الفساد له أعوانه ومؤيدوه في كل زمان ومكان مع الأسف الشديد، وكذلك للنزاهة والحق والعدل أنصار ومؤيدون، ومهما انتشر الفساد وكبر جبروت الظلم وتعدد الفاسدون والمفسدون والمتنفذون في فترة من الزمن وفي أي بقعة جغرافية من بقاع العالم، فلن يستمر الى الأبد، لأن أهل الحق والعدل والنزاهة والاستقامة مهما تعرّضوا له من ظلم وقهر واستخفاف بهم وبآرائهم ونزاهتهم، فلا بُد أن يكون النصر حليفهم طال الزمن أم قصر، وإن مؤيدي العدل وأهل الحق ثابتون وواثقون من أنفسهم وبالله جلت قدرته، في حين أهل الباطل والظلم والفساد مهتزون ومترددون ويظنون أن كل صيحة عليهم.
لقد حوربت القيم الشريفة والمبادئ السامية، لكن لا يزال هناك رجال وقيم ومبادئ لن تستطيع قوى الفساد والظلم والجهل زعزعتها أو النيل منها، لأن العدل والحق والاستقامة لا يعرفها ولا يفهمها شلة الفساد والمفسدين، لأنها طلاسم في قواميسهم، لا يعرفون قيمة الشرف والاستقامة والنزاهة والعزة والعدل والتضحية الوطنية لأنهم يسيرون خلف الفاسد والمفسد والمتنفذ ويقتاتون على فضلاتهم، ويتحملون إهاناتهم، بل يرحبون بإهانات الفاسدين والمتنفذين لأنهم فاقدو الحس والإحساس والكرامة الإنسانية، هدفهم المال والمادة والمصلحة الخاصة، فقدوا الشرف والكرامة، وأصبحوا كالآلة ألعوبة بيد المتنفذ والفاسد ودافع الدرهم والدينار، يصرون على أن يكونوا تابعين حتى لو أفقدتهم تبعيتهم شرفهم وعرضهم وإنسانيتهم.
فالفساد والمفسدون والمتنفذون قوة طاحنة ومنظمة لها آلياتها وسياساتها وعبادها من البشر الذين هم على أتم الاستعداد للدفاع عن الفاسدين والمفسدين في كل وسيلة إعلامية وفي كل زمن وفي كل مكان، جيش منظم تحركه الأموال والمصالح والقوى الفاسدة، له موارده المالية والبشرية ووسائله الإعلامية والتكنولوجية، ولديه من الخبثاء النشطين والناشطين والمجادلين والمدافعين والمتذاكين للدفاع عن الفاسدين والمفسدين بالأساليب المنمقة والمتشدقة والمظللة، قوة الفساد ليست ضعيفة، ومن يظن أنها ضعيفة فهو واهم، لكنها تجبن وتختفي أمام رجال النزاهة، وتنهزم أمام رجال العدل والمبادئ، وتصغر وتضمحل أمام أصحاب الشيم والقيم من الرجال الصادقين والمستقيمين.
فلا تفرح أيها الفاسد والمتسلق، لأن قوى الفساد لن تدوم طويلاً، لأنها مبنية على المصلحة المؤقتة والمنفعة الآنية، وستزول هذه القوى الفاسدة والمفسدة بمجرد تضارب المصالح وكشف المستور، وما يطبخه تنور الفساد والمفسدين وداعميهم من المتنفذين وشلة المتسلقين، ولا تحزن أيها النزيه والصادق الأمين، فالمستقبل للرجال الشرفاء والوطنيين الأحرار الذين يقدمون مصلحة البلد على مصالحهم، وثابتون على مبادئهم الإنسانية والوطنية.
عندما سأل عمر بن عبدالعزيز الحسن البصري: بمن أستعين على الحكم يا بصري؟ قال: يا أمير المؤمنين، أما أهل الدنيا فلا حاجة لك بهم... وأما أهل الدين فلا حاجة لهم بك... فتعجب عمر بن عبدالعزيز وقال له: فبمن أستعين إذا؟
قال: عليك بأهل الشرف... فإن شرفهم يمنعهم عن الخيانة!
ودمتم سالمين.