مع إتمام حرب غزة يومها الـ200 وسط انسداد بجهود وقفها دبلوماسياً، واستمرار مخاوف تمددها إقليمياً، في ظل تشبث إسرائيل بتحقيق أهدافها المتمثلة بالقضاء على «حماس»، وتشكيل سلطة حاكمة جديدة للقطاع المحاصر، أكدت قطر وتركيا استمرار بقاء قادة الحركة الفلسطينية في العاصمة القطرية، بعد تقارير عن قيام «حماس» بالبحث عن بلد مضيف جديد لها، إثر إعلان الدوحة قيامها بمراجعة موقفها من الوساطة بين الطرفين المتحاربين لإبرام اتفاق بشأن تبادل الأسرى وإنهاء القتال.

وصرح المتحدث باسم الخارجية القطرية، ماجد الأنصاري، أمس، بالقول: «إنه لا مبرر لإنهاء تواجد مكتب حماس في الدوحة مادامت جهود الوساطة القطرية مستمرة للوصول إلى اتفاق من شأنه أن يضع حداً للحرب الدائرة»، التي حصدت أرواح 34183، وتسببت في جرح 77143 منذ السابع من أكتوبر الماضي.

Ad

وأضاف أن الدوحة ملتزمة بجهود الوساطة لكنها حالياً في مرحلة إعادة تقييم، مؤكداً أن قادة «حماس» متواجدون في الدوحة، وبإمكانهم المغادرة والعودة في أي وقت ولا قيود تجاههم.

ولفت إلى إحباط الدوحة من الهجمات المستمرة والمفتعلة على الوسطاء وعلى قطر، ومحاولة بعض الأطراف لدفعها من أجل الضغط على الطرف الآخر لتحقيق مكاسب بعيداً عن الحلول الممكنة.

وأشار إلى أن تركيا من أهم الدول الداعمة لجهود الوساطة التي تقودها قطر لوقف الحرب، محذراً في الوقت نفسه من أن اجتياح رفح المحتمل سيؤثر سلباً على جهود التهدئة والوساطة.

وتزامنت تصريحات الأنصاري مع تشديد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على أنه لا يعتقد أن «حماس» ستغادر قطر التي تتخذها مقراً.

وشدد الرئيس التركي على أن أمير قطر تميم بن حمد «دائماً ما يتصرف بصدق تجاه قادة حماس، ويعتبرهم من أفراد العائلة دوماً».

وحذّر أردوغان من أن سيطرة إسرائيل على غزة من شأنها فتح الباب أمام عمليات اجتياح واحتلال أخرى.

ووصف الرئيس التركي رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ«هتلر العصر»، وتعهد بتقديمه وشركائه للمساءلة، مؤكداً مواصلة أنقرة جهودها للتوصل إلى حل في غزة.

والثلاثاء الماضي، انتقدت السفارة القطرية في واشنطن تعليقات أدلى بها النائب الأميركي الديمقراطي ستيني هوير دعا فيها واشنطن إلى «إعادة تقييم» علاقتها مع قطر إذا لم تهدد «حماس» بوجود تداعيات لتصلب موقفها بإبرام اتفاق بشأن تبادل المحتجزين وهدنة مؤقتة.

اتهام وإدانة

في غضون ذلك، اتهم المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر «حماس» بتغيير مطالبها في مفاوضات غزة، والرهان على «اندلاع حرب إقليمية شاملة»، لكنه شدد على أن واشنطن ستواصل الضغط من أجل وقف الحرب، والتوصل إلى اتفاق لإطلاق سراح المحتجزين الإسرائيليين في القطاع.

وسرعان ما ردت الحركة على الاتهامات الأميركية، رافضة محاولة واشنطن تحميلها مسؤولية تعطيل التوصل إلى اتفاق.

كما أدانت «حماس» في بيان، تصريحات أدلى بها وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، حمّل خلالها الحركة مسؤولية «تعطيل» التوصل إلى اتفاق.

