إسرائيل تراجعت مرتين عن الرد على إيران
تقديرات بتأجيل تل أبيب شن هجوم انتقامي بعد «الفصح»
• طهران تلوِّح بتغيير عقيدتها النووية
• عبداللهيان يؤكد خبر «الجريدة•»: وجَّهنا رسائل للأميركيين قبل عملية «الوعد الصادق» وبعدها
غداة تحذير الرئيس الأميركي جو بايدن من احتمال انجرار الولايات المتحدة للحرب «إذا استمرت إيران في التصعيد»، صرَّح مسؤول أميركي كبير بأن إسرائيل أرجأت ردها المرتقب على هجوم طهران الصاروخي إلى نهاية أبريل الجاري، فيما كشفت تقارير أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو عدلت في نهاية اجتماعين عن إصدار أمر تنفيذي للجيش للقيام بمخططات انتقامية تم التفاهم بشأنها عقب القصف غير المسبوق الذي وقع ليل الأحد- الاثنين.
ونقلت شبكة «أيه بي سي» الأميركية عن المسؤول قوله، إن شن إسرائيل ضربة على إيران غير مرجح إلا بعد «عيد الفصح» اليهودي، الذي بدأ الاثنين الماضي، وينتهي 30 الجاري.
لكن المسؤول الأميركي لفت إلى أنه رغم ذلك، فإن هذا التقدير قد يتغير دائماً، مشيراً إلى أن قيادات في «الحرس الثوري» الإيراني وجهات أخرى مرتبطة بطهران «لا تزال في حالة تأهب قصوى، وبعضهم داخل منازل آمنة ومنشآت تحت الأرض».
في غضون ذلك، أفادت قناة «كان» التلفزيونية العمومية الإسرائيلية، بأن نتنياهو استجاب لـ «حساسيات دبلوماسية» عندما قرر، إثر محادثة هاتفية تلقاها من بايدن بعد ساعات من صد الهجوم الإيراني بمشاركة القوات الأميركية والبريطانية والفرنسية، عدم تنفيذ الخطط التي اعتُمدت مسبقاً لتوجيه ضربات انتقامية بحال تنفيذ طهران لتهديدها بمهاجمة الدولة العبرية، انتقاماً لتدمير مقر قنصليتها في دمشق بغارة نُسبت إلى إسرائيل مطلع الشهر الجاري.
ونقلت القناة عن مسؤول كبير قوله إنه «سيكون هناك حتماً رد، لكنه سيكون مختلفاً عما كان مخططاً له في البداية».
تقدير واستياء
وفي وقت تكافح الإدارة الأميركية للحفاظ على مسارين متوازيين يركز الأول على عدم اندلاع حرب كارثية، ويبقي الثاني على ضرورة مواصلة دعم حليفتها المتورطة بحملة عسكرية وحشية ضد غزة منذ 196 يوماً، قال مسؤولون إسرائيليون، إنهم لم يعتبروا أن الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف القنصلية الإيرانية في دمشق يشكّل استفزازاً كبيراً للجمهورية الإسلامية، ولم يخطروا واشنطن بالهجوم سوى قبل شنّه مباشرة.
ونقلت صحيفة نيويورك تايمز، أمس، عن مسؤولين أميركيين قولهم، إن الإخطار القصير فاجأ مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ومسؤولين آخرين حذروا من أنه ستكون عواقبه وخيمة دون أن يسعفهم الوقت للعمل على وقفه. ورغم ذلك، أعرب المسؤولون عن دعم واشنطن لإسرائيل، لكنهم عبَّروا سراً عن غضبهم من اتخاذ الإجراء العدواني ضد إيران دون استشارة واشنطن.
وقال المسؤولون الأميركيون الذين شاركوا في مناقشات رفيعة المستوى بعد الهجوم، إن الإسرائيليين اعتقدوا أن إيران لن ترد بقوة.
ففي البداية، توقعت أجهزة الجيش والاستخبارات الإسرائيلية أن يكون رد إيران بإطلاق ما لا يزيد على 10 صواريخ أرض - أرض على إسرائيل، وهو الهجوم الذي أطلق عليه اسم «أوراق الشجر المتأخرة». وبحلول منتصف الأسبوع الماضي، أدرك الإسرائيليون أن إيران سترد بقوة أكبر بكثير، وزادوا تقديراتهم إلى ما بين 60 و70 صاروخاً. وحتى هذا تبيَّن أنه تقدير منخفض جداً بعد هجوم «الوعد الصادق»، الذي اشتمل على نحو 350 طائرة مسيَّرة وصاروخ باليستي وكروز.
