عاشت المنطقة في الساعات الأخيرة حالة من عدم اليقين، وسط حالة من الصمت خصوصاً في واشنطن، بعد أن شنت إسرائيل رداً محدوداً على الهجوم الإيراني غير المسبوق الذي استهدفها الأحد الماضي، وهو ما أثار تساؤلات عما إذا كانت تل أبيب وطهران، اللتان وصلتا إلى أعتاب حرب مباشرة بينهما، قد عادتا إلى الوضع السابق للغارة الإسرائيلية التي تم شنها على مبنى قنصلية إيرانية في دمشق، وأسفرت عن مقتل قائد الحرس الثوري في لبنان وسورية، وأثارت غضب طهران.
وكشف مصدر في وزارة الدفاع الإيرانية، لـ «الجريدة»، أن الهجمات التي شهدتها إيران فجر الجمعة لم تقتصر على مدينة أصفهان، حيث تقع قاعدة جوية ومنشآت نووية، ولم تستهدف قاعدة إنذار مبكر فحسب، بل استهدفت كذلك قواعد إطلاق صواريخ ومسيرات في مدينتي شيراز جنوباً وتبريز شمال غرب البلاد، مضيفاً أن المضادات الأرضية الإيرانية أسقطت كل المسيرات التي كانت مفخخة بقنابل صغيرة، والتي لو كانت وصلت إلى أي قاعدة وأصابت منشآت الوقود أو الطاقة فيها لأحدثت ضرراً كبيراً.
وأوضح المصدر أن التحقيقات بدأت على الفور لكشف ملابسات الهجوم، لأن عملية مثل هذه عادة ما يتم تنفيذها من جانب مجموعات داخلية تعمل لمصلحة إسرائيل، وهي لا تعتبر عملية مباشرة من جانب تل أبيب ضد طهران، ويمكن أن يكون هدفها اختبار استعدادات الدفاعات الجوية الإيرانية قبل شن هجوم آخر، خصوصاً أنه جرى بالتزامن استهداف قاعدة إنذار مبكر في أصفهان وقاعدة أخرى في سورية.
من جهة ثانية، أشار مصدر آخر في المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أن إسرائيل قد تكون قصدت بهجومها تحويل قواعد الاشتباك مع إيران من المجال العسكري إلى المجال الأمني.
وأضاف المصدر، عقب اجتماع مستعجل غير رسمي للمجلس، أن هناك إجماعاً إيرانياً على ضرورة عدم الرد عسكرياً على إسرائيل في حال كان الهجوم الذي نفذ فجر الجمعة هو الرد الإسرائيلي النهائي، لكنه أشار إلى ضرورة قيام إيران برد أمني مماثل في الداخل الإسرائيلي.
في سياق متصل، أكد مصدر إيراني مقرب من قيادة حركة حماس أنه بسبب تعثر المفاوضات حول هدنة غزة وصفقة التبادل بين الحركة وإسرائيل في الدوحة، عرضت قيادة «حماس» السياسية المقيمة في العاصمة القطرية على السلطات القطرية أن تنتقل إلى دولة أخرى، لكن القيادة القطرية أكدت أنه لا داعي لمثل هذه الخطوة.
وأضاف المصدر أنه رغم الجواب القطري الحاسم، فإن قيادة «حماس» قامت بإجراء مباحثات مع بعض الدول للانتقال إليها، وحتى الآن فإن إيران هي الدولة الوحيدة التي رحّبت بانتقال قيادة «حماس» إليها، في حين لم تتلق الحركة إجابات من الدول الأخرى.
وقال إن أحد الشروط التي تم طرحها من واشنطن لإنهاء حرب غزة، هو انتقال كل العناصر الفلسطينية المسلحة من «حماس» و«الجهاد الإسلامي» وباقي الفصائل الفلسطينية المقاتلة إلى خارج القطاع، على أن تقوم قوات دولية بضمان أمن الفلسطينيين.
وأوضح أن «حماس» رفضت هذا الشرط، لكنها أبدت بعض المرونة في حال كانت القوات التي ستدخل غزة تحت إشراف دول عربية أو إسلامية وبشرط انسحاب القوات الإسرائيلية بشكل كامل من القطاع، وهذا ما رفضته تل أبيب.
وأشار المصدر إلى أن الأميركيين كانوا أكدوا أن بإمكانهم إقناع تركيا أو إحدى الدول العربية الخليجية باستقبال «حماس» شرط أن تنتقل القيادة السياسية والعسكرية والعناصر المقاتلة جميعاً إلى هذه الدولة ولا يقتصر الموضوع على القيادة السياسية فقط.
ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية عن مسؤولين عرب قولهم، إن القيادة السياسية لـ «حماس» تبحث نقل مقرها من قطر إلى دولة أخرى، وذلك في ظل تعثر التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بقطاع غزة. وقال مسؤولون عرب إن الحركة، المصنفة كمنظمة إرهابية في الولايات المتحدة، تواصلت في الأيام الأخيرة مع دولتين على الأقل في المنطقة لسؤالهما عما إذا كانتا منفتحتين على فكرة انتقال قادتها السياسيين إليهما.
وقال مسؤول عربي للصحيفة ذاتها، إن سلطنة عمان هي إحدى الدول التي تم الاتصال بها.
من ناحيته، أشار موقع «ميدل ايست اي» إلى أن الحديث يدور أيضاً عن إمكانية استقبال إيران أو لبنان أو اليمن أو حتى الجزائر لقادة الحركة مع استبعاد سورية التي شهدت علاقتها مع الحركة الفلسطينية توتراً بسبب الحرب الأهلية، مضيفاً أن تركيا هي البلد المرجح أن تستقر فيه الحركة، وأن رئيس المكتب السياسي لـ «حماس» إسماعيل هنية بحث هذا الأمر خلال لقائه أمس الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في إسطنبول.