أصوات النساء مفتاح فوز بايدن بولاية ثانية
المرأة في انتخابات 2024... «الناخب الأكبر» رغم التمثيل المنقوص وإشارات إلى انكفاء نسائي عن الترشح
مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية لعام 2024، يبرز دور سياسات الهوية، لا سيما السياسات المتعلقة بالنوع الاجتماعي «الجندر»، كعامل حاسم يمكن أن يشكل نتيجة السباق.
وفي وقت تواجه إعادة انتخاب الرئيس جو بايدن متاعب فيما يخص السياسة الخارجية، خصوصاً بسبب مواقفه من حرب غزة، وعدم رضا اقتصادي خصوصاً بسبب التضخم، تجد الحملة الديموقراطية فرصة للاستفادة من التأثير المتزايد للنساء الناخبات، اللاتي أصبحن ديموغرافياً قوة محورية في الانتخابات، على الرغم من نقص تاريخي في تمثيلهن بالسياسة.
تمثيل منقوص
وتقول أوبراين إن هناك شيئاً واحداً تقريباً ثابتاً فيما يخص النوع الاجتماعي في السياسة الأميركية، وهو أن الرجال ممثلون بشكل كبير، إذ يشكلون حالياً ثلاثة أرباع حكام الولايات، وثلاثة أرباع أعضاء مجلس الشيوخ، وثلاثة أرباع رؤساء البلديات، وأكثر من 70% من أعضاء الكونغرس، و67% من مشرعي الولايات، و67% من شاغلي المناصب البلدية.
وتؤكد هذه الأرقام أن تمثيل المرأة منقوص بشكل كبير. ومن منظور عالمي، بالنسبة لتمثيل المرأة في مجلس النواب، تأتي الولايات المتحدة تقريباً في الوسط في المرتبة 71، إلى جانب العراق، مباشرة بعد سيراليون وليتوانيا وسنغافورة. ومقارنة بالديموقراطيات الصناعية المتقدمة الأخرى وبلدان أخرى في الأميركتين، تتخلف الولايات المتحدة عندما يتعلق الأمر بتمثيل المرأة.
فجوة في الطموح
وعن أسباب هذا النقص في تمثيل المرأة، تعتقد أوبراين أن هذا الأمر مرتبط بمزيج من العرض، أي استعداد المرأة للترشح، والطلب، أي مدى رغبة الناخبين والنخب في دعم المرشحات.
وفيما يخص العرض، تتحدث أوبراين عما تسميه «فجوة في الطموح»، وهي ترى أن الرجال يعبرون عن طموح سياسي أكثر من النساء، حيث غالباً ما يقول الرجال إنهم فكروا في الترشح للمناصب حتى لو كانوا لا يعتبرون أنفسهم مؤهلين لذلك، فيما تقول النساء ذوات المؤهلات العالية إنه من غير المرجح أن يفكرن في الترشح لمناصب سياسية.
وتوضح أنه حتى بين النساء الطموحات، فإن الأميركيات لديهن موارد ضرورية أقل للترشح، فالنساء لديهن ثروة أقل ووقت أقل وقدرة أقل على الوصول إلى الشبكات السياسية التي يمكن أن تساعدهن على جمع التبرعات.
وفيما يخص الطلب، تلفت أوبراين إلى أنه لا يزال هناك تحيز للناخبين ضد المرشحات، ولا يزال هناك عدد صغير ولكن غير تافه من الأميركيين الذين يعتقدون أن الرجال يقدمون مرشحين سياسيين أفضل من النساء، وتتلقى النساء تشجيعاً أقل للترشح من الأصدقاء والعائلة وكذلك من النخب السياسية، وفي الخلاصة فإن العرض والطلب معاً يعملان على إبقاء تمثيل المرأة منخفضاً.
الناخب الأكبر
وفي الوقت نفسه، تشير أوبراين إلى فجوة كبيرة بين الجنسين من حيث المشاركة، حيث تصوت النساء بشكل أكبر من الرجال، وبعد أن شهدت أعوام 2018 و2020 و2022 زيادات قياسية في ترشيحات النساء، تقول أوبراين إنه على الرغم من أن جميع الولايات لم تغلق بعد المواعيد النهائية لتقديم الطلبات، فإن عدد النساء اللاتي تقدمن بطلبات للترشح، سواء إلى مجلس النواب أو مجلس الشيوخ، حتى الآن، أقل مما كان عليه الأمر عام 2022، وتظهر المؤشرات أن انتخابات 2024 لن تشهد أرقاماً قياسية في ترشح النساء كما حدث في الانتخابات الثلاثة الأخيرة.
