رجل الهند القادم لرئاسة الوزراء للمرة الثالثة ولخمس سنوات تنتهي عام 2029 أفضل من استخدم الدين لتعزيز سلطته وانتمائه الهندوسي... «مودي» ركب موجة القومية العابرة للحدود في وجه العولمة، وفي دولة تصنف على أنها علمانية، لكن للإنصاف سيرته تقول إنه متعصب لقوميته، وهناك من يماثله في التوجه، فلديه من يشبهه في روسيا أو إسرائيل أو فرنسا وحتى أميركا في عهد ترامب.

أولى ضحايا التزاوج بين القومية والدين الذي انصهر به رئيس حزب «بهارتا جاناتا» ورئيس الوزراء، ستكون الأقليات الدينية وهم من المسلمين والمسيحيين، لذلك دعت وبقوة «إيزابيل دي غولمين» رئيسة تحرير صحيفة «لاكروا» الفرنسية، إلى الدفاع عن الحرية الدينية والأقليات كقيمة إنسانية سواء في الهند أو في غيرها من بلدان العالم.

Ad

«مودي» بات يتصدر مشهد السياسة الدولية، فهو على حد تعبير الكاتب منصور مبارك في نشرة مؤسسة الفكر العربي، «محطّم العلاقات التاريخية العربية الهندية» بعد أن بنى شراكة أمنية مع إسرائيل واستدار نحوها مبدياً إعجابه بنتنياهو، ها هي تصطف إلى جانب تل أبيب في حربها ضد الشعب الفلسطيني بمعركة غزة ملغية صفحات تاريخية مؤيدة للقضية الفلسطينية منذ نكبة 1948.

الحقيقة الساطعة أن «مودي» أظهر أنه الأكثر غلواً في هندوسيته على اعتبار أن الهند أمة للهندوس، وهم الذين وقفوا بأفكارهم وراء العنف الديني الذي أدى إلى مصرع المهاتما غاندي.

«تسونامي اجتاح الهند»، هكذا كتبت الصحيفة الفرنسية «لاكروا» بتغطيتها لأكبر انتخابات تجري على مستوى العالم، وهو يتمتع بشخصية يصفها البعض بأنها استبدادية وجذابة؟ ويطلق على نفسه «إمبراطورية القلوب الهندوسية» واضعاً شخصه في خدمة الأيديولوجية اليمينية.

بلد المليار و400 مليون نسمة ستهتف «تحيا الهند» وتكاد تكون هذه الصرخة دعوة عاصفة ستجرف معها الأقليات الدينية وتحديداً المسلمين والذين عملت سياساته على شيطنتهم.

نسجت حول شخصيته أساطير مرعبة، مثل حكاية التمساح الذي قيل إنه أخضعه وتغلب عليه عندما كان طفلاً في البحيرة القريبة من منزله، ومنها قيامه برحلة غامضة في جبال الهملايا لمدة عامين!

وفي سيرته مقطع فاصل يؤسس لثقافة سياسية متشبعة بالتعصب للهندوسية تقول إنه انضم إلى «الرابطة الوطنية للمتطوعين» وهي أشبه بميليشيا عسكرية للقومية الهندوسية المعادية تماما للتعددية الدينية.

قدم صورة زاهية لاقتصاد بلاده وكان مبادراً إلى العديد من المشاريع لمصلحة الفقراء جعلته يحظى بشعبية واسعة والبعض نظر إليه على أنه «المسيح الاقتصادي» وبفضله صعدت الهند إلى مرتبة خامس أكبر اقتصاد في العالم.

قضى مودي على الطابع العلماني للهند بدفاعه المميت عن تفوق الهندوس والتعامل مع الأقليات التي يبلغ عددها 200 مليون مسلم، و35 مليون مسيحي، كمواطنين من الدرجة الثانية، ونجح كذلك في إفقار الحياة الديموقراطية إلى حد كبير.

استغل الدين لجعل الهندوس الأقوى نفوذاً وعلى حساب الأقليات الأخرى، وسرت موجة من الكراهية في بيئة مؤيدة لتوجهاته... ولا صوت يعلو فوق صوت الشعبوية اليمينية الآخذة باكتساح معاقل الديموقراطية والعلمانية والتعددية.