نالت اللحوم المستنبتة معملياً موافقة إدارة الأغذية والعقاقير الأميركية في وقت سابق من الشهر الجاري، ما يمثل أول موافقة للإدارة المعروف عنها شدة تعقيد إجراءاتها وتشددها الزائد في فحص احتياطيات السلامة لأول منتج لحوم يتم استنباته من خلايا حيوانية للاستهلاك البشري.

وتفتح الموافقة التي نالتها شركة «آب سايد فوودز»، العاملة في تصنيع الدجاج المستنبت معملياً، عن طريق جمع الخلايا من الحيوانات الحية واستخدامها لاستنبات اللحوم في خزانات من الفولاذ المقاوم للصدأ المعروفة باسم «المفاعل الحيوي»، الباب أمام دخول المنتجات المماثلة إحدى أكبر أسواق العالم للحوم.

ويعزز ذلك آمال نمو هذه السوق الناشئة التي ترسخ أقدامها شيئاً فشيئاً اعتماداً على عوامل من بينها كونه بديلاً حيوياً لقطاع تربية الماشية المتهم بالمساهمة في انبعاثات غاز الميثان المسبب لتغير المناخ، ولأنها تأتي في وقت يسود الحديث عن اقتصادات الوفرة والحاجة إلى بدائل تكنولوجية لتوفير المال.
Ad


موافقة مهمة

وقالت إدارة الغذاء والعقاقير الأميركية، إن العالم يشهد ثورة غذائية، وإنها ملتزمة بدعم الابتكار في الإمدادات الغذائية.

ويرى الكثيرون أن الموافقة الأميركية ستفتح الطريق أمام سوق أغذية جديدة يقول مؤيدوها إنها أكثر كفاءة وصداقة للبيئة من التربية التقليدية للماشية.

وقال كوستا يانوليس، الشريك الإداري لدى «Synthesis Capital»، وهو صندوق لرأس المال المخاطر متخصص في تكنولوجيا الأغذية، إن الموافقة الأميركية تمثل بداية تغيير حقيقي للنظام الغذائي، وأضاف «الولايات المتحدة أول سوق لها دلالة تمنح موافقتها على ذلك الأمر، إنه أمر مزلزل ويتسم بالريادة».

والإنتاج العالمي للغذاء مسؤول عن ثُلث جميع غازات الاحتباس الحراري المنبعثة من النشاط البشري، وتربية الحيوانات من أجل إنتاج اللحوم تمثل معظم تلك الحصة. وتحتل المراعي والأراضي الزراعية نحو 50% من الأراضي الصالحة للسكن على كوكب الأرض وتستهلك نحو 70% من إمدادات المياه العذبة.

وسنغافورة هي الدولة الوحيدة في العالم المسموح فيها ببيع ذلك النوع من اللحوم للمستهلكين.

وفي تحرك لافت، كانت الحكومة السنغافورية نظمت عشاء بالاشتراك مع معهد «The Good Food Institute APAC» وشركة اللحوم «Good Meat» للترويج للحوم المصنعة معملياً للمجتمع الدولي خلال الأسبوع الثاني من مؤتمر الأمم المتحدة لتغير المناخ لعام 2022 الذي عقد في مصر في الفترة من 6-18 نوفمبر.

والعشاء الذي استضافته سنغافورة شمل دجاجاً مستنبتاً وجرى تقديمه لمسؤولين كبار حاليين وسابقين من سنغافورة وإندونيسيا وكمبوديا وبوتان ولاوس وسان مارينو وجمهورية الدومينيكان وكولومبيا وماليزيا.

وتجري على مستوى العالم جهود مماثلة لاستكشاف طرق لتطوير المأكولات البحرية مثل المحار والكركند وأنواع أخرى في المختبر. وفي حين ان استنبات اللحوم القائمة على الخلايا موجود منذ عقود، فإن الباحثين كانوا يستكشفون أساليب تكنولوجية لاستنبات المأكولات البحرية وسط التراجع العالمي في المخزونات البحرية.

وقالت ميرت جوسكر، العضو المنتدب لمعهد «The Good Food Institute APAC» في آسيا والمحيط الهادئ: «إنها ببساطة طريقة أكثر ذكاء لصناعة اللحوم». وتلعب الأسواق الآسيوية دوراً مركزياً في هذا التحول. ومن بين أكبر عشرة بلدان تستهلك أعلى معدل من الأسماك، فإن سبعة منها في آسيا، مما يخلق محيطا من الفرص لمنتجي المأكولات البحرية البديلة.

حجم السوق

ووفقاً لتقرير بحثي فإن سوق اللحوم المستنبتة معملياً سينمو حجمه إلى 1.99 مليار دولار بحلول عام 2035 بمعدل نمو سنوي مركب قدره 21.4% حتى ذلك العام.

بالنظر إلى الإحصاءات المقارنة يبدو أن هذه السوق أكثر جاذبية من الناحية الاقتصادية مقارنة مع سوق اللحوم التقليدية، وينظر إلى السوق على أنه من البدائل الأكثر استدامة والتي تتسم بانبعاثات كربون أقل مقارنة مع إنتاج اللحوم التقليدية، فقطاع اللحوم المستنبتة يستهلك طاقة أقل نسبيا بمعدلات تتراوح بين 7-45%، فضلاً عن أن غازات الاحتباس الحراري الناجمة عنه أقل بنسب تتراوح بين 78 إلى 96%، إلى جانب أنه أقل استهلاكاً للأرض بواقع 99% والمياه بنسبة تتراوح بين 82-96%.

ويتلقى ذلك السوق الدعم من عوامل بينها التركيز المتزايد على رعاية الحيوانات، والطلب المتزايد على المنتجات الغذائية المصنعة المعتمدة على الحيوانات، وتزايد الطلب أيضاً على الأغذية الخالية من مسببات الحساسية، في الوقت ذاته يرى البعض أن القطاع يواجه بعض العوامل غير المواتية منها ارتفاع الطلب على البروتينات النباتية وتزايد عدد الأشخاص الذين يعتمدون على النظام الغذائي النباتي.

في السنوات الأخيرة، بات قطاع الثروة الحيوانية العالمي عرضة لتدقيق شديد بسبب آثاره البيئية والأخلاقية وتأثيراته على صحة الإنسان. وحالياً، يهتم المستهلكون على نحو متزايد بالنظر إلى مزايا اللحوم المستنبتة معملياً ومن بينها انخفاض انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وارتفاع القيمة الغذائية والإنتاج الخالي من الذبح، فضلاً عن قضايا تربية الحيوانات ورعايتها.