واشنطن تنسحب من النيجر... وتشاد تطالبها بإغلاق قاعدة
«الفيلق الروسي» يثبّت قدمه في منطقة الساحل... وتحذيرات من أزمة لاجئين
وافقت الولايات المتحدة على سحب قواتها من النيجر، في خطوة طالما عارضتها إدارة الرئيس جو بايدن، ومن شأنها أن تغيّر موقف واشنطن في مكافحة الإرهاب بمنطقة الساحل، حيث بدأ «فيلق إفريقيا» الروسي الانتشار فيها من بوابة النيجر ومالي وبوركينا فاسو، فيما دعت تشاد الولايات المتحدة إلى سحب قواتها من قاعدة عسكرية، في الدولة الواقعة وسط إفريقيا، وهي واحدة من المواقع الغربية القليلة المتبقية لمحاربة تمردّ جهادي يجتاح المنطقة.
خطة انسحاب
وتأتي هذه التطورات بعد أشهر من طرد القوات الفرنسية من النيجر، التي شهدت العام الماضي انقلابا عسكريا أطاح الرئيس المنتخب محمد بازوم، ثم طالب بطرد كل القوات الأجنبية «غير الشرعية»، والانسحاب من اتفاقية التعاون الأمني التي تم توقيعها مع الولايات المتحدة عام 2012.
وينهي الانسحاب الأميركي وجود قوات قوامها 1000 جندي في النيجر، لكنّه يلقي بظلال من الشك على وضع القاعدة الجوية التي أنشأتها واشنطن في البلد الغني باليورانيوم منذ 6 سنوات بكلفة 110 ملايين دولار، وخصصت لمكافحة التيارات الجهادية المتطرفة التي كثفت أنشطتها في السنوات الأخيرة بمنطقة الساحل الإفريقي.
وقال مسؤول كبير في «الخارجية» الأميركية تحدث لصحيفة واشنطن بوست، شريطة عدم الكشف عن هويته: «لقد طلب منّا رئيس وزراء النيجر علي الأمين زين سحب القوات الأميركية، ووافقنا على ذلك»، مضيفا «اتفقنا على بدء محادثات خلال أيام حول كيفية وضع خطة لسحب القوات».
إملاءات
ومع تحوّل منطقة الساحل، التي تضم النيجر مالي وبوركينا فاسو المجاورتين، وكلها شهدت انقلابات عسكرية، إلى نقطة ساخنة للحركات المتطرفة، يعتبر المسؤولون الأميركيون القاعدة التي أنشأتها واشنطن في النيجر مصدرًا مهمًا لمكافحة الإرهاب، حيث تنشر «البنتاغون» مزيجًا من القوات الجوية والجيش لمتابعة وملاحقة الجماعات المسلحة في المنطقة، لكنّ المجلس العسكري أصدر الشهر الماضي إشعارا بطرد القوات الأميركية بعد اجتماعات متوترة مع كبار المسؤولين في وزارة الخارجية و«البنتاغون».
واتهم المجلس العسكري واشنطن بمحاولة إملاء علاقاته الخارجية، لاسيما مع إيران أو روسيا أو أي خصوم للولايات المتحدة، فيما لم تحقق الجهود الأميركية لإقناع النيجر بالعودة إلى المسار الديموقراطي، حتى يتسنى استئناف المساعدات الأميركية تقدماً يذكر.
تحرّك روسي
في هذا السياق، حذرت صحيفة وول ستريت جورنال، في افتتاحيتها أمس الأول، من أن روسيا «تتحرك» في إفريقيا، مؤكدة أن «الكرملين يملأ الفراغ الذي تركه الفرنسيون». وأشارت الصحيفة الى وصول 100 مدرب عسكري روسي إلى نيامي الأسبوع الماضي، في طائرات محملة «بنظام دفاع جوي متطور تم الحصول عليه في إطار التعاون العسكري مع روسيا».
