ضياع وتحلطم... يخليكم ربي
من نصدّق، النواب أم الحكومة؟ مع أنه لا توجد حكومة، هي مستقيلة ورئيسها اعتذر، والحكومة الجديدة لم تُولد بعد، والشيوخ أبخص والبلد سماري، أيضاً مرة أخرى نردد هاتفين: الشيوخ أبخص، وكذلك نحن مع الخيل يا شقرا، نزعق بحماسة التمثيل الشعبي المتفرد بالخليج الثائر بأن النواب في مجلسنا الجديد/ القديم أبخص.
لكن توقفوا: لماذا فقط الشيوخ والنواب أبخص؟ نحن أيضاً الذين لا حول لنا ولا قوة أبخص، ولماذا نُتهم دائماً بـ «التحلطم»، مع أن السلطة المشيخية بدورها «تتحلطم» على المجالس المنتخبة حسب مزاجها، وتتذمر من الناس «المتحلطمين»، وتسألهم بتوبيخ غاضب «أنتم شتبون؟» كل الأمور متوفرة لكم، قولوا الحمد لله، واشكروه على النعمة التي أنتم بها... أنتم شتبون بعد؟!
هاجت العواطف الجياشة بالأمس عند عدد من النواب، بعد نشر خبر توقيع اتفاقية بين العراق وتركيا وقطر والإمارات على مشروع «طريق التنمية»، وهو خطوط نقل وسكك حديدية «تربط» الشرق مع الغرب، مثلما الدولة هنا مرتبطة بتغيير الوزارات وحلّ مجالس الأمة والغمة، وتكليف قياديين بالنيابة بصفة مؤقتة، وتكليف لجنة مناقصات غير موجودة.. والأمور واقفة والوزراء واقفون والنواب واقفون والناس يتطلعون ويتساءلون: ماذا يخبئ الغد؟ مع أن غدنا مثل أمسنا وأمسنا مثل يومنا... ويا رب لا تغير علينا... أنتم شتبون بعد؟!
النواب يلومون الحكومات التي يشكّلها دائماً الشيوخ بعد المشاورات التقليدية كسبب لتعطل قضايا التنمية من مدينة الحرير إلى ميناء مبارك إلى محطات الكهرباء... وإلخ... إلخ، من غير بداية ولا نهاية، والحكومة التي تتشكل بعد المشاورات التقليدية تلوم النواب واعتراضاتهم واستجواباتهم الصادقة وغير الصادقة، فهم يوقفون عجلة التنمية، فهم مثلاً وليس حصراً من وقّف مشروع «الداو» وخسرنا البلايين في زمن ليس ببعيد، ووقّفوا عجلات كثيرة بأكثر من توقيف سيارات المرور للمخالفين... رغم أن هذه الأخيرة نادراً ما توقف أي عجلة تسير سماري أو بجنون الهوس العصابي.
الحكومة «المشيخية» الدائمة بودّها أن تصرخ بوجه النواب: لولاكم لكنّا مثل سنغافورة وكوريا... ولدينا آلاف مثل «لي كوان هو» ومهاتير محمد... لكن أحياناً تحدث خلافات في بيتنا الواحد، وهذا أمر طبيعي، فالبشر بطبعهم طموحون، ونحن بشر، وعندنا بعض الطامحين نحو مراكز البخاصة المتصدرة الكراسي العليا... اهدؤوا.
النواب «المنغثون» عند تشكيل كل حكومة جديدة يردون على الحكومات المتبدلة حسب أحوال الطقس المتقلب بأن هذه السلطة وجدت ضالتها وعذرها بالمجلس، فمئات المشاريع لا تحتاج إلى قوانين لم تنفذها الحكومات... وإذا كان هناك تعطيل أو إلغاء لها بسبب سين وجيم واستجوابات ظالمة أم لا، فالكثير منها مردّه أنتم وخلافاتكم الدائمة، واستعمال بعض النواب المحسوبين على زيد وعبيد كمخالب قطط لـ «هوشاتكم» الخفية... ولو كانت لديكم القدرة على الإقناع لانتهينا منها...
كلام طويل عريض... والبلد ضائع تماماً... ما العمل؟!