ماذا تركتم يا حضرات النواب الخمسة لبقية ممثلي الغمّة من جماعات المكتسبين من قوى الجهل، حين يحشرون أنفسهم في أدق خصوصيات البشر تحت ذرائع تنضح بالرياء الاجتماعي والتكسُّب السياسي، وتتم بالتالي مصادرة حقوق الأفراد وحرياتهم؟

ماذا أبقى النواب د. حسن جوهر ومهند الساير وعبدالله المضف ومهلهل المضف وبإضافة تحلية إسلامية بحشر اسم الدكتور الصقعبي، لتكون وصفة الحلو كاملة المرارة، كي تقدموا مثل مشروعكم البائس بتجريم التشبه بالجنس الآخر؟!

Ad

إذا كانت هذه تطلعاتكم التشريعية اليوم، فماذا سيصنع لنا نواب لجنة القيم والعادات بعدكم؟ رغم أن بثّ الحياة في تلك اللجنة المتزمتة بهذا المجلس اللا مبارك، وبفرض عوار خلقها بداية حين تمارس وصايتها القروسطية على سلوك خلق الله، فهي على الأقل واضحة في نهج فكر أعضائها، ولم تمارس ازدواجية المعايير، كما فعلتم يا حضرات النواب ويا فرسان الدائرة المستديرة.

هل كنتم تدرون عن حكم المحكمة الدستورية رقم 5 لسنة 2020، حين قررت المحكمة عدم دستورية التجريم للمادة 198 وتعديلاتها لعام 2007 بخصوص التشبه بالجنس الآخر..؟ «العبارات الفضفاضة غير المحددة الأفعال المؤثمة بصورة قاطعة... المادة 30 من الدستور والحرية الشخصية..» (من كلمات الحكم)، أم أردتم الترقيع للنص اللادستوري حتى تكتمل الصورة البطولية لكم في عوالم المزايدات السياسية، حين تتخفى بجلباب العادات والدين والتقاليد؟

ليس هذا مكاناً للتوسل بالوسطية والمراضاة الاجتماعية حين ينتقد البعض منّا مشروعكم بحجج عن الأولويات البرلمانية، مثل أزمة الإسكان وغيرها من هموم المواطنين، فلا شأن لكم أنتم وغيركم في هذا المجلس وكل مجلس قادم بمسألة التشبه بالجنس الآخر أو العزل الجنسي، أو حين يتقدّم نائب بالسؤال عن الماراثون المختلط، أو حين تطرح لجنة واإسلاماه همومها الكبرى عن ملابس النساء في المولات، أو حين يبلغ الرعب مداه، فيجري أصحاب المولات لرفع أي صورة احتفالية رمزية بسيطة في أعياد الميلاد.

«التشبه بالجنس الآخر» والعبارة هذه ذاتها تدين مسبقاً ضحاياها، فهؤلاء إمّا مرضى في أجسامهم، وهذه كانت بالمناسبة إشكالية فقهية عند كبار الفقهاء المسلمين في عصور قديمة في مسألة التوريث لهذا الإنسان «المشكل»، وإما هي حالة نفسية لصاحبها حين يولد الإنسان بجسم مختلف عن وعيه الروحي «أنثى بجسم ذكر أو العكس»، وتلك أيضاً حالة خاصة مكانها عيادات الأطباء النفسيين، أو لندع صاحبها وشأنه، فمسألة مثل هذه موجودة في كل زمان ومكان من أبي نواس في شرقنا حتى أندريه جيد وغوته وأوسكار وايلد القرن التاسع عشر والعشرين، والكثير من الموهوبين كعلماء أو فنانين عند الغربيين.

مشروعكم مجرد طبعة منقحة لمشروع إعدام المسيء الذي ردّه الأمير الراحل الشيخ صباح الأحمد، ويا خسارة أملنا بهذا المجلس وكل مجلس تنتجه مجتمعاتنا المحنطة.