في منتصف الشهر الماضي، تحدَّثنا عن دور جمعية جودة التعليم في كشف قضية الشهادات الوهمية والمزورة خلال السنوات العشر الماضية، والقانون الذي تقدَّمنا به وأُقر لحظر استعمال الشهادات غير المعادلة، وسلَّطنا الضوء على اجتماعنا بـ «الخدمة المدنية»، آنذاك، ومطالبتنا بفحص شهادات جميع موظفي الدولة، للتأكد من صحتها ومعادلتها. وبعد كل هذه المحاولات قام رئيس الوزراء السابق بتحقيق ذلك، عبر قرار شمل كل موظفي الجهات الحكومية.

وأسوة بموظفي الدولة، ولما كان أعضاء مجلس الأمة في عِداد الموظفين العامين، كونهم مكلفين القيام بخدمة عامة، وكان دخولهم لمجلس الأمة يستند إلى خلو ذمتهم من كل ما يمس الشرف والأمانة، ولما كان الحصول على شهادة وهمية أو مزورة أو غير معادلة من التعليم العالي واستخدامها بأي شكل من الأشكال يُعد خرقاً للقانون ومساساً بالشرف والأمانة، فإن على وزير الداخلية، كون وزارته هي التي تسلَّمت طلبات الترشح، التأكد من سلامة الموقف القانوني للإخوة الأعضاء، كإجراء روتيني، والقيام بإرسال الشهادات الدراسية لجميع أعضاء المجلس، بأنواعها، الثانوية، والدبلوم، والجامعية، والعليا، وأي مؤهل آخر، لوزارة التعليم، للتأكد من صحتها وإتمام معادلتها، والتأكد كذلك من بقائهم طوال مدة الدراسة في البلد الذي تقع فيه الجامعة إذا كانت بالخارج، وذلك عن طريق كشف المنافذ، ليتم تعليق عضوية مَنْ يثبت بطلان شهادته الدراسية من النواب.

Ad

***ذكرنا في عدة مناسبات، على مدى عقدين من الزمن، ومنها مقال منذ اثني عشر عاماً، خطورة تحالف إيران والدول العظمى، وتحدَّثنا عن أشهر كتاب (التحالف الغادر) لأستاذ العلاقات الدولية بارسي بجامعة جون هوبكينز، عن التعاملات السريَّة بين إسرائيل وإيران وأميركا، إلا أننا نختلف الآن مع البروفسور تريتا بارسي في تحديد طبيعة العلاقة فيما بينهم، فهي لم تعد سريَّة كما كانت في عملية «إيران كانترا أفير» مطلع الثمانينيات، حين نقلت أسلحة إسرائيلية لإيران بموافقة الخميني والرئيس ريغان من مخازن أميركا في إسرائيل، لتذهب إيرادات هذا البيع إلى ثوار نيكاراغوا، الذين سمحت لهم وكالة المخابرات الأميركية ببيع المخدرات داخل أميركا دون علم الكونغرس، لتمويل أنشطتهم ضد الحكومة الشيوعية. تعقيد غريب من ألف ليلة وليلة تحت غطاء سري كشفت تفاصيله تسريبات بعد مرور سنوات.

أما الآن، فتحالفهم أمامنا علني أسقطوا به العراق وأفغانستان، وأسقطوا لبنان بيد حزب الله، وكادت تسقط البحرين، وأسقطوا صنعاء بيد الحوثيين، وسلَّموا دمشق لإيران، وزعزعوا أمن الكويت، فكان آخرها «خلية العبدلي»، التي بدلاً من الإعدام والحبس خرجوا، ومُخطئ مَنْ يعتقد أن إيران توقفت عند هذا الحد وهذه الخلية التي نجا أعضاؤها بالعفو، وسيعيدون الكَرَّة بدعم حلفائهم في مجلس الأمة وشبكة الاتصالات الإيرانية، التي تصل تغطيتها إلى سواحلنا، مما يُعد خرقاً صارخاً للسيادة!

إن تحالفهم العلني هو تأكيد على وهن أعدائهم العرب، والخليجيين بالتحديد، كالعلاقة التي كشفها ترامب حين سمح لإيران، لحفظ ماء وجهها أمام شعبها، بقصف محيط معسكر أميركي بالعراق دون إلحاق أي أضرار. وما المسرحية الأخيرة بين إيران وإسرائيل إلا أكبر دليل على الكاموفلاج الفكاهي لضربات صاروخية خالية من العبوات الناسفة أرسلتها إيران «دليفري» بتوقيت معلن، كي لا «يخترع» اليهود، فترد عليهم إسرائيل بشيء مشابه نهاية الأسبوع الماضي. كل ذلك برعاية أميركية، والتي يراها الأعمى، وبكل وضوح، على أنها «التحالف القذر».

*** إن أصبت فمن الله، وإن أخطأت فمن نفسي.