وصل وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن أمس، إلى الصين في ثاني زيارة له إلى هذا البلد في أقل من عام، بهدف تشديد الضغط على بكين في ملفّات عدة منها دعمها لروسيا، مع السعي في الوقت نفسه إلى إرساء المزيد من الاستقرار في العلاقة.
وتأتي زيارة بلينكن، التي بدأها من شنغهاي حيث حضر مباراة في كرة السلة بين فريقين يضمّان لاعبين أميركيين، بعد زيارة لوزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين إلى الصين، وعودة الاتصالات العسكرية على مستوى وزراء الدفاع للمرة الأولى منذ 18 شهراً وتعاون في مكافحة إنتاج مادة الفنتانيل المسكّنة، التي يستخدمها مدمنو المخدرات على نطاق واسع في الولايات المتحدة، لكن كذلك بالتزامن مع مناورات أميركية ـ فلبينية عسكرية سنوية تجري للمرة الأولى خارج المياه الإقليمية الفلبينية في منطقة متنازع عليها بين بكين ومانيلا، ومبادرات لتوسيع تحالف «أوكوس» الذي يضم الولايات المتحدة وأستراليا وبريطانيا ليضم اليابان وربما كوريا الجنوبية.
وقال مسؤول أميركي كبير قبيل زيارة بلينكن، إن العلاقات الصينية ـ الأميركية اليوم «في وضع مختلف عما كانت عليه قبل عام عندما كانت في أدنى مستوياتها التاريخية».
وأضاف «نرى أيضاً، وأظهرنا ذلك بوضوح، أن إدارة المنافسة بصورة مسؤولة لا تعني أن علينا التخلي عن اتخاذ تدابير لحماية مصالح الولايات المتحدة الوطنية». ويتباين تصميم إدارة بايدن على التعاون مع الصين، بشكل كبير مع الجهود المبذولة لعزل موسكو منذ بدء الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022.
وإن كانت بكين لا تمد موسكو مباشرة بأسلحة، إلا أن واشنطن اتهمتها في الأسابيع الأخيرة بتزويدها بمواد وتكنولوجيات ذات استخدام مزدوج، يمكن أن تساعدها في جهودها لتوسيع إمكانياتها العسكرية، في أكبر عملية إعادة تسلّح تشهدها روسيا منذ الحقبة السوفياتية.
وقال بلينكن الجمعة في ختام اجتماع لمجموعة السبع في كابري في إيطاليا «إن كانت الصين تريد أن تقيم من جهة علاقات ودية مع أوروبا ودول أخرى، لا يمكنها من جهة أخرى أن تعزز ما يعتبر أكبر تهديد للأمن الأوروبي منذ نهاية الحرب الباردة».
وتحدثت تقارير صحافية أميركية عن تدقيق أميركي بأنشطة مصارف صينية فيما يتعلق بالتعامل مع روسيا. كما تحدث بلينكن عن ابادة جماعية في شينجيانغ وهو ملف قديم بتعلق بما تقول واشنطن انه قمع صيني للايغور المسلمين في هذا الإقليم، وهو ما تنفيه بكين.
وتايوان من المسائل الحساسة التي قد يتم طرحها خلال المحادثات. وأعطى الكونغرس الأميركي الضوء الأخضر لمساعدة عسكرية بقيمة 95 مليار دولار لحلفاء واشنطن منها تسعة مليارات لتايبيه. وردت الصين محذرة بأن الدعم العسكري الأميركي للجزيرة يزيد من «مخاطر حصول نزاع»، ملوحة بـ»إجراءات حازمة وفعالة لحماية سيادتها وأمنها وسلامة أراضيها».
ومن المسائل الخلافية الأخرى القانون الذي أقره الكونغرس الأميركي ويقضي بحظر تطبيق تيك توك في الولايات المتحدة ما لم توافق شركته الأم الصينية «بايتدانس»على التنازل عن حصتها فيه. وسئل المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ وينبين أمس، عن المسألة فاكتفى بالتذكير بـ»موقف الصين المبدئي» بهذا الصدد.
ودعت الصين واشنطن في نهاية مارس إلى «احترام قواعد اقتصاد السوق» مؤكدة أنها ستتخذ «كل التدابير الضرورية للحفاظ على حقوقها ومصالحها المشروعة».
ويواجه بايدن في نوفمبر سلفه الجمهوري دونالد ترامب الذي اعتمد في عهده سياسة في غاية الشدة تجاه الصين، في سباق محموم إلى البيت الأبيض.
وأشارت يون سون الباحثة في مركز ستيمسون في واشنطن إلى أن القادة الصينيين في ترقب قبل الانتخابات الأميركية. وقالت «يدرك الصينيون أنه من غير المرجح أن تحمل إدارة بايدن لهم أنباء جيدة على الصعيد التجاري، لأن هذا لا ينسجم مع البرنامج الانتخابي». وأضافت أن الأولوية للقادة الصينيين هذه السنة هي «الحفاظ على استقرار العلاقات» مؤكدة «طالما أن لا وضوح بشأن الإدارة الجديدة، لا أظن أنهم يرون استراتيجية أفضل».
وقبيل وصول بلينكن، اتهمت بكين واشنطن بالتدخل المتكرر في شؤونها الداخلية وتقويض مصالحها.
ونقلت وكالة أنباء الصين الجديدة (شينخوا) عن ممثل لوزارة الخارجية لم تسمه، قوله: «تستمر الولايات المتحدة في الدفع قدما باستراتيجية احتواء الصين، وتواصل اعتماد كلمات وأفعال خاطئة تتدخل في الشأن الداخلي للصين، وتشوه صورة الصين وتقوض مصالحها».