انقسام حزبي
وتشدد أوبراين على أن الشيء المهم حقاً، الذي يجب التفكير فيه، هو ما إذا كانت مسألة تمثيل المرأة في السياسة الأميركية قضية متعلقة بسياسات الحزبين، وهي تلاحظ أنه في مجلس النواب الحالي تشكل النساء 15% فقط من نواب الجمهوريين، مقابل 40% للديموقراطيين، كما تشكل النساء 18% فقط من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين، مقابل 31% من الديموقراطيين.
وتقول إنه منذ عام 2016، أصبح تعهد الحزب الديموقراطي بالتزامات تجاه النساء بشكل متزايد أحد ثوابت الحزب الانتخابية، فعندما ترشح لانتخابات عام 2020، تعهد بايدن باختيار امرأة لمنصب نائب الرئيس، وعين بالفعل كامالا هاريس، كما التزم بتشكيل حكومة نصفها رجال والنصف الآخر نساء. وهذا ما حدث بالفعل وحصلت النساء على مناصب مرموقة مثل جانيت يلين، أول وزيرة للخزانة. في المقابل، إذا نظرنا إلى إدارة المرشح الجمهوري الحالي والرئيس السابق دونالد ترامب فسنجد أن ربع المعينين فقط كانوا من النساء، ولم تكن أي منهم في مناصب رفيعة مثل وزارات الخزانة أو الخارجية أو الدفاع.
وترى أوبراين أن ذلك يعكس وجود انقسام في المواقف تجاه تمثيل المرأة بين الحزبين الديموقراطي والجمهوري، وهو انقسام بين النخب وباقي شرائح المواطنين. وفي استطلاع لمعهد «غالوب»، طرح سؤال «هل تعتقد أن هذا البلد سيُحكم بشكل أفضل أو أسوأ إذا كان هناك المزيد من النساء في المناصب السياسية؟»، أجاب 80% من الديموقراطيين بأن البلاد ستُحكم بشكل أفضل إذا تولت النساء مزيداً في المناصب، وقال 32% من الجمهوريين فقط إن البلاد ستُحكم بشكل أفضل.
وتتحدث أوبراين عن فجوة تتسع اطراداً بين الجنسين في اختيارات التصويت منذ عام 1980، حيث كانت النساء أكثر احتمالاً من الرجال للتصويت للمرشح الديموقراطي، والرجال أكثر احتمالاً من النساء للتصويت للمرشح الجمهوري. وبحسب بيانات انتخابات مجلس النواب لعام 2022، صوتت 52% من النساء للديموقراطيين، مقابل 47% للحزب الجمهوري، أي فجوة من 5 نقاط مئوية لمصلحة الديموقراطيين في التصويت النسائي.
وتعتقد أوبراين أن ترامب يواجه متاعب مع الناخبات تتجاوز الميل النسائي التقليدي للتصويت للديموقراطيين، وتتوقع بشكل عام أن يفوز بايدن بأصوات الناخبات من النساء السود والشابات والعازبات والنساء المتعلمات في الجامعات، وتؤكد أن ما يهم حقاً هي الهوامش والتعبئة، فما هو الهامش الذي يستطيع به بايدن الفوز ببعض هذه المجموعات؟ وهل هي كافية لتغطية تقدم ترامب بين مجموعات انتخابية اخرى؟
مفتاح الفوز أم الخسارة؟
وأمام تعقيدات المشهد السياسي الحالي، ووجود نقاط ضعف متعددة في حملة بايدن مثل سنه المتقدم، فإن استراتيجية الحملة الديموقراطية للاعتماد مجددا على أصوات النساء للفوز كما جرى في عام 2020 تواجه تحديات.
وتلفت أوبراين الى استطلاع مشترك بين نيويورك تايمز وسيينا الأسبوع الماضي أظهر تفوق بايدن على ترامب بفارق 16 نقطة (53 مقابل 37) بين النساء، لكنه أظهر كذلك أن النساء أكثر سلبية بكثير بشأن الاقتصاد من الرجال، وهو ما قد يعني أن حملة بايدن قد تضطر إلى العمل بجهد أكبر لتعبئة هذه المجموعة الانتخابية الرئيسية.
أخيراً، قالت السيدة الأميركية الأولى جيل بايدن: «النساء وضعن جو في البيت الأبيض قبل 4 سنوات، والنساء سيفعلن ذلك مجدداً». ويعلق ستيفن روبرتس، أستاذ الصحافة والسياسة في جامعة جورج واشنطن، على ذلك قائلاً إن الجزء الأول من كلام السيدة الأولى لا يمكن نكرانه، لكن الجزء الثاني يجب الانتظار للتحقق منه، معتبرا أنه في حالة خسارة بايدن الرئاسة فستكون أصوات النساء هي السبب.