دور وزارة الإعلام في رعاية الفن والثقافة
أحالت وزارة الإعلام الكويتية إلى النيابة كل من شارك في مسلسل «زوجة واحدة لا تكفي»، المخرج والمنتج والممثلين وكاتبة المسلسل، للتحقيق معهم بتهمة الإساءة لقيم المجتمع وتقاليده، بالرغم من أن المسلسل قد تم إخراجه وإنتاجه وعرضه خارج الكويت. ويقول الكاتب أحمد الصراف في أحد مقالاته، إنه شاهد المسلسل، ولا يوجد أي دليل يبين أن أحداث المسلسل قد حدثت في الكويت.
أما بالنسبة إلى الكاتبة هبة مشاري حمادة فأعرف أنها نجحت بتفوق في الثانوية العامة القسم العلمي، وكانت أسرتها ترغب أن تدرس ابنتهم الطب إلا أنها فاجأتهم برغبتها في دراسة الأدب العربي، فلما التحقت بالجامعة لدراسة الأدب العربي كانت مثار إعجاب أساتذتها، وتفوقت في تخصصها، والتحقت بعد تخرجها بالمجلس الوطني الأعلى للثقافة والفنون والآداب، واكتسبت خبرة ثقافية من ذلك المجتمع الثقافي، ومن ثم أبدت اهتماما بكتابة القصص، ولاقت قصصها اهتماما من القنوات التلفزيونية، وعرض لها أكثر من مسلسل.
أما فيما يتعلق بالمسلسل الذي هو موضوع حديثنا فإني لم أشاهده، ولذلك لن أستطيع تقييمه، وما أبداه بعض الناس من نقد له يجب احترامه وتقديره وخصوصا من الكاتبة، ولكن يجب أيضا معرفة وجهة نظر الآخرين، فما لا يعجبني قد يعجب الآخرين، وكما يرى بشار بن برد: «وللناس فيما يعشقون مذاهب»، فالبشر مختلفون في ميولهم ورغباتهم «وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ* إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ».
ما يقوله الأديب سواء كان شاعراً أو كاتباً يعبر عما في مخيلته، وليس بالضرورة أن يكون محباً أو كارهاً لما يقول، ومن أمثلة ذلك أن هارون الرشيد لما غضب على أبي نواس لمجونه وحبه للخمر، كما يصور ذلك في شعره، وأراد طرده من مجلسه، قال يا مولاي نحن الشعراء كما يقول عنا ربنا «يقولون ما لا يفعلون» فعفا عنه، وبعد وفاته رفض الإمام الشافعي الصلاة عليه للسبب نفسه، ولما علم الشافعي أن للشاعر قصيدة يناجي فيها ربه، ومنها:
يا ربي إن عظمت ذنوبي كثرة
فإني أعلم أن عفوك أعظم
استغفر الإمام وصلى عليه.
فالحرية الفكرية التي منحت للعلماء والأدباء في العصر العباسي، والتسامح الذي أظهره علماء الدين في ذلك العصر، كانا من أهم أسباب ازدهار الحضارة العربية، في حين أدى تزمت رجال الدين المسيحي في أوروبا في العصر الوسيط إلى أن تعيش أوروبا في عصر الظلمات، فنتمنى منح الحرية الفكرية والثقافية في مجتمعنا، للعلماء والأدباء والفنانين لتزدهر ثقافتنا، ونأمل أن تكون وزارة الإعلام الكويتية في مقدمة من يشجع ويرعى الفن والأدب، ولا غرابة في ذلك، فقد كانت قبل نصف قرن، برعاية المرحوم الشيخ جابر العلي تجلب كبار الفنانين والأدباء إلى الكويت لإقامة الحفلات والندوات في مجتمعنا، وكيف ساهم ذلك في تطوير الثقافة وازدهارها، وأصبحت الكويت مثار إعجاب لكثير من الدول العربية، لذا نأمل من سعادة وزير الإعلام أن يجعل الوزارة راعية للفن والثقافة والأدب لتنهض ثقافتنا من جديد.