسل تلفزيوني هنا وهناك، ونصيبنا في رمضان الأخير كان جدالات صاخبة حول مسلسل (زوجة واحدة لا تكفي) ومعها (فوق البيعة) موعد انتخاب أعضاء مجلس الأمة التي رافقها التعليق على قرارات سحب الجنسية من مزورين.
كلنا يذكر مسلسل (أم هارون) الذي تناول أقلية اليهود في الخليج، واليوم حصل مسلسل (زوجة واحدة لا تكفي) على نصيب الأسد من جدل لا صلة له بالأداء الفني وحرفية النص.
في هذا المجال لابد من الإشارة إلى عدد من المسائل المهمة:
1- الفن ليس مجاله النيابة العامة والقضاء، بل هو فعل إنساني مكانه عند الجمهور أولاً، مستعيناً بتنوير النقاد والمتخصصين ثانياً.
2- إذا لم يُتح للحركة الفنية العربية عموماً تناول مشاكلنا فمن سيتصدى لها؟ وهنا نُذكر بفضاء «نتفلكس» الذي حاد عن الكثير من أخلاقيات البشر التي يطالب بها أكثرنا.
3- هذا الجدل الموسمي وهذه المعالجات القضائية والقانونية المستمرة تؤدي إلى خلق فن سطحي مهادن يطلب رضا المشاهد لا تحفيزه على النقاش، ويشجع على هروب الفنان الحقيقي من تأدية واجبه الحضاري تجاه قيم الفن الأصيلة.
4- ما إجراءاتنا القانونية تجاه الإنتاج الفني السخيف والخالي من الهدف، وما أكثر ما يعرض منها على قنواتنا الرسمية؟ ولماذا لا نمنع العمل السفيه والسطحي؟
5- إن كنا حريصين على دور الفن وموازنته مع تقاليد المجتمع، فأليس من الواجب وضع توصيف للمحاذير بعيداً عن الألفاظ الفضفاضة مثل (حماية المجتمع)؟
6- كيف يمكن معالجة مواضيع المجتمعات العربية التي تضج بالمشاكل مثل المخدرات، زنى المحارم، زواج القاصرات، بطالة الشباب، الإرهاب والرشوة، وغيرها إذا كنا نعتمد أسلوب المقاضاة القانونية لعمل فني لا يعجب البعض؟
نقول ذلك ونحن نعايش وضعاً فنياً ومجتمعياً ضَعُف فيه دور القدوات في مجال النقد الفني الرصين، والتوجيه الاجتماعي المتنور من المربين والتربويين وأصحاب الرأي، فاختفى هؤلاء وظهر لنا معشر منصات التواصل الاجتماعي!
سؤال أخير:
لو قُدر أن عملاً فنياً مثل (محكمة الفريج) الشهير وقد أُنتِج الآن– عام 2024- وبشكله الذى رأيناه من قبل، فهل نتوقع إحالته إلى النيابة بتهمة ازدراء القضاء؟