إيران تقرر الرد على الانتقام الإسرائيلي فور بدئه وتحذر واشنطن والغرب من الدفاع عن تل أبيب
طهران هددت بقصف منشآت نووية إسرائيلية إذا استُهدفت منشآتها
لا تزال المنطقة تعيش حالة من الاستنفار الشديد بانتظار رد إسرائيلي مرتقب على الهجوم الإيراني الانتقامي لقصف القنصلية الإيرانية في دمشق واغتيال أعلى مسؤول في الحرس الثوري في لبنان وسورية.
ووسط اتصالات إيرانية مع موسكو وبكين، كشف مصدر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أنه تقرر خلال اجتماع لهذا المجلس، عُقد من دون ضجة إعلامية، أن تقوم إيران بالرد على الهجوم الانتقامي الإسرائيلي بمجرد بدئه، ودون أن تنتظر كما فعلت سابقاً عندما تمهلت نحو 13 يوماً للرد على غارة دمشق.
وكشف المصدر، لـ «الجريدة»، أن طهران بعثت أمس بتحذيرات جديدة للولايات المتحدة عبر وزارة الخارجية، تؤكد فيها أن هجومها الأخير كان تحذيرياً فقط، وأنها أرست من خلاله قاعدة ردع جديدة، وهي مستعدة للمضي حتى آخر الخط، وجاهزة للرد على إسرائيل بشكل أقوى وربما مختلف.
وأضاف أن إيران قالت في الرسالة إنه يجب على الأميركيين والأوروبيين تجنب الدفاع عن إسرائيل كما فعلوا خلال الهجوم الأخير تحت طائلة تعرض قواتهم للخطر، وإنها لا تأخذ على محمل الجد التصريحات الأميركية بعدم المشاركة في الرد الإسرائيلي المرتقب، لأنه، وحسب تقديراتها، لن تتجرأ إسرائيل على شن هجوم على إيران دون دعم وغطاء أميركيين.
وحسب المصدر، تضمنت الرسالة صوراً لمخازن أسلحة استراتيجية أميركية وإسرائيلية التُقطت بالكشف العمقي (كشف بالليزر تحت الأرض) من خلال مسيرات مجهزة بأجهزة مسح بالليزر وأجهزة استشعار وكشف الإشعاعات النووية، محذراً من أن إيران بات لديها بنك أهداف عن أماكن حساسة جداً في إسرائيل يمكن أن تقوم باستهدافها إذا اختارت تل أبيب الرد على الهجوم الإيراني.
ولفت إلى أن إيران حذرت من أن استهداف أي منشآت نووية إيرانية سوف يُرد عليه بالمثل، موضحاً أن الأمر لا يتعلق فقط بمفاعل ديمونا بل كذلك بمخازن مواد تصنيع الأسلحة النووية ومخازن تلك الأسلحة. وأشار إلى أن الإسرائيليين كانوا قد نقلوا منشآتهم النووية العسكرية من مجمع مفاعل ديمونا النووي إلى أماكن اخرى، وإحدى أهم مهمات المسيرات كانت الكشف عن مكان هذه المنشآت.
وقال المصدر إن إيران تستبعد أن تستهدف إسرائيل محطة بوشهر النووية جنوب إيران، لأن ذلك سيشكل خطراً على الدول الخليجية الصديقة لواشنطن، وكذلك القوات الأميركية في المنطقة، موضحاً أن استهداف المنشآت الاخرى يتطلب قدرات لا تملكها إسرائيل، وإذا تم ذلك فستعتبر طهران واشنطن شريكة في الهجوم.
وذكر أن البحرية الإيرانية تعمل على رصد تحركات السفن والغواصات في بحر عمان وبحر العرب والبحر الأحمر، تحسباً لاحتمال شن إسرائيل هجوماً من البحر، مؤكداً أن الأوامر أُعطيت لاستهداف أي سفينة حربية أو غواصة إسرائيلية تقترب من إيران دون سابق إنذار.