وجاء في بيان الحركة، أن «تصريحات بلينكن لا تمت للواقع بصلة، وتتناقض مع الحقيقة التي تؤكد أن حماس قدمت مرونة أكثر من مرة، لتسهيل التوصل لاتفاق يوقف حرب الإبادة والعدوان على شعبنا، وكانت تصطدم بتعنت ومماطلة نتنياهو وحكومته، الذين يضعون العراقيل والعقبات أمام الاتفاق، ويسعون لإطالة أمد حربهم المسعورة، وقضية أسرى الاحتلال ليست ضمن أولوياتهم».

في هذه الأثناء، أكد وزير الخارجية المصري، سامح شكري، أن القاهرة تترقب وتدعو إسرائيل لعدم اتخاذ أي إجراءات عسكرية في مدينة رفح الفلسطينية المكتظة بأكثر من مليون نازح والملاصقة لسيناء.

وأضاف شكري: «ينبغي أن تكون هناك قدرة على اتخاذ خطوات ملموسة في حال إقدام إسرائيل على هذه الخطوة بما يعد رادعاً لها».

معارك وفشل

ميدانياً، شنّ طيران الاحتلال الإسرائيلي سلسلة غارات عنيفة على 25 هدفا في مناطق متفرقة بشمال وجنوب القطاع وصولاً إلى مدينة رفح، وتسببت في مقتل 32 وإصابة 59 خلال الـ 24 ساعة الماضية.

وتركزت المعارك بمحور «نتسريم» الذي يقسم القطاع إلى شمالي وجنوبي، وتسبب قصف مدفعي إسرائيل على مناطق بوسط القطاع في سقوط ضحايا.

وفي حين عادت المعارك البرية إلى شمال القطاع تبنت حركة «الجهاد» قصف مستوطنة سديروت بغلاف غزة بعدة صواريخ. ورغم اعتراض القبة الحديدية للصواريخ التي انطلقت على دفعتين فإن النيران اشتعلت في مستودع أحد المنازل بالمستوطنة التي تقع بمنطقة الغلاف.

وتعرضت المناطق الإسرائيلية الواقعة بمنطقة غلاف غزة للاستهداف بصواريخ فلسطينية انطلقت من شمال القطاع أمس، وسلطت الضوء على عجز الجيش الإسرائيلي عن تحقيق أهداف حربه الانتقامية التي انطلقت قبل 6 أشهر.

جاء ذلك في وقت كشفت صحيفة «نيويورك تايمز» الأميركية، عما وصفته بـ«الحقيقة الصارخة لقتال إسرائيل في غزة»، موضحة أن تل أبيب فشلت في تحقيق هدفيها الأساسيين من الحرب، استعادة جميع الرهائن وتدمير «حماس» بالكامل، حيث قدرت أن الحركة مازالت تحتفظ بما بين 4 و5 آلاف مسلح من عناصرها بشمال القطاع.

في السياق، أفادت تقارير بارتفاع عدد الجثامين في مقبرة جماعية بمستشفى ناصر في خان يونس إلى 310، بعد انتشال 25 جثة أمس.

وفيما طالبت الأمم المتحدة بفتح تحقيق دولي في التقارير الواردة بشأن وجود مقابر جماعية بعد التدمير المرعب لأكبر مجمعين طبيين في القطاع، رفض الجيش الإسرائيلي اتهامه بتنفيذ عمليات دفن جماعي وإعدامات في مستشفيات غزة، وقال إنه استخرج جثثا في محاولة للعثور على الرهائن.

وأتت المطالبة بفتح تحقيق دولي لتزيد من الضغوط الداخلية والخارجية على إسرائيل والولايات المتحدة، غداة نفي وزير الخارجية الأميركي قيام إدارة الرئيس جو بايدن، التي تواجه انقساماً بمعسكرها الديمقراطي قبل الانتخابات الرئاسية المقررة في نوفمبر المقبل، بتوظف معايير مزدوجة في فحص مزاعم انتهاكات حقوق الإنسان ضد الدولة اليهودية.