هل تتواجه روسيا والولايات المتحدة في ليبيا؟
تقارير حول نشر موسكو قوات في طبرق وإنشاء واشنطن قاعدة بمصراتة
أثارت تقارير إعلامية، نشرت في الأيام الماضية، عن إرسال كل من الولايات المتحدة وروسيا قوات الى ليبيا، مخاوف من مواجهة أميركية ـ روسية في المنطقة، قد تكون لها تأثيرات تزيد مخاطر انفجار إقليمي في وقت تواجه المنطقة أصلا احتقاناً بسبب استمرار الحرب في السودان، وتصاعد التوترات بين المغرب والجزائر.
«الفيلق الروسي»
وذكرت صحيفة لوبوان الفرنسية، في تقرير، أن موسكو تكثف وجودها العسكري في شرق ليبيا ووسطها، من أجل إنشاء خط يربط منطقة الساحل وتحقيق حلمها بإقامة قاعدة عسكرية على الأراضي الليبية.
وأشار التقرير الى توقف سفينة شحن روسية، تحمل اسم ميخانيك ماكارين، في مدينة سوسة شرق تونس، قبل أن ترسو في شرق ليبيا، مشيرة إلى أن السفينتين الروسيتين إيفان غرين وألكسندر أوتراكوفسكي رستا في الثامن من الجاري في ميناء طبرق قادمتين من قاعدة طرطوس البحرية التي تملكها روسيا في سورية.
وذكر التقرير أن السفينتين العسكريتين، اللتين نشطتا كثيرًا في البحر الأسود منذ بدء الحرب في أوكرانيا، كانتا محملتين بمعدات لوجستية ومدفعية، مضيفة أن طائرات «إليوشن 2- 76» قامت في 12 الجاري بنقل قوات روسية إلى النيجر، الدولة المتاخمة لليبيا، ومركز الهجرة غير الشرعية إلى أوروبا، وقد شوهدت نفس السفن في بوركينا فاسو، قبل وقت قصير من الانقلاب الذي قاده إبراهيم تراوري.
وكانت وكالة بلومبرغ الأميركية قد نشرت تقريرا في يناير الماضي يؤكد سعي روسيا لتشكيل مجموعة قتالية جديدة تحت اسم «الفيلق الإفريقي» قوامها 20 ألف مقاتل، وتتلقى تعليماتها بشكل مباشر من وزارة الدفاع الروسية في موسكو للقيام بعمليات في خمس دول إفريقية من بينها ليبيا.
وأوضحت الوكالة أنه بحلول منتصف 2024 سيعمل «الفيلق الإفريقي» في بوركينا فاسو وليبيا ومالي وإفريقيا الوسطى والنيجر، وسيخلف عمل مجموعة فاغنر العسكرية.
قاعدة في مصراتة
وتأتي هذه التطورات في ظل معلومات عن تحركات أميركية موازية غرب ليبيا عززت المخاوف من صراع مباشر بين واشنطن وموسكو في ليبيا، التي تعاني أزمة سياسية وأمنية متفاقمة منذ سنوات.
وتحدثت تقارير صحافية عن وصول شركة أمنتوم الأمنية الأميركية إلى طرابلس لتدريب المجموعات المسلحة، في حين تشير تسريبات إلى تمكين رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة الولايات المتحدة من قطعة أرض تابعة للكلية الجوية العسكرية في مصراتة، ستخصص لبناء قاعدة عسكرية تابعة للقيادة العسكرية الأميركية في إفريقيا (أفريكوم). ومن شأن إقامة قاعدة أميركية في مصراتة القريبة من الجزائر إثارة مخاوف جزائرية وروسية، وهما الحليفتان التقليديتان.
ونقلت وكالة نوفا الإيطالية عن متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية، لم تسمّه، أن هذه الأنشطة تتم في إطار «برنامج عالمي» ينسقه مكتب الأمن الدبلوماسي، مشيراً إلى أن شركة أمنتوم، وهي مقاول خدمات لدعم برامج «البنتاغون» ووزارة الخارجية الأميركية، تشارك حاليًا في «أنشطة تدريب موظفي إنفاذ القانون الليبيين».
وجاء التوضيح بعد شائعات أخيراً حول وجود مزعوم لقوات الـ «أمنتوم» في العاصمة الليبية طرابلس لتدريب سلسلة من الميليشيات الناشطة في غرب ليبيا، ودمجها في قوات حكومة الوحدة الوطنية برئاسة رئيس الوزراء الدبيبة.
وفي حين يلتزم الدبيبة الصمت إزاء توسّع نفوذ روسيا شرق ليبيا، أثارت التحركات الأميركية حفيظة لجنة الدفاع في مجلس النواب المحسوب على السلطات في المنطقة الشرقية.
ووصفت اللجنة القرار بـ «غير المبرر»، وأنه «يأتي في سياق لا يمكن تبريره، ويمثّل تدخلا غير مقبول في الشؤون الداخلية الليبية وانتهاكا للسيادة الوطنية».
السيسي وناريشكين
ولفتت تقارير عربية الى أن الأوضاع في ليبيا كانت على طاولة البحث بين الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ورئيس الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين.
واستقبل السيسي، أمس الأول، ناريشكين بحضور رئيس المخابرات العامة المصرية اللواء عباس كامل، وبحثا الوضع في الشرق الأوسط، وأكد الطرفان استعداد روسيا ومصر لمواصلة تعميق التعاون في المجال الأمني.
وجاء في بيان عن «الاستخبارات الروسية» أن الجانبين «تبادلا وجهات النظر حول الوضع في الشرق الأوسط في سياق الأزمة بقطاع غزة، ومكافحة الإرهاب الدولي، والوضع في أوكرانيا والقارة الإفريقية، والقضية الأفغانية»، وأشار البيان إلى أن «الزيارة أظهرت القواسم المشتركة في التعامل مع القضايا المطروحة».
من جانبه، قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية، أحمد فهمي: «الاجتماع تناول تطورات الأوضاع الإقليمية، وعلى رأسها سبل تحقيق الاستقرار بالشرق الأوسط في ظل الأزمة بقطاع غزة»، إضافة إلى ما تشهده المنطقة من تصعيد للتوتر الإقليمي، وجرى التطرق لعدد من القضايا الإفريقية، وملفات مكافحة الإرهاب، ومستجدات الأوضاع الدولية، لاسيما في أوكرانيا وأفغانستان».