تباطأت أنشطة المبيعات العقارية بالكويت في الربع الثالث من عام 2022، إذ انخفضت بنسبة 25%، على أساس سنوي، لتصل إلى 810 ملايين دينار، فيما يعد أدنى مستوياتها المسجلة منذ الربع الرابع من 2021، ويعزى ذلك التراجع إلى الانخفاض المستمر في مبيعات القطاع السكني وتباطؤ مبيعات القطاعين الاستثماري والتجاري، على الرغم من أن هذين الأخيرين لا يزالان يحتفظان بمستويات أعلى من تلك المسجلة في الربع الثالث من عام 2021.

وحسب تقرير صادر عن بنك الكويت الوطني، تشير هذه التطورات إلى تلاشي طفرة الطلب على العقارات المشهودة في أعقاب الجائحة عام 2021، وقد يرجع تباطؤ وتيرة النشاط العقاري أيضاً لمجموعة من العوامل الموسمية، وارتفاع التقييمات، وتكاليف البناء، وتشديد الأوضاع المالية مع قيام البنوك المركزية برفع أسعار الفائدة لكبح جماح التضخم، إلا أن المبيعات استعادت بعض الزخم في أكتوبر الماضي، إذ ارتفعت بنسبة 20% على أساس سنوي، مما يشير إلى إمكانية تحسن المبيعات في الربع الرابع من عام 2022. وقال «الوطني»: بالنسبة لاتجاهات الأسعار في الربع الثالث من عام 2022، فإنه ووفقاً لتقديراتنا المستندة إلى بيانات المعاملات الرسمية، واصلت أسعار العقارات ارتفاعاتها (+4.8% على أساس ربع سنوي، +12.2% على أساس سنوي)، في ظل زيادة أسعار الوحدات السكنية، والتي فاقت زيادات أسعار قطاع العقار الاستثماري، وقد تكون أسعار قطاع العقار الاستثماري تأثرت بفتور الطلب خلال فترة الجائحة (خصوصاً بسبب انخفاض أعداد الوافدين)، فضلا عن قرار رفع رسوم المرافق العامة على العقارات الاستثمارية الصادر في وقت سابق، إلا أنه من المحتمل أن يكون أثر تلك العوامل على الأسعار قد بدأ في الانحسار.

استمرار تراجع نشاط العقارات السكنية
Ad


وشهدت قيمة مبيعات العقارات السكنية تراجعا بنسبة 46% على أساس سنوي في الربع الثالث من عام 2022، لتصل إلى 434 مليون دينار، على الرغم من أن المبيعات على أساس ربع سنوي لاتزال تتراوح في نطاق متوسط الخمس سنوات، ويبدو أن تأثير الطلب بعد الجائحة تراجع أخيرا فيما ساهم في تعزيز مشتريات القطاع السكني ودفعها لتتخطى أكثر من 800 مليون في الربع الثالث من عام 2021 (و2.8 مليار عام 2021 بأكمله)، كما انخفض حجم الصفقات لأدنى المستويات المسجلة منذ الربع الثاني من عام 2020 على خلفية حالة التباطؤ المعتادة خلال موسم الصيف، إذ تركز معظم النشاط في مدينة الكويت ومحافظتي حولي والأحمدي. من جهة أخرى، واصلت أسعار العقارات السكنية ارتفاعها في الربع الثالث من عام 2022 (+16.1% على أساس سنوي)، وارتفعت أسعار المنازل السكنية بنسبة 15.4% على أساس سنوي، خصوصاً في محافظتي الكويت وحولي، نظرا لقلة المعروض وندرة الأراضي القابلة للتطوير، وفي المقابل ارتفعت أسعار الأراضي السكنية بنسبة 16.9% على أساس سنوي خاصة في محافظتي الفروانية ومبارك الكبير. وأدى نمو أسعار المساكن بصفة اجمالية الى اتساع فجوة التقييم مقارنة بالقطاع الاستثماري، لأن ارتفاع الأسعار قد يكون من أحد العوامل التي خفضت الطلب على العقارات السكنية.

كما تأثرت الأسعار أيضا بضغوط جانب العرض، بما في ذلك تخصيص المزيد من قطع الأراضي في المناطق البعيدة نسبياً (مقابل المناطق الحضرية)، وارتفاع تكاليف البناء ونقص العمالة، وحازت خطة الحكومة الأخيرة لتطوير منطقة جليب الشيوخ ثقة المجتمع المحلي بفضل موقعها الاستراتيجي بالقرب من المشاريع الكبرى مثل مطار الكويت الجديد.