تلويح نووي
في المقابل، رفع قادة إيران مستوى وعيدهم بشن انتقام عاصف على أي رد مباشر، إذ حذَّر قائد هيئة حماية المنشآت النووية بـ «الحرس الثوري» أحمد حق طلب، من أن طهران قد تراجع عقيدتها النووية في ظل التهديدات الإسرائيلية.
ونقلت وكالة «تسنيم» عن القائد الكبير، قوله: «التهديدات الإسرائيلية للمراكز النووية الإيرانية تجعل من الممكن إعادة النظر والابتعاد عن السياسات والاعتبارات النووية المعلنة»، في إشارة إلى احتمال التراجع عن فتوى تحريم المرشد علي خامنئي لامتلاك الأسلحة النووية.
وأضاف: «أيدينا على الزناد، وتم تحديد المنشآت النووية الإسرائيلية، وإذا تجرأت إسرائيل على ضرب مواقعنا، فسنرد بالتأكيد»، مشدداً في الوقت ذاته على أن المواقع النووية الإيرانية «في أمان تام».
وأغلقت إيران مؤقتاً منشآتها النووية الأحد الماضي، «لاعتبارات أمنية»، وأبقت الوكالة الدولية للطاقة الذرية مفتشيها خارج البلاد مدة يومين.
كما رأى قائد القوات الجوية في «الحرس الثوري» أمير علي حاجي، أن عملية «الوعد الصادق نجحت في الانتصار بمواجهة إسرائيل وأميركا في هذه الجولة، رغم أنها تمت بأسلحة قديمة، وبأقل قدر من القوة، ودون استخدام الصواريخ الأحدث» بالترسانة الإيرانية.
وجاء ذلك بعد يوم من تقرير لصحيفة معاريف العبرية أفاد بأن القصف الإيراني تسبَّب في إصابة واحدة في أحد مباني المفاعل النووي الإسرائيلي في «ديمونة» وإصابتين في محيطه، فيما تحدث قادة سابقون عن أن استهداف المنشآت الذرية الإيرانية مطروح على الطاولة.
تبادل رسائل
ورغم استمرار سيل التهديدات الإيرانية بشأن التأهب للرد على الرد، كشفت وكالة بلومبرغ أن سفينة بهشاد، التي تُوصف بـ «عين طهران الاستخباراتية»، غادرت البحر الأحمر، حيث كانت مستقرة منذ فترة طويلة، وظهرت قبالة ميناء بندر عباس بالخليج ضمن إجراءات احترازية لتفادي الانتقام الإسرائيلي.
وأكد وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبداللهيان ما أوردته «الجريدة» على صفحتها بشأن إرسال طهران لرسالتين إلى الولايات المتحدة حول الهجوم. وقال عبداللهيان، أمس، إن بلاده بعثت بـ «رسائل» عدة إلى الولايات المتحدة للتأكيد أن إيران «لا تسعى إلى توسيع التوترات» في الشرق الأوسط مع إسرائيل، قبل وصوله إلى نيويورك لحضور اجتماع مجلس الأمن. وألقى عبداللهيان بالمسؤولية على تصرفات إسرائيل في زيادة التوتر بالمنطقة، معتبراً أن الوضع في غزة وصل إلى مرحلة الغليان.
عقوبات وتحذير
وعشية اجتماع حاسم لمجموعة السبع بإيطاليا من المتوقع أن تكثف فيه الدول الغربية جهودها لفرض عقوبات منسقة على إيران، أعلنت بريطانيا فرض حزمة عقوبات جديدة تشمل 13 كياناً إيرانياً. كما فرضت الولايات المتحدة عقوبات على 16 فرداً وكيانين إيرانيين، بهدف عرقلة تطوير برنامج الطائرات المسيَّرة الإيرانية.
وفي حين دعت وزيرة الخارجية الألمانية أنالينا بيربوك إلى اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد طهران وعزلها، لكنها نبهت إلى ضرورة عدم اللجوء إلى التصعيد الذي سيكون مميتاً للشعوب في إسرائيل والضفة الغربية ولبنان والمنطقة بأكملها. كما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون حرية تقرير إسرائيل لما ستفعله رداً على الهجوم الإيراني.
على الجهة المقابلة، حذَّرت سفارة إيران في روما من أن اتخاذ «قرارات غير بنَّاءة» تجاه طهران سيزيد من التوتر في المنطقة والعالم، خصوصاً مع استمرار سياسة التزام الصمت تجاه مخالفة إسرائيل للقوانين الدولية التي شجعت تل أبيب على مواصلة أعمالها الشريرة ومغامرتها.