أم الأولويات
أداء كل برلمان لا يقاس بما يقال، بل بما يُفعل، فسيف الإنجاز الفعلي، كما قال أبوتمام، الواقع أصدق قولاً من كل كتب الشعارات والبرامج وكل صفحات الوعود، لهذا فالبرلمان الجديد مُطالب بجناحيه الحكومي والنيابي بمحو الصورة السابقة عنه كبرلمان مماطل و«راعي طويلة» كما يقال قبل أن تجف ألوانها ويحكم عليه في سطور تاريخ المجالس النيابية بأنه مجلس جعجعة لا يرى بعدها طحناً ولا طحينا!
وأول ما يحتاجه البرلمان الجديد هو احترام الوقت قبل تسطير الأولويات وقبل وضع خارطته حتى، فالوقت الذي تحسبه ساعات الناخبين بالثواني والدقائق والساعات لن يتسع للحساب بالأيام ولا الأسابيع ولا بالشهور كما حدث في المجالس السابقة، فتوقيتنا كمواطنين لم يعد يحتمل رفاهية توقيتكم، وأولوياتنا واضحة وضوح شمس الأصوات في رابعة نهار الانتخابات ولا تحتاج إلى مزيد من دراسة تعاونكم ولا توافقكم ولا حتى أعذاركم.
وأول هذه الأولويات هي تحسين المعيشة وإرواء دخولنا العطشى بماء الزيادات وإسكات عصافير جوع الرواتب بعد مجاعة الأسعار والغلاء التي جففت ضرع قدرتنا الشرائية، هذه الأولوية هي أم الأولويات لدينا ولا يهمنا بعدها انتخابات رئاسة ولا مكتب ولا لجان ولا يهمنا أي أولوية تضعون بعدها في سلم أولوياتكم المسطرة في ديباجات اقتراحاتكم ومشاريع قوانينكم وخرائطكم التشريعية بإدراج اللجان كتابة أو على البوديوم صوتاً وصراخاً أو في اجتماعاتكم همساً، ولن يشغل بالنا أيضاً بعد إزاحة هذا الهم عناوين خلافاتكم ولا تفاصيل توافقكم وتعاونكم ولا هوامشها، المهم والأهم أن تكون هذه الأولوية هي أول ركزة لرمح إنجازكم في بداية المجلس وأول ما يتم الانتهاء منه وطي صفحته وبعدها لكل حادث أولويات عندكم وعندنا حديث، هذه أولويتنا وكل الأولويات لدينا سُنة وأولوية تحسين المعيشة فرض فقوموا إلى مجلسكم يرحمنا ويرحمكم الله.