وعلى الرغم من أن هذا المشروع سيؤدي في النهاية إلى زيادة العرض والمساهمة في الحد من نقص العقارات السكنية على مستوى البلاد، فإنه قد يؤثر في المدى القصير على زيادة الطلب على العقارات في مناطق أخرى، مما قد ينتج عنه ارتفاع الأسعار نظرا لقلة العرض. وعلى الرغم من ذلك، فإن تشديد الأوضاع المالية مع ارتفاع أسعار الفائدة العالمية والمحلية قد يساهم في التخفيف من بعض ضغوط الأسعار الناجمة عن الطلب في المستقبل.

تباطؤ وتيرة مبيعات العقار الاستثماري

بلغت مبيعات قطاع العقار الاستثماري (أي الوحدات السكنية والمباني ذات الصلة والأراضي) 252 مليون دينار في الربع الثالث من عام 2022 بنمو بلغت نسبته 7% على أساس سنوي، على الرغم من تراجعها على أساس ربع سنوي، وجاء حجم الصفقات أيضا أقل من مستويات الربع الثاني من عام 2022 (وإن كان أعلى من مستويات الربع الثالث من عام 2021)، والذي يحتمل أن يكون قد تأثر بالعوامل الموسمية، وتم تنفيذ أكثر من نصف الصفقات في محافظة الأحمدي نتيجة لانخفاض التقييمات مقارنة بالمحافظات الأخرى.

من جهة أخرى، ارتفع مؤشر أسعار قطاع العقار الاستثماري في الربع الثالث من عام 2022 بنسبة 7.6% على أساس سنوي، في ظل ارتفاع أسعار قطع الأراضي (14.1%) والمباني (6.4%)، خاصة في مدينة الكويت وحولي، وشهدت أسعار الشقق نمواً بنسبة أقل بلغت 1% على أساس سنوي خلال نفس الفترة.

تذبذب مبيعات القطاع التجاري

انخفضت مبيعات العقارات التجارية في الربع الثالث من عام 2022 إلى 124 مليون دينار (-56% على أساس ربع سنوي)، إلا أنها قفزت بنسبة 243% على أساس سنوي، ويعتبر التراجع على أساس ربع سنوي إلى حد كبير إعادة تعديل للأوضاع في أعقاب زيادة عدد الصفقات خلال الربع الثاني من عام 2022 في منطقة صباح الأحمد الساحلية في أبريل والتي من غير المرجح أن تتكرر مرة أخرى بنفس المدى. وانخفض حجم الصفقات على أساس ربع سنوي في الربع الثالث من عام 2022، مما أدى إلى زيادة متوسط حجم الصفقات (+32% على أساس ربع سنوي، +106% على اساس سنوي)، وتعتبر عوامل المخاطر المتعلقة بطلب القطاع التجاري متوازنة إلى حد ما بالنظر إلى بيئة أسعار الفائدة المرتفعة من جهة، والتي يقابلها استمرار ارتفاع أسعار النفط وتوقعات النمو الاقتصادي من جهة أخرى
توقعات بتحسن الأنشطة العقارية بالربع الرابع
بصفة عامة، تباطأت وتيرة النشاط العقاري في الربع الثالث من عام 2022 متأثرة بالعوامل الموسمية، على الرغم من أنها لا تزال تتماشى ضمن مستويات ما قبل الجائحة، وتشير التقديرات إلى أنه من السابق لأوانه رؤية تلك التوجهات على أنها بداية لتحول دائم نحو مستوى أضعف من المبيعات، لاسيما بالنظر إلى الانتعاش القوي خلال أكتوبر، والذي قد يشير إلى أداء أقوى في الربع الرابع من العام الحالي.

وبالنظر إلى التوجهات المستقبلية، فإن المخاطر المحيطة بتوقعات السوق تأتي متوازنة نسبياً. وتشمل العوامل الإيجابية ارتفاع أسعار النفط، والنمو الاقتصادي غير النفطي المتوقع لعام 2023، وإمكانية تزايد الإنفاق الاستثماري، والذي من شأنه أن يدعم العمالة الوافدة (وبالتالي الطلب على الشقق)، واحتمال إصدار قانون الرهن العقاري الذي من شأنه أن يعزز الطلب على القطاع السكني. وستساهم التدابير الحكومية لتسريع وتيرة توزيع المساكن أيضاً في تخفيف الطلب المكبوت وتساعد السوق للتحرك بسلاسة أكبر.

وفي المقابل، تشمل المخاطر التي تهدد آفاق النمو، انخفاض أسعار النفط، مما قد يؤثر على المعنويات، وارتفاع أسعار الفائدة الذي قد يؤثر على الطلب والأسعار، وارتفاع تقييمات القطاع السكني بصورة مستمرة مما يؤثر سلباً على الطلب، وزيادة تكاليف البناء التي من شأنها إعاقة نمو العرض، مما قد يبقي على ارتفاع الأسعار وتفاقم المخاوف المرتبطة بالقدرة على تحمل تكاليف القطاع السكني.