«إذا لم تكنْ لي والزّمانُ شُرمْ بُرم»، كلمات مأخوذة من صدر بيت شعر استخدمت كثيراً، حتى أن البعض اعتقد خطأً أنها مفردات عامية دارجة، ولكنها في حقيقة الأمر كلمات اقتطعت من بيت شعري قديم قُرئ أيضاً بطريقة مختلفة عن الأصل، وكان يُقصد منه أمرٌ آخر.

فقد قرأه البعض بهذه الطريقة:

Ad

إذا لم تكنْ لي والزّمانُ «شُرمْ بُرمْ»

فلا خـيـر فيكم والـزّمانُ «ترلّلي»

فيلاحظ فيه أن الكلمات شرم وبرم، وترلّلي وقد أدغمت أو أدمجت بعد أن كانت في أصلها كلمتين، هما: شَرٌّ مُبْرَم، أي: شر مستطير، أمّا تَرلّلي، فأصلها أيضاً كلمتان، وهما: تراءى لي، أي أن الدنيا تيسّرت وانفرجت لي، فالعرب قديماً كانت تركّب، أو تضمّ بعض الكلمات للتيسير، ومنها كلمات «شرم برم، وترلّلي».

أما أصل هذا البيت العربي الفصيح فهو:

إذا لم تكن لي والزّمانُ شرٌّ مُبرم

فلا خير فيكم والزّمان تراءى لي

‌ويصبح المقصود منه: إن لم تنجدني وأنا في زمن الضيق والحاجة، أو إن لم تكن عوناً لي وقد اشتدت عليّ المصائب، فلا حاجة لي بك والحظ قد ابتسم لي، أو لا حاجة لي بك إذا ما انفرجت عنّي الغُمة، فالصديق الحقيقي يُعرف وقت الضيق، فما أكثر الأصحاب حين تعدّهم، ولكنهم في النائبات قليل، وما فائدتي من نجدة صديق لم ينصرني إلا بعد أن فات أوانها؟

وهناك حديث للرسول، صلى الله عليه وسلم، يدور حول هذا المعنى، فقد قال: «المسلم أخو المسلم، لا يظلمه ولا يسلمه، ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة، ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة».

وقد استخدم الشاعر أحمد شوقي الكلمة المدغمة «ترلّلي» هذه عندما رُزق ولده علي، فقال:

صارَ شَوقي أَبا عَلي

في الزَّمانِ التَرَلَّلي

وَجَناها جِنايَةً

لَيسَ فيها بِأَوَّلِ

واستخدمها الصحافي اللبناني جبرانُ التُّويني، حين رزق ولده غسان، فقال: صار جبرانُ أبا غسّانْ في الزمان الترلّلي، ويبدو من استخدام الاثنين لكلمة ترلّلي أنهما رزقا بولديهما في وقتهما الضائع، أو في زمان سيئ بالنسبة إليهما، فماذا كانا سيقولان لو رزقا ولديهما في زمننا هذا؟