وفي تفاصيل الخبر:
في وقت كشفت تقارير عبرية أن سلاح الجو الإسرائيلي اكمل استعداداته للرد على الهجوم الإيراني غير المسبوق على تل أبيب، وقالت إنه سيحدث بطريقة من المرجح ألا تؤدي إلى جر المنطقة لحرب واسعة ويمكن أن يقبلها الأميركيون، توعد قائد الجيش الإيراني، اللواء عبدالرحيم موسوي، بـ «رد عاصف» على أي عدوان من جانب الدولة العبرية.
وقال موسوي، خلال احتفال في طهران عشية الاحتفال بـ «يوم الجيش»: «إن الأعمال الدفاعية المذهلة للجيش والقوات المسلحة أدت إلى تعزيز قوة الردع الإيرانية والعالم كله بات يعلم بأن القوات المسلحة سترد بردّ عاصف على أي عدوان من جانب العدوّ أو انتهاك لمصالح الجمهورية الإسلامية الإيرانية وأراضيها وأمنها».
ووسط تخوفات إيرانية من تلقّي تل أبيب مساعدة لوجستية لشن هجوم جوي يطول أراضيها، وجّه المتحدث باسم القوات المسلحة، العميد أبو الفضل شكارجي، تحذيراً لبعض الحكومات الغربية وإسرائيل.
الأردن: لن نكون ساحة لحرب إقليمية وكما أسقطنا مسيرات إيران سنسقط المسيرات الإسرائيلية إذا انتهكت سيادتنا
وقال شكارجي: «نذكر قادة أميركا وبريطانيا وفرنسا وألمانيا بالكف عن دعم الكيان الإسرائيلي الزائل والشرير وقاتل الأطفال، وأنتم تعلمون جيداً أن إيران أثبتت أنها ليست دولة تبحث عن إثارة الحروب ولا تسعى لنشرها».
وأضاف: «لكن إذا قام أحد منكم أو هذا الكيان العاجز، بمد رجله خارج بساطه، فسوف نقطعها بقوة أكبر مما في الرد السابق على إسرائيل المعتدية».
ونصح شكارجي حلفاء إسرائيل بـ «ألا يرموا أنفسهم في حفرة النار الملتهبة»، تعليقاً على التقارير الأميركية التي نقلت عن مسؤولين إسرائيليين أن رد تل أبيب على الهجوم الإيراني، الذي جاء انتقاما لمقتل 7 من أبرز قيادات «الحرس الثوري» في غارة جوية دمرت مبنى القنصلية الإيرانية بدمشق ونسبت إلى إسرائيل، سيتم تنسيقه مع شركاء تل أبيب.
كما أكد الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي أن بلاده سترد بشكل واسع وموجع على أدنى عمل يستهدف مصالحها، وعلى كل مرتكبيه.
من جانب آخر، شدد الرئيس الإيراني خلال مكالمة مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين على أن إيران لا تسعى للمزيد من التصعيد في المنطقة، حيث أشار رئيسي إلى أن تصرفات طهران كانت «قسرية ومحدودة بطبيعتها».
وطمأن وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان نظيره الصيني وانغ يي خلال مكالمة هاتفية بأن بلده ترغب بـ «التهدئة».
وفي حين، قال مسؤول إيراني لصحيفة The Cradle إن الولايات المتحدة اتصلت بإيران، وطلبت منها السماح لإسرائيل بتوجيه «ضربة رمزية» لحفظ ماء الوجه، أفيد بأن الوكالة الدولية للطاقة الذرية أبعدت مفتشيها عن المواقع النووية الإيرانية خشية استهدافها من قبل إسرائيل، فيما كشف مدير الوكالة، رافاييل غروسي، أن طهران أبلغته أن هذه المنشآت أغلقت الأحد الماضي.
وتحسباً للرد الإسرائيلي، اتخذت الميليشيات الموالية لإيران في سورية قراراً بـ «التوقف مؤقتاً» عن العمل ومنحت قادتها إجازة لمدة أسبوع.
