النرجسية كلمة تنسب إلى أسطورة يونانية، ورد فيها أن «نركسوس» كان جميلا، فعشق نفسه حتى الموت عندما رأى وجهه في الماء، وهي مرض خطير ظاهره شخص متزن ومتعاون، وهو في الأصل منّان، ويحاول إخفاء ما فيه من عطب، باطنه كاره للحياة يندسّ وسط الناس ليفرغ كراهيته بسبب قلة حظه في الحياة، أو لفشله في تحقيق أهدافه، فيكره كل ناجح بالتشويه تارة ومحاولة تقزيم أي نجاح للآخر تارة أخرى.

ما يميز النرجسي أنه يعشق ملامح وجهه الى حد العبادة، ويعتبر غيره أقل حظا لأنه لا يملك نسخة من ملامحه، أو حتى بالسخرية من غيره، ويتمنى أن تزين صورة وجهه جدران المباني، يضخم صورته رغم ضحالة فعله، وليت صورته تزين نفسيته الخربة بالفشل والحقد، ولا ينشر تهنئة بلا صورته، ولا يكتب حكمة لغيره بدون حشر صورته، لاسيما كروت التهاني بالورود، إذ لا بد أن يزيح إحدى الزهرات ويضع صورة لوجهه البائس المريض.

Ad

ويستخدم النرجسي الأوصاف التي تقلل من الآخر في الحياة وفي كتاباته، ولسان حاله نفي الشكوك عن نفسه، لذلك قاموسه مليء بعبارات (قليل الأصل، الخائن، الزبالة، الفاشل... إلخ) من عبارات الردح التي تترجم هزائمه في الحياة.

يجيد التلاسن، ولا أخلاق في خصامه، ولا يؤتمن في وده ولا في أفعاله، ولا يصلح أبا ولا زوجا ولا صديقا، فهو يفتقد ملكات العطاء، وإن أعطى فلتجميل قبحه، يفضح ويمنّ، ولا يتمتع بعلاقات بعيدة المدى سواء في الوسط المهني أو المجتمعي أو الأسري أو العاطفي، متعدد العلاقات سريع الهجر والقطيعة، ويعشق ما يكتبه، فتجده يضع اللايكات لنفسه، وقد يفتح أكثر من حساب، فقط ليمنح نفسه اللايكات، إلى حد الزهو المرضي.

معرفتك للشخص النرجسي تجعلك تتعامل معه بطريقتين، الأولى تتعلق بمحاولة إصلاحه بالتجاهل وتجنب الحديث معه وإهماله، وعدم الاستماع إليه أو فتح حوار معه لأنه سيفسد حياتك أو يكون معوقا لتحقيق أهدافك، والثانية الإشفاق عليه وتحمله بكل عيوبه، ولكن من المؤكد أنك ستدفع الثمن غاليا، لأنه في الغالب سينجح في الإضرار بك، فمعرفة هذه النوعية من البشر تجلب لك الكثير من الصراعات وتستهلك الوقت والجهد.