وعرضت قناة تيلي ساحل، لقطات لوصول طائرة شحن روسيّة إلى مطار نيامي، وذكرت أن روسيا ستساعد في «إقامة نظام دفاع جوّي لضمان السيطرة الكاملة على مجالنا الجوّي»، بعد أن أظهرت لقطات تجمّع المئات للاحتجاج على الوجود العسكري الأميركي في النيجر، لوّح بعضهم بالأعلام الروسية.
ووسّعت موسكو، في بادئ الأمر، نفوذها في إفريقيا عبر «مجموعة فاغنر»، التي تمرّدت على القيادة الروسية في يونيو الماضي، فتمت إعادة تنظيمها تحت مظلّة «الكرملين»، وباتت قوّاتها في القارّة الإفريقية تُعرف باسم «فيلق إفريقيا».
مركز حيوي
وتعد النيجر مركزا حيويا لمكافحة الإرهاب في منطقة الساحل وشمال إفريقيا، حيث تستضيف النيجر ثاني أكبر وجود عسكري أميركي في القارة بعد جيبوتي، فيما حذر رئيس القيادة الأميركية في إفريقيا الجنرال مايكل لانغلي، أخيرًا، من أنه إذا خسرت الولايات المتحدة قاعدة في منطقة الساحل، فإن ذلك «سيقلل من قدرتنا على القيام بالمراقبة والإنذار، بما في ذلك الدفاع عن الوطن».
من جهته، قال مشروع التهديدات الحرجة التابع لمعهد أميركان إنتربرايز إن «المرتزقة الروس في إفريقيا لم يكونوا فعالين، إن لم يكن لهم نتائج عكسية في عمليات مكافحة التمرد»، مضيفا أن «وجود قواعد روسية في شمال النيجر من شأنه أن يخلق فرصة للكرملين لنشر طائرات من دون طيار في المنطقة لتهديد الجناح الجنوبي لحلف شمال الأطلسي في المستقبل»، حيث يمكن للمسيرات في النيجر تهديد المنشآت الأميركية وحلف شمال الأطلسي في البحر الأبيض المتوسط.
بدوره، حذر أندريا كاربوني، من أن تصاعد العنف في منطقة الساحل قد يؤدي إلى خلق لاجئين، «ولدى الكرملين تاريخ في استخدام الهجرة سلاحا ضد أوروبا»، فضلا عن أن واشنطن تشعر بالقلق من أن إيران قد تسعى للتوصل إلى اتفاق يتيح لها الوصول إلى احتياطيات اليورانيوم الهائلة في النيجر.
تشاد
الى ذلك، أبلغت تشاد الولايات المتحدة بـ «وقف نشاطها في قاعدة أميركية على اراضيها، وفقا لخطاب إلى الملحق الدفاعي الأميركي، اطلعت عليه وكالة بلومبرغ.
وتم التحقق من الخطاب، الذي وقّعه رئيس أركان القوات الجوية، عبر المتحدث باسم وزارة الخارجية، إدريس أمين أحمد، الذي رفض الإدلاء بالمزيد من التعليقات.
وكانت إذاعة فرنسا الدولية قد أعلنت في 29 فبراير الماضي أن زعيم المعارضة التشادية يايا ديلو قد لقي حتفه عندما دهمت قوات الأمن مقر حزبه، بعد اتهام الحزب بتنفيذ هجوم على مديرية الأمن الداخلي التشادية.
ونقلت الإذاعة، ومقرها باريس، عن المدعي العام قوله إن ديلو قُتل مع عدد من أعضاء الحزب الاشتراكي بلا حدود (بى إس إف) الذي يتزعمه، وأضافت أنه تم اعتقال 26 شخصا على الأقل.
وتُعد أعمال العنف أحدث تصعيد في التوترات التي تسود البلاد قبل الانتخابات المقررة في 6 مايو، والتي قد تعيد الدولة المنتجة للنفط في وسط إفريقيا إلى الحكم الدستوري بعد ثلاث سنوات من استيلاء الجنرال محمد ديبي على السلطة.