توترات الشرق الأوسط ليست محفزاً لصعود النفط لأرقام قياسية
فيما بدت في الأفق خلال الفترة الأخيرة توقعات بصعود أسعار النفط إلى ما يفوق 100 دولار للبرميل، بسبب التوترات في الشرق الأوسط، إلا أن هذا لم يحدث وتأرجحت الأسعار عند 90 دولاراً نزولاً إلى ما دون 86 دولاراً للبرميل.
ولعل الأسعار المتقلبة تظهر استجابة للتوترات في الشرق الأوسط كون التجار يواصلون التسعير بدرجات مختلفة من التصعيد أو التهدئة في الصراع بين يوم وآخر، بل ربما يكون بين ساعة وأخرى.
ومع ذلك، فإن الوضع الحالي لأساسيات سوق النفط يحتوي على عدد قليل من ممتصات الصدمات، وما لم تظهر تهديدات مباشرة لإنتاج النفط وصادراته من الشرق الأوسط، فمن المتوقع أن يكون السوق قادراً على استيعاب انخفاض إمدادات النفط الإيراني، سواء كان ذلك بسبب العقوبات الأميركية الأكثر صرامة أو بعض التعطيل لقدرات إيران على إنتاج النفط، كما يبدو في الأفق.
وفيما أدى الهجوم الصاروخي الإسرائيلي، الذي تم الإبلاغ عنه، إلى إحياء المخاوف من تصعيد أوسع نطاقاً، ولكن حتى الآن، لم يتم تهديد أي إمدادات نفط من الشرق الأوسط بشكل مباشر.
وفوق ذلك، فإن السوق في وضع جيد الوقت الحالي، كما يرى بعض الخبراء، حيث أصبح لديه أعلى طاقة احتياطية منذ سنوات، وقد ظهر تراكم للمخزونات التجارية هذا الشهر، ومن شأن ذلك أن يعوض بعض المخاطر الجيوسياسية التي ظلت باقية في السوق منذ هجوم حماس على إسرائيل في أكتوبر الماضي.
ويقدر المحللون أن «أوبك+»، التي عادت مرة أخرى للسيطرة بقوة على سوق النفط، تمتلك طاقة احتياطية تبلغ نحو 5 ملايين برميل يومياً من إنتاج النفط يمكن إعادتها تدريجياً في حالة الضيق الشديد في الأسواق وارتفاع أسعار النفط فوق 100 دولار للبرميل.
وحسب الإحصاءات، فإن ذلك يعد أعلى قدرة فائضة لدى «أوبك» منذ ركود عام 2009، باستثناء عام 2020، عندما أدى الوباء إلى سحق الطلب على النفط وأسعاره، وحجزَ المنتجون العالميون 10 ملايين برميل يومياً من السوق.
وبالنظر الى إمكانيات مجموعة أوبك+ فإنها تستطيع التأثير على أسعار النفط، من خلال إعادة بعض الإمدادات البالغة مليوناً برميل يومياً التي تمنعها حالياً من الوصول إلى السوق - ما لم يكن مضيق هرمز مغلقاً أمام حركة ناقلات النفط، الأمر الذي من شأنه أن يشل صادرات النفط لجميع منتجي الشرق الأوسط. بما في ذلك إيران.
ومن المرجح أن تعكس أسعار النفط بعض هذه المخاطر مع علاوة المخاطر الجيوسياسية في الأشهر المقبلة، لكن هناك اعتقاداً سنحتاج إلى رؤية تصعيد ملموس لنرى ارتفاعاً واضحاً إلى أعلى مستوياته في عام 2022 عند 125 دولاراً للبرميل من 90 دولاراً للبرميل حالياً.
وفي حين أن المخزونات التجارية الأميركية أقل بقليل من متوسط الخمس سنوات لهذا الوقت من العام، فقد كان هناك اتجاه هبوطي للزيادات حتى الآن هذا الشهر، بما في ذلك زيادة المخزون بمقدار 5.8 ملايين برميل للأسبوع المنتهي في 5 أبريل، وزيادة المخزون 2.7 مليون برميل للأسبوع المنتهي في 12 أبريل، وفقاً لتقديرات إدارة معلومات الطاقة.
وأخيراً وليس بآخر فإن القدرة الفائضة العالية لأوبك +، وتراكم المخزونات الأخيرة في الأسواق الرئيسية، والزيادات الإضافية في الإنتاج من خارج أوبك + هذا العام، يمكن أن تخفف من تأثير التوترات في الشرق الأوسط على الأسعار، فضلاً عن أنه إذا لم يحدث انقطاع فعلي في الإمدادات فإن «ممتصات الصدمات» هذه قد تمنع النفط من الارتفاع إلى 100 دولار.