تطمين وضغوط
في هذه الأثناء، عقدت حكومة الحرب الإسرائيلية الموسعة اجتماعاً لليوم الثالث على التوالي لبحث حجم وكيفية «العقاب الحتمي» لطهران في ظل تعقيدات عملية واستراتيجية وخلافات بشأن منح الأولوية لمواصلة جهود حرب غزة وتدمير «حماس» والمخاطرة بفتح حرب واسعة مع طهران، أو الدخول في سلسلة فوضوية من تبادل الضربات معها، خاصة في ظل معارضة إدارة الرئيس جو بايدن للانخراط بـ «حرب كارثية».
وذكرت صحيفة جيروزاليم بوست، أمس، أن إسرائيل أبلغت دولاً عربية بالمنطقة بأن ردّها المحتمل على الهجوم الإيراني لن يعرّض تلك الدول أو حكوماتها للخطر، فيما تحدثت هيئة البث الإسرائيلية عن تعرّض صناع القرار في تل أبيب لضغوط هائلة لمنعهم من الرد أو الاكتفاء بردّ محدود.
ونقلت الهيئة العبرية عن مسؤولين إسرائيليين قولهم، إن هناك رسالة واضحة من الولايات المتحددة ودول أوروبية مفادها الاكتفاء برد غير كبير أو اعتبار إسقاط 99% من الصواريخ الإيرانية بمنزلة «انتصار على إيران ولا حاجة إلى نصر إضافي».
وأمس الأول، بحث وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن مع نظيره الإسرائيلي يوآف غالانت تبعات الهجوم الإيراني والتطورات المتعلقة بالرد الإسرائيلي.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، في بيان، إن أوستن شدد على دعم الولايات المتحدة الثابت لدفاع إسرائيل عن نفسها، وأكد مجدداً الهدف الاستراتيجي الخاص بتحقيق الاستقرار الإقليمي. في غضون ذلك، دعا وزير الخارجية الإسرائيلي يسرائيل كاتس 32 دولة إلى فرض عقوبات على البرنامج الصاروخي الإيراني، وتصنيف الحرس الثوري «منظمة إرهابية».
وقال الوزير عبر موقع إكس، إنه يقود «هجوماً سياسياً على إيران» لاحتواء الجمهورية الإسلامية وإضعافها.
ومع تزايد القلق الإقليمي من احتمال تدهور الأوضاع المتوترة أساساً في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة والاشتباكات الدائرة بجنوب لبنان والهجمات التي تشنها جماعة أنصار الله الحوثية بالبحر الأحمر، قال الجيش الأردني إن سلاح الجو كثف طلعاته لمنع أي اختراق جوي والدفاع عن سماء المملكة، نظراً لما تشكله من تعدّ على السيادة الأردنية.
وشدد الأردن على لسان العاهل الملك عبدالله الثاني على موقف المملكة الثابت المتمثل في ضرورة وقف التصعيد بالمنطقة وعدم السماح بأن يكون الأردن ساحة لحرب إقليمية بين إسرائيل وإيران.
وأكد وزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، خلال مؤتمر مع نظيرته الألمانية، أنالينا بيروبوك، في عمان، أن الأولوية الآن هي وقف حرب غزة ووضع حد للمجاعة والكارثة الإنسانية في القطاع كخطوة أولى لخفض التصعيد الإقليمي.
وشدد على أن «الأردن لا يريد مزيداً من التصعيد في المنطقة والتصعيد خطر علينا جميعاً ووقفه يتطلب وقف أسباب التوتر».
وأوضح: «تصدينا لما نعتقد أنه خطر على أمن مواطنينا، وكما تصدينا للمسيرات الإيرانية سنتصدى لأي مسيرات إسرائيلية، ويجب منع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من فرض أجندة الحرب على المنطقة».
من جهتها، قالت الوزيرة بيروبوك، إن «ألمانيا تعمل مع الأردن لإنشاء ممر بري إلى غزة بشكل مباشر لإيصال المساعدات»، داعية الاتحاد الأوروبي إلى فرض عقوبات على مسيرات إيران.
وقبل أن تتوجه في زيارة تضامنية إلى تل أبيب، حذرت الوزير الألمانية من أن هجوم إيران على إسرائيل غير مسبوق، وستكون له تبعات.
في سياق آخر، نفت مصادر مطلعة لـ «العربية» السعودية، مشاركة الرياض في اعتراض الهجمات الإيرانية على إسرائيل.