رياح وأوتاد: دكتاتورية الاستحواذ ولجنة الأولويات وميناء مبارك
توقّع ماركس في نظريته الشيوعية أن تصل الدول في النهاية إلى دكتاتورية البروليتاريا، حيث يستولي العمال على وسائل الإنتاج ويستحوذون على الحكم وحدهم. وحكم هتلر والحزب النازي ألمانيا بدكتاتورية عرقية بعد اكتساح حزبهم الاشتراكي الانتخابات، وكذلك عرفت دول عربية وغيرها دكتاتورية الحزب الواحد، وتم فيها رفع شعار «لا صوت يعلو فوق صوت الشعب»، حيث زعموا أنهم وحدهم الذين يمثّلون الشعب. وكل هذه الدكتاتوريات فشلت وجلبت الويلات على بلادها.
وفي ندوة أقامتها الجماعات السياسية، واستضافها د. عبدالله سهر في جامعة الكويت عام 2020، تحدثتُ فيها معترضاً على إنشاء لجنة الأولويات التي تخالف في نظري المواد 55، و76، و98، و181 من اللائحة، وهي المواد التي تضمن للحكومة ولأي خمسة أعضاء في المجلس اعتبار أي موضوع مستعجلاً، كما تنص على انتهاء اللجان من الموضوع المحال إليها خلال ثلاثة أسابيع، وبالتالي يكون التقديم والتأخير للتصويت على القوانين بقرار من المجلس مجتمعاً في قاعة عبدالله السالم، أي أن لجنة الأولويات صادرت حق الحكومة وحق بعض الأعضاء، واستحوذت على الاستعجال في خريطة أقرتها الأغلبية وأجّلت غيرها.
وفي مجلس 2020 قام بعض الأعضاء بتعطيل الجلسات بالفوضى، وتقديم الاستجوابات غير الدستورية، قبل أن يبدأ الوزراء عملهم، حتى قبل قَسَمهم، وغير ذلك من التصرفات غير الدستورية.
وتم استخدام مصطلح الأغلبية التي استمرت في المجالس التالية، فتم وضع أولويات معظمها لا يخدم البلاد والعباد حتى تصدّى لها أمير البلاد في النطق السامي، وتم حل المجلس.
تلك النزعة السابقة أدت إلى عدم الاستقرار، كما أدت إلى أولوية القوانين الأقل أهمية، وأُجل كثير من الموضوعات المهمة لمستقبل التنمية، مثل الإصلاح الاقتصادي، وآلية سوق العمل، والإنفاق الاستثماري، وتحقيق إيرادات جديدة، وتم الالتفات عن الاهتمام بالمشروعات الكبيرة، ومنها ميناء مبارك، وغيرها من المشروعات، واليوم يتباكى بعض النواب على ما حصل في هذا الميناء، مع أنهم يتحملون جزءاً مهماً من المسؤولية، إلى جانب الحكومة، وإذا صدق ظنّي فإن كثيراً من المشكلات سيطفو على السطح في المستقبل نتيجة لضعف الحكومة، ولتجاهل الأغلبية للمشكلات والأولويات الحقيقية للبلاد طوال هذه السنوات.
لذلك، يجب أن تكون أولوية المجلس الجديد هي قضايا التنمية والإصلاح الاقتصادي والمشاريع الكبرى تشريعاً ومتابعة، وأن يحافظ على حقوق النواب الواردة في اللائحة، وألا يتكرر استئثار الأغلبية بموضوعات وقوانين وإقصاء